إيلاف من القاهرة: أطلقت إيران تهديدات بإغلاق مضيق هرمز، بينما تطلق مليشيات الحوثي التابع لها في اليمن تهديدات مماثلة بالسيطرة على مضيق باب المندب، مما يمثل تهديدًا واضحًا للملاحة الدولية ومسارات التجارة العالمية.

وقال خبراء استيراتيجيون إن المجتمع الدولي لن يسمح لإيران أو ميلشياتها الحوثية في اليمن بتنفيذ تلك التهديدات الجوفاء.

وقال الخبير الاستيراتيجي اللواء نبيل فؤاد، إن التهديدات الإيرانية الحوثية بإغلاق مضيقي باب المندب وهرمز ليست جدية، مشيرًا إلى أن هذه الممرات البحرية تعتبر من أهم مسارات التجارة العالمية، وتمثل جزء أساسي من مصالح دول أوروبا وأميركا والغرب كلها، لاسيما أنه يمثل لهم أحد أهم خطوط الملاحة الرئيسية التي تنقل إليهم النفط من خلاله وفي زمن قياسي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن أوروبا وأمريكا ودول الغرب عمومًا لن تسمح لأي دولة، أو ميلشيات مسلحة بالسيطرة على أية ممرات ملاحية أو التأثير على حيويتها أو انتهاك أمنها بما يؤثر سلبًا على مسار التجارة الدولية.

وكشف أن التهديدات الحوثية والإيرانية، تمثل محاولة منهم لتخفيف الضغط العسكري الذي يقوم به التحالف العربي وقوات الحكومة اليمنية على ميناء الحديدة الإستيراتيجي، وفي الوقت نفسه الضغط على أميركا وأوروبا في مسألة تصدير النفط الإيراني.

وقال الخبير الأمني اللواء محمد رشاد، إن مختلف دول العالم لديها قطع بحرية في مضيق باب المندب أو مضيق هرمز من أجل تأمين مرور التجارة الدولية عبره.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الحوثيين أو إيران أو أية قوة أخرى، ليس لديها قدرة أو إمكانيات للسيطرة عليه، ولا يمكن أن تسمح لهم دول العالم بالسعي إلى تهديد الملاحة الدولية فيه.

وقال إن الحوثيين أو إيران ليسوا بالغباء الذي يجعلهم يهددون الملاحة الدولية، لأنم سوف يواجهون دول العالم أجمع، وليس دول التحالف العربي بقيادة السعودية فقط.

وأشار إلى أن التلويح بالسيطرة أو تهديد الملاحة الدولية، لا تخرج عن كونها تهديدات جوفاء الهدف منها تخفيف الضغط الدولي على إيران بعد إلغاء أميركا الاتفاق النووي، وتخفيف الضغط على ميلشياتها الحوثية في اليمن، مشيرا إلى أن هذه الأهداف مكشوفة للعالم أجمع، ولن يسمح لهم بتهديد الملاحة الدولية في المضيق.

وأشار إلى أن إيران تعاني الآن من أزمة دولية بسبب الملف النووي والتدخلات في الدول العربية الأخرى، ومنها العراق وسوريا واليمن، وتحاول اللعب بالأوراق المتاحة تحت أيديها، ومنها التلويح بتهديد الملاحة الدولية في مضيق هرممز، لكنها لن تجرؤ على اتخاذ أية خطوات فعلية على أرض الواقع.

وحسب دراسة لمركز أليسون لدراسات السياسة الخارجية التابع لمؤسسة التراث الأمريكي، فإن مضيقي باب المندب وهرمز أخطر المضايق وأكثرها محلاً للتنازع الجيوسياسي في العالم.

وكشفت الدراسة أن التدخُّل الإيراني في اليمن جعل الوضع الخطير أكثر سوءاً، وسمحت الفوضى لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالازدهار والتطور ليصبح واحداً من أقوى التهديدات الإرهابية على الولايات المتحدة.

غير أن الدراسة ترى أن التهديد الذي يعترض الملاحة عبر باب المندب من اليمن حقيقي. ففي عام 2016، أطلق المتمردون الحوثيون صواريخ على سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية قرب باب المندب.

