لندن: حين بدأت دار سوذبي مزادها الموسمي الصيفي في لندن لأعمال الفن الانطباعي والفن الحديث جاءت النتائج مفاجئة بعض الشيء بعد الأسعار العالية التي سجلتها هذه الفئة من الأعمال الفنية. 

وعلى سبيل المثال أن المزاد عرض 36 عملا لفنانين كبار بينهم بيكاسو وشاغال ومونيه وجياكوميتي ولكن لم تُبع منها إلا 26 عملا وبعضها بأسعار أقل مما كانت تتوقعه التقديرات قبل المزاد. ولم يكن أداء مزاد كريستي أفضل إلا بدرجة طفيفة. 

سوق الفن يعاني

وتكافح الداران لعرض أعمال فنية نادرة لم تُشاهد من قبل للبيع. ولكن خبراء قالوا إن من الصعب إيجاد مادة جديدة مشيرين إلى أنّ كثرة المزادات جعلت المقتنين يفقدون الاهتمام وان سوق الفن يعاني من الإنهاك.

ويشير الخبراء إلى أنّ القيمة النقدية للفن تكون احياناً محيرة وتبدو من المفاهيم الاعتباطية للعالم الحديث وعصية على الفهم مثل كثير من الأشياء في هذا العالم. ولكن سوق الفن يبقى في نهاية المطاف مثل أي سوق، ترتفع فيها الأسعار وتهبط طول الوقت بتأثير عدد من العوامل. وان قيمة العمل الفني لا تمت بصلة إلى العمل نفسه بقدر صلتها بالشخص الراغب في شرائه. 

وقالت الخبيرة الفنية ماريون مانيكر ان القيم الفنية يحددها المشترون المستقبليون وليس المبيعات السابقة. ولأن من المتعذر تطبيق المعايير المالية التي تسري على السيولة النقدية للأسهم والسندات على الفن فان القيم المستقبلية للأعمال الفنية تبقى لغزاً. 

وبحسب مانيكر فان هذا اللغز هو أحد الأسباب لاقامة مزادادت فنية لأنها تتيح قياس القيمة السوقية للعمل الفني. ولاحظت ان سوق الفن شهد فترة طويلة من ارتفاع الأسعار خلال السنوات الثمانية الماضية. 

وفي الوقت نفسه فان قوى اقتصادية عامة مثل أسعار الفائدة والنمو العالمي لم تقدم لتجار الفن اسباباً تُذكر لبيع ما لديهم من اعمال. وأحد الاتجاهات الناجمة عن ذلك ان المقتنين أخذوا يبحثون عن اعمال فنية تبدو دون قيمتها ويمكن ان ترتفع اسعارها نتيجة ارتفاع سمعتها التاريخية. 

وأضافت أن الأسعار القياسية التي سجلتها أعمال للفنانين جياكوميتي وبيكاسو وسيزان ومودلياني تحققت خلال السنوات القليلة الماضية منوهة بأن تحديد قيمة دائمة للأعمال يستغرق وقتاً طويلا. 

اهتمام بالأعمال المعاصرة

ورغم ان الأسماء الكبيرة في الفن الانطباعي والفن الحديث تهيمن على قمة سوق الفن بصفة عامة فان هذا لا يعني ان كل أعمال الفني الانطباعي والحديث ستحافظ على قيمتها العالية أو تواكب قيمة الأعمال التي تتربع على القمة. وفي النهاية تتناقص المادة التي "أُغفلت" في فئة الفن الانطباعي والحديث ولهذا السبب لا نشهد القوى المحركة نفسها في السوق، بحسب الخبيرة مانيكر. 

ويعني هذا ان من المستبعد أن يأتي يوم لا تكون فيه اعمال بيكاسو ومونيه ذات قيمة عالية أو مطلوبة. ولكن يبدو ان هناك تحولا في سوق الفن يتسم بتزايد الاهتمام بالأعمال المعاصرة بسبب رغبة المقتني في شراء اعمال ليست معروفة لفنان معروف من اواخر القرن العشرين بأمل أن تزداد قيمة العمل لاحقاً. وقياساً على ما حدث في مزاد سوذبي للفن المعاصر فان هذا التقدير يبدو صحيحاً. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "آرت سبيس". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.artspace.com/magazine/news_events/art_market/impressionist-and-modern-art-is-losing-value-at-auctioncould-this-be-a-good-thing-55502