واشنطن: عاد الرئيس الاميركي دونالد ترمب ليل الاثنين من جولته الاوروبية وسط غضب عارم في واشنطن حيث ندد مسؤولون كبار في الاستخبارات وفي الحزب الجمهوري بعدم مواجهته نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قضية التدخل في الانتخابات الاميركية معتبرين ان موقفه "مشين" و"مخز".

وأعلن السناتور الجمهوري جون ماكين ان أخذ ترمب بنفي بوتين كان "احد اسوأ اللحظات" في تاريخ الرئاسة الاميركية، وان قمة هلسنكي بين الرئيسين كانت "خطأ مأساويا".

وقال ماكين إن "المؤتمر الصحافي اليوم (الاثنين) في هلسنكي كان احد أسوأ الاداءات المخزية لرئيس اميركي في التاريخ"، مشيرا إلى أن "الضرر الذي احدثه ترمب بسذاجته وغروره ومساواته الزائفة (بين موسكو والأجهزة الأميركية) وتعاطفه مع حكام متسلطين أمر يصعب تقديره".

وأضاف "لم يسبق لرئيس أن حط من قيمته بهذا القدر من الذل أمام طاغية".

ورد مدير الاستخبارات الاميركية دان كوتس بشكل مباشر على ترمب، الذي عينه في المنصب، مؤكدا ان تقييم اجهزة الاستخبارات واستنتاجها بان موسكو تدخلت في السباق الرئاسي قبل عامين كان "واضحا" و"مبنيا على وقائع".

ورفض ترمب خلال قمة هلسنكي مع فلاديمير بوتين اتهام روسيا بهذا التدخل، موازيا ما بين اتهامات اجهزة الاستخبارات الاميركية لروسيا بالتدخل، ونفي بوتين لذلك.

وتابع كوتس ان روسيا "لا تزال تبذل جهودا متواصلة ومكثفة لتقويض ديموقراطيتنا".

النفي جاء بعد اتهام 12 روسيا

كان رد ترمب على سؤال حول عمليات القرصنة والتدخل الروسي في انتخابات 2016 التي فاز فيها على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، صادما لحلفائه الاميركيين وخصومه على السواء.

وقال ترمب إن بوتين "قال للتو ان روسيا لم تقم بذلك. وانا اقول: لا ارى سببا لكي تكون روسيا هي الفاعلة".

وجاء ذلك بعد ثلاثة ايام من توجيه المحقق الخاص روبرت مولر الاتهام الى 12 عنصرا في الاستخبارات الروسية بقرصنة حواسيب الحزب الديموقراطي، في آخر تطور ضمن سلسلة من التحركات التي قامت بها الإدارة الأميركية منذ نهاية 2016 ردا على ما تصفه الاستخبارات الاميركية بمخطط كبير اداره بوتين نفسه من اجل ترجيح الكفة لصالح المرشح ترمب.

الا ان ترمب بدا مقتنعا بنفي بوتين لأي تدخل. وقال ترمب "لدي ثقة كبيرة بالاستخبارات الاميركية. لكنني ساقول لكم إن نفي الرئيس بوتين اليوم كان شديدا جدا وقويا".

كذلك رحب ترمب بعرض بوتين التعاون بين محققين روس ومدعين اميركيين في قضية اتهام 12 عنصرا في الاستخبارات الروسية، بقوله "اعتقد انه عرض رائع".

ودان سياسيون من الحزبين الجمهوري والديموقراطي ترمب موجهين اليه انتقادات لاذعة جاءت عبر شبكة فوكس نيوز المؤيدة عادة للملياردير الاميركي.

وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري بول راين "على الرئيس ان يدرك ان روسيا ليست حليفتنا". وقال راين في بيان "لا يمكن المساواة اخلاقيا بين الولايات المتحدة وروسيا التي تبقى معادية لمثلنا وقيمنا الاساسية".

وقال زعيم الجمهوريين السناتور ليندسي غراهام ان رد ترمب في قضية التدخل "ستعتبره روسيا علامة ضعف".

وتوجه ترمب الى القمة عازما على بناء روابط شخصية مع سيد الكرملين، مبررا تدهور العلاقات إلى المستوى الحالي بـ"غباء" اسلافه.

وقال السناتور الجمهوري والمعارض الشرس لترمب جيف فليك "هذا مخز. لم اعتقد يوما انني سارى رئيسا اميركيا يقف مع الرئيس الروسي ويحمل الولايات المتحدة مسؤولية العدائية الروسية".

إعطاء الضوء الاخضر للتدخل

واستخدم الديموقراطيون لغة اكثر حدة وصلت الى حد اتهام ترمب بـ"الخيانة".

وقال زعيم المعارضة الديموقراطية في مجلس الشيوخ الاميركي تشاك شومر "من غير المسؤول والخطير والضعيف ان يكون رئيس الولايات المتحدة مع الرئيس بوتين ضد سلطات انفاذ القانون الاميركية، ومسؤولي وزارة الدفاع الاميركيين، واجهزة الاستخبارات الاميركية".

وقال النائب الديموقراطي عن كاليفورنيا جيمي غوميز "الوقوف مع بوتين ضد الاستخبارات الاميركية يثير الاشمئزاز. عدم الدفاع عن الولايات المتحدة يصل إلى شفير الخيانة".

وقال آدم شيف كبير الديموقراطيين في لجنة الاستخبارات في الكونغرس الاميركي إن ترمب اعطى بوتين "ضوءا اخضر للتدخل في 2018".

وجاء انتقاد السناتور الديموقراطي كريس مورفي اكثر حدة بقوله "هذه الرحلة برمتها كانت بمثابة شتيمة كبرى وجهها الرئيس الاميركي الى بلاده".

واعتُبر تصريح كوتس بمثابة دفاع مفاجئ غير معهود من قبل الاستخبارات الاميركية بوجه البيت الابيض. الا ان تعليق المدراء السابقين للاستخبارات كان اكثر صراحة.

ووصف المدير السابق للاستخبارات جيمس كلابر اذعان ترمب لبوتين بانه "استسلام لا يعقل"، بينما اعتبر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية انه "خيانة وليس اقل".