ونَشَرَت قوات الحوثي أيضاً ألغاماً على طول الساحل اليمني، واستخدمت قوارب يتم التحكم بها عن بُعد مليئة بالمتفجرات في هجومٍ فاشل على ميناء المخا اليمني في يوليو 2017.

وأخيراً، شنَّ الحوثيون أيضاً العديد من الهجمات البحرية الفاشلة على سفن في البحر الأحمر، بما في ذلك قارب مُسلَّح تسبَّب في أضرار بناقلة نفط سعودية قرب ميناء الحُديدة أبريل الماضي.

وقالت الدراسة، إنه بالنظر إلى أنَّ ناقلات النفط تنقل حوالي 4.7 مليون برميل من النفط يومياً عبر باب المندب، فإنَّ المخاطر تكون أكبر. ومع الانخراط الصيني المتزايد، أصبحت الحرب التي لا تنتهي أبداً في اليمن أرضاً خصبة للإرهاب، وحذرت الدراسة من أن الولايات المتحدة لا يمكنها تجاهل مضيق باب المندب في دور إيران المتزايد في المنطقة وخاصة اليمن.

وأضافت الدراسة إن الحرب الأهلية في اليمن والنزاع الحدودي بين إرتريا وجيبوتي، تعني أنَّ صراعاً مستمراً يحيط بالمضيق، فخلال السنوات الأخيرة، حاولت كلٌ من الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلنطي (الناتو) والاتحاد الأوروبي جميعهم القيام بعمليات لمكافحة الإرهاب والقرصنة في المنطقة.

وعلاوة على ذلك، يمتلك الأميركيون، والصينيون، والألمان، والفرنسيون، والقطريون، والإماراتيون، والسعوديون، واليابانيون، والإيطاليون، جميعهم نوعاً من الوجود العسكري قرب باب المندب.

إلا أن الدولتين الواقعتين على جانبي المضيق، اليمن وجيبوتي، بالكاد تنعمان بالاستقرار. إذ تعاني جمهورية جيبوتي الإفريقية الصغيرة من الفساد السياسي، وانعدام الكفاءة الاقتصادية، والمكائد الدولية.

وقالت الدراسة إن الميلشيات الحوثية لا تمثل تهديدات لمضيق باب المندب فقط، بل أصبحت تمثل تهديدات اليمن للمنطقة، لاسيما أنها تسببت في اغراق اليمن في الفوضى، مما سمح بانتشار المجموعات الإرهابية في ذلك البلد الفقير وصاحب التضاريس الوعرة.

وكانت إيران أعلنت الأسبوع الماضي، إرسال حاملة مروحيات ومدمرة في مهمة إلى خليج عدن ومضيق باب المندب.

وقالت وكالة "مهر" الإيرانية إلى أن البحرية أعلنت إطلاقها أكبر أسطول بحري لإسناد منطقة غرب آسيا، وتضمن حاملة المروحيات "خارك" والمدمرة "سبلان" ضمن أسطول 54 الحربي التابع للقوات البحرية الإيرانية.

وتابعت الوكالة أن الأخصائيين والخبراء في القوات البحرية الإيرانية، تمكنوا من إطلاق الأسطول البحري، بعد أربع سنوات من الجهود المتواصلة لإعادة تأهيل حاملة مروحيات "خارك".

وأوضحت أن الحاملة "خارك" بدأت مهمتها في جولة ستشمل خليج عدن وشمال الأقيانوس الهندي ومضيق باب المندب برفقة المدمرة "سبلان".

وكان القيادي في الحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل كوثري، هدد أيضًا بإغلاق مضيق هرمز في حال قررت الولايات المتحدة عرقلة توريدات النفط الإيراني، وقال: "في حال كانوا يريدون إيقاف الصادرات النفطية الإيرانية، نحن لن نسمح بمرور أي شحنة نفط عبر مضيق هرمز"، مضيفًا أن “20% من نفط العالم يمر من مضيق هرمز، والعالم بحاجة لهذا النفط، لذا أي تحرك عدائي من أمريكا ستكون له تبعات كبيرة عليها".