واشنطن: يمكن القول إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب "انتحر سياسيا" لإرضاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في العاصمة الفلندنية هلسنكي الثلاثاء. 

ترمب بدلاً من إدانة موسكو "بمزاعم تدخلها بالانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016" قامت بتبرئتها وأخذ يطعن بمصداقية مؤسسات أميركية مثل أجهزة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل التي يرأسها شخصيات عينها بنفسه.

وضرب الأداء الذي ظهر به قائد البيت الأبيض "الكرامة الأميركية" في مقتل، وشعر قطاع واسع في الأوساط السياسية في واشنطن بما فيهم القيادات الكبيرة والمؤثرة في الحزب الجمهوري بأن بلادهم "تم إذلالها وإهانتها على يد الرئيس أمام قائد لدولة عدوة للولايات المتحدة"، وفقاً لما أوحت بيانات قوية أصدرها هؤلاء، أعطت مؤشراً أنهم قرروا بعد تردد ومحاباة استمرا طويلا، أن ينهوا حمايتهم لترمب المتهمة حملته الانتخابية بالتواطؤ مع روسيا، ويسلكوا طريق أسلافهم الذين قرروا في 1974 التصويت لقرار عزل الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون. 

وانشغل سياسيون ووسائل إعلام أميركية بمحاولة تبرير "سلوك ترمب وغير المفهوم بالدفاع عن بوتين وتكذيب المؤسسات الوطنية" الذي أحياء الحديث "عن مدى مصداقية صحة تقارير أجهزة الاستخبارات الأميركية عن احتمالية أن تكون روسيا صورت ترمب بأوضاع مخلة مع بائعات هوى خلال إقامته في فندق الريتز كارلتون في موسكو عام 2013". 

وإذا تم تجاوز تصريحات بعض معارضي الرئيس التي صدرت أمس، ومنهم تشاك شومر زعيم الاقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ "حول صحة مزاعم الابتزاز"، فإن قناة فوكس نيوز المدافعة الشرسة عن ترمب لم تجد حرجاً من تكرار سؤال طُرح خلال المؤتمر الصحافي على بوتين خلال مقابلة معه الثلاثاء "عمّا إذا كان لديه شيء ما يبتز به ترمب"، وهو ما نفاه الرئيس الروسي.

وقال رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري بول راين في بيان الثلاثاء "يجب على الرئيس أن يعلم أن روسيا ليست حليفاً لبلادنا بل هي معادية لنا، ولقيمنا ومبادئنا الأساسية".

وعارض راين ترمب في تبرئته لروسيا من التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 وقال "لا شك في أن روسيا تدخلت في انتخاباتنا وتواصل محاولات تقويض الديمقراطية هنا وحول العالم. هذا ليس ما أثبتته أجهزة الاستخبارات الأميركية و لجنة الاستخبارات في مجلس النواب".

وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في تصريحات إلى الصحافيين حينما سئل عن تصريحات ترمب في المؤتمر مع بوتين "قلت مرارا أن الروس ليسوا أصدقائنا، وانا أثق تماما بأجهزة استخباراتنا".

 ولاحظ رئيس لجنة التسليح في مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين "، إن تصريحات ترمب كانت واحدة من أكثر الأشياء إساءة لبلادنا تصدر من رئيس أميركي في تاريخنا".

وقال رئيس مجلس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الجمهوري بوب كوركر، وهو دائم الانتقاد للرئيس الأميركي "لقد جعلنا ترمب نبدو كدولة تابعة لبوتين، أشعر بخيبة أمل وحزن كبيرين".

 ووجه عضو مجلس الشيوخ الجمهوري بن ساس، انتقادات لاذعة ونادرة في بيان أصدره بعد انتهاء المؤتمر الصحافي ورفض "أن يحمل ترمب البلدين، روسيا والولايات المتحدة، مسؤولية تردي العلاقات بينها".

ولاحظ ساس "أن تصريح ترمب خاطئ تماماً وغريب، فالولايات المتحدة ليست مسؤولة. هي تريد علاقة جيدة مع الشعب الروسي لكن فلاديمير بوتين ومن سبقه يتحملون المسؤولية عن العدوان الذي يشن (من قبل روسيا) على بلدنا" .

وحذر ترمب "من ممارسة مثل هذه الأمور غير الأخلاقية، فهو بهذه التصرفات يمنح بوتين نصراً دعائيًا يحتاجه بشدة".

وكان لافتاً أن قيادات جمهورية في الكونجغرس معروفة بصلتها الوثيقة مع ترمب، انقلبت عليه بسبب ما أدلى به خلال المؤتمر الصحافي، مثل أعضاء مجلس الشيوخ تيم سكوت وسوزان كلولينز وليندسي غراهام والأخير قال في تغريدة على تويتر "إن بوتين سيرى سلوك ترمب دليل ضعف".

فيما قال سكوت في تغريدة هو الآخر "قمة الرئيس في هلسنكي كان يجب أن تكون محاولة لمواجهة العدوان الروسي والقرصنة والتدخل في الانتخابات (...) ".

وأعلنت كلوينز في تصريحات صحافية الثلاثاء "اختلافها بشدة مع ترمب وكان عليه أن يتجنب التشكيك بأجهزة الاستخبارات، لإعطاء مصداقية لإنكار بوتين".

وقال عضو مجلس النواب الجمهوري ليز تشيني في تغريدة الثلاثاء عبر موقع تويتر "بصفتي عضوا في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، أشعر بقلق عميق من دفاع الرئيس ترمب عن بوتين ضد أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة، وقوله بالتعادل الأخلاقي بين الولايات المتحدة وروسيا".