هلسنكي: رحّب الرئيس الاميركي دونالد ترمب الاثنين بـ"بداية جيدة جدا" للقمة التاريخية التي جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف تهدئة التوتر الذي يخيم على العلاقات بين القوتين النوويتين العظميين.

وبعد لقاء ثنائي استمر اكثر من ساعتين ضم اليهما فقط المترجمين، دعا الرئيسان فريقي عملهما الى غداء عمل في غرفة استقبال أخرى داخل القصر، من المقرر ان يعقد بعده الرئيسان الاميركي والروسي مؤتمرا صحافيا مشتركا.

تنازلات

ومن سوريا وصولا الى القرم، يخشى العديد من الدبلوماسيين والمحللين سلسلة تنازلات تقدم للرئيس الروسي.

واحتفظ بوتين الذي وصل هلسنكي ظهرا بعدما حضر في موسكو المباراة النهائية الاحد بين فرنسا وكرواتيا، حتى الان بالصمت بخصوص توقعاته من القمة.

وسيكون لسوريا حصة كبيرة في المحادثات بين الرئيسين. فترمب يسعى لنأي بلاده عن النزاع بأسرع ما يمكن وسحب القوات الاميركية المنتشرة في المنطقة.

في المقابل، لروسيا وجود عسكري في هذا البلد منذ العام 2015 دعما لنظام بشار الاسد وهي تعتزم أكثر من أي وقت مضى أن تلعب دورا أساسيا فيه.

كما يلتزم ترمب منذ أسابيع عدة موقفا ملتبسا حول شبه جزيرة القرم اذ يرفض أن يستبعد بوضوح الاعتراف بضمها من قبل روسيا.

وسبق لترمب على غرار اسلافه الجمهوريين والديموقراطيين لقاء بوتين.

لكن نمط اللقاء وتوقيته يجعلان من قمة هلسنكي حدثا فريدا فهي المرحلة الاخيرة من جولة يقوم بها قطب الأعمال منذ اسبوع في أوروبا وشن خلالها هجوما على حلفائه في مقدمتهم المانيا لكن مع تفادي توجيه أي انتقاد الى نظيره الروسي.

وكان الرئيس الاميركي اعتبر عشية القمة ان روسيا والاتحاد الاوروبي والصين "خصوم" للولايات المتحدة لاسباب عدة، موضحا انه يرى فيهم "منافسين" لبلاده.

من جهته دعا رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الاثنين كلا من الصين والولايات المتحدة وروسيا الى "تجنب الفوضى" التي ستتأتى عن حرب تجارية.

وقال توسك "نحن اليوم امام معضلة: اما المواجهة من خلال حروب جمركية ونزاعات كما يحصل في اوكرانيا وسوريا، واما البحث عن حلول مبنية على قواعد عادلة".

المسألة الثانية التي تلقي بظلالها الى حد كبير على اللقاء هي التحقيق الذي يقوده المحقق المستقل روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية في العام 2016 لصالح حملة ترمب.

وعاد التحقيق الى قلب الحدث قبل ثلاثة أيام فقط على القمة مع توجيه مولر الاتهام الى 12 عميل استخبارات روسي بقرصنة أجهزة كمبيوتر للحزب الديموقراطي.

وتعهد ترمب إثارة المسألة مع نظيره الروسي لكن أحدا لا يتوقع أن يطالبه بتقديم توضيحات بشكل رسمي.

فعلاوة على تنديد ترمب ب"حملة سياسية" ضده، بدا مرارا وكأنه يقف في صف بوتين الذي ينفي أي تدخل رغم اجماع وكالات الاستخبارات الاميركية على العكس.

هل يخاطر ترمب بان يجد نفسه في موقع ضعف أمام بوتين المدرب على رصد نقاط الضعف لدى خصومه؟

وحضه عدد من اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين على عدم التفاوض على انفراد وكتبوا في رسالة مفتوحة "لا بد من وجود أميركيين آخرين في الغرفة".

لكن ترمب يقول منذ أسابيع "هل سأكون مستعدا؟ أنا مستعد تماما!"، مضيفا قبل بضعة أيام أمام أنصار له في مونتانا "لقد استعديت طيلة حياتي لمثل هذا الامر".

وهذه المرة الرابعة التي يلتقي فيها رؤساء من البلدين في العاصمة الفنلندية. وعلى هذا الاساس فقط ستندرج القمة في سياق القمم السابقة بين جيرالد فورد وليونيد بريجنيف (1975) وجورج بوش الاب وميخائيل غورباتشيوف (1990) وبيل كلينتون وبوريس يلتسين (1997).