لا تزال الصحف العربية تولي اهتماما بقمة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين التي عقدت في العاصمة الفنلندية هلسنكي يوم الاثنين الماضي.

ورأى العديد من الكُتّاب أن القمة "كرّست اعترافاً أمريكياً بالنفوذِ الروسي العالمي"، وأنها قد تسهم في "إرخاء التوتر" السائد في العلاقات الثنائية، بينما رأى آخرون أن القمة - بسبب "عقم أداء ترامب في المباحثات" - ستُعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر.

اعتراف بالنفوذ الروسي

وتقول ليلى نقولا في السودان اليوم: "لقد أرّخت قمّة بوتين وترامب إلى بدء مرحلةٍ جديدةٍ من الانفراج الدولي، وكرّست اعترافاً أمريكياً بالنفوذِ الروسي العالمي، فالقضايا التي ناقشها الزعيمان، والبيان الختامي الذي أعلناه أكّد على أن الأمريكيين لن يستطيعوا بعد الآن الادّعاء أن لهم الكلمة في سوريا أو في أوروبا الشرقية، أو في تقريرِ أسعارِ النفط العالمي، أو سباق التسلّح النووي ... من دون الأخذ بعينِ الاعتبار الموقف الروسي من القضية".

ويقول أسعد عبد الرحمن في الرأي الأردنية: "مهما كانت المحركات الظاهرة والخفية في قمة العملاقين، فإن العديد من التقييمات يتحدث عن انعدام إمكانية التوصل إلى اتفاق سحري على حل القضايا الخلافية العالقة، فهي قمة انعقدت من دون برنامج عمل واضح متفق عليه مسبقاً. وفي أحسن الأحوال، وإن حققت القمة نوعاً من التفاهم على عدد محدود من القضايا وليس الاتفاق الواضح عليها، لكنها قد تسهم في إرخاء التوتر السائد، ولربما المتنامي، في العلاقات الثنائية".

غير أن صادق ناشر يرى رأيا آخر في الخليج الإماراتية، حيث يقول: "على عكس ما كان يتوقع الكثيرون من قمة ترامب بوتين من انفراج في العلاقات بين البلدين وفي المناطق الساخنة من العالم، بما فيها الشرق الأوسط، فإن عقم أداء ترامب في المباحثات مع بوتين، أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر، وسيجنيها العالم لاحقاً بشكل أسوأ من المتوقع".

المسألة السورية وأمن إسرائيل

ويقول بكر صدقي في القدس العربي اللندنية: "إن ترامب الذي ملأ الدنيا ضجيجاً حول نيته بطرد الإيرانيين من سوريا والإقليم، اكتفى هذه المرة بالحديث عن وجوب عدم السماح لإيران بالاستفادة من هزيمة داعش ... وهو ما قد يشير إلى قبول بقاء الإيرانيين في سوريا ـ باستثناء المنطقة المحاذية لإسرائيل".

ويضيف: "أن النقطة الأبرز التي اجتمع عليها الرئيسان هي اتفاقهما على وجوب الحفاظ على أمن إسرائيل. ويبدو أن المسألة السورية برمتها قد اختزلت، في الوقت الراهن، في هذا الأمن الثمين".

ويقول طوني فرنسيس في الحياة، إن النتيجة الأوضح التي انتهت إليها القمة كانت الاتفاق على أفق التسوية في سوريا "تحت سقف المصالح الأمنية الإسرائيلية".

وأضاف الكاتب بأن ترامب "حقق هدفاً مهماً لم يخف سعيه إليه منذ ترشحه إلى الرئاسة، وهو إبعاد إيران أو ضبط سلوكها من جهة، وإرساء سلام يريح إسرائيل من جهة ثانية. وفي هذا الاتجاه يواصل ترامب سعيه، ومحطته في الخريف المقