لندن: أشارت تقارير حقوقية محلية ودولية، إلى إن معايير النزاهة المتعارف عليها في دول العالم الديمقراطية، لا تطبق في الانتخابات العربية، ويرى خبراء في السياسة أن الانتخابات في أغلب الدول العربية تواجه تحديات مزمنة انتجت عمليات سياسية تفتقر الى النزاهة والشفافية، ولا تعبر عن ارادة الشعوب.

وشهد العام 2018 العديد من انتخابات رئاسية ونيابية في دول المنطقة العربية، ومنها تونس ومصر ولبنان والعراق، إلا أنها لم تفرز نتائج معبرة عن الإدارة الشعبية الحقيقية، ولم تأت بتغييرات واضحة في المشهد السياسي في كل بلد.

خبراء

ويرجع الخبراء السياسيون ذلك إلى أن العمليات الديمقراطية في الدول العربية، تعاني من انتشار الظواهر السلبية المصاحبة لها، وتتحكم فيها، وهي: الفساد الإداري، وشيوع شراء الأصوات والرشوة والتزوير وتزييف الإرادة السياسية للناخبين، والاستقطاب السياسي والمذهبي والطائفي والقبلي.

 النموذج العراقي

بينما تلقي أزمة نزاهة الانتخابات البرلمانية في العراق بظلالها على المشهد السياسي في المنطقة العربية، بعد ثبوت وجود خروقات ومخالفات كثيرة، ما استدعى صدور قرار من البرلمان بإعادة الفرز يدويًا، لاسيما بعد تعرض مخازن المفوضة العليا للانتخابات للاحتراق، كشف خبراء إن العملية الديمقراطية العربية تعاني من عدة تحديات.

تقارير حقوقية

وقالت تقارير حقوقية محلية ودولية، إن معايير النزاهة المتعارف عليها في دول العالم الديمقراطية، لا تطبق في الانتخابات العربية.

من جهته قال الخبير السياسي محمد عبد السلام، إن هيئة ضمان نزاهة الانتخابات الأميركية تضع تعريفا واضحًا للانتخابات ذات المصداقية، وتقول إنها "تلك التي تتميّز بالشمولية والشفافية والمساءلة والتنافسية".

ثقة الناخب

وأضاف لـ"إيلاف" أنه من الضروري لنزاهة الانتخابات أن تحظى كل مرحلة من العملية الانتخابية بثقة الناخب، مشيرا إلى أنه من الواجب أن تتاح البيانات الانتخابية لكل المواطنين، كي يشاركوا في العملية الانتخابية، ويفهمونها، ويقيّمونها، وأخيراً يقبلوا بنتائجها كونها تعكس إرادتهم، وتعبّر عنها.

ولفت إلى أن الانتخابات في غالبية الدول العربية تعاني من عدة تحديات مزمنة، وتتمثل في الاستقطاب بكافة أشكاله، سواء السياسي أو المذهبي أو الطائفي أو المناطقي أو القبلي، مما يعوق إجراء انتخابات تتسم بالنزاهة والشفافية.

الرشوة السياسية

وبدوره رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، جمال عبد الغني، إن الفساد الإداري يعتبر عامل خطير يقف حائلًا دون تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة في الدول العربية، موضحًا أن الرشوة والعنف عادة ما تلازمان أية انتخابات في تلك الدول، بسبب انتشار الفقر، رغبة القوى السياسية أو المذهبية أو القائمة في السلطة في تحقيق نتائج تضمن لها استمرار مصالحها والمكاسب السياسية والمادية.

وأوضح لـ"إيلاف" أن الرشوة السياسية في الانتخابات يقدمها المرشحون أو الأحزاب أو التكتلات السياسية أو حتى الجهات الإدارية الرسمية، مشيرا إلى أن أشكالها تتنوع ما بين المال أو السلع الغذائية أو الخدمات والمرافق.

دراسة

ووفقًا لدراسة صادرة مركز دراسات الوحدة العربية، بعنوان "النزاهة في الانتخابات البرلمانية: مقوماتها وآلياتها في الأقطار العربية"، فإن الدول العربية تعاني من "عدم تطور أنظمة انتخابات عصرية قادرة على إنتاج مجالس تشريعية تعكس الإرادة الشعبية بوضوح وشفافية في معظم الأقطار العربية".

وأضافت أن "الفشل على مسار الإصلاح السياسي في تلك الأقطار يعتبر أحد أخطر أسباب فقدان النزاهة في الانتخابات"، مشيرة إلى أن "تحقيق الإصلاح السياسي أضحى ضرورة حيوية لتمكن الدول العربية من مواجهة تحديات العولمة المتسارعة في عالمنا الحاضر، وتتيح لها الإمكانات اللازمة إلى التصدي لانتشار الفساد المتزايد المواكب لمسيرة العولمة".

المجتمعات المدنية

وشددت الدراسة على "ضرورة بلورة رؤية واضحة تمكن أقطارنا العربية من تحقيق وتفعيل آلية شفافة ونزيهة للانتخابات البرلمانية، تؤدي إلى إنتاج نظام سياسي يتيح للإرادة الشعبية التعبير عن نفسها ضمن مؤسسات الدولة وبخاصة التشريعية بما يضمن تلك المشاركة الفاعلة عن طريق تحقيق صحة التمثيل للقوى الشعبية الفاعلة ضمن البرلمانات العربية".

ودعت الدراسة "المجتمعات المدنية العربية للقيام بتفعيل الضغوط الشعبية على الحكومات العربية لتحقيق آلية تضمن نزاهة الانتخابات، من دون إخضاعها للتجاذبات السياسية الداخلية، بما يمكّن أقطارنا العربية من دعم مسيرتها لتحقيق ديمقراطية حقيقة تساعدها على تحقيق الانتظام والاستقرار في الحياة السياسية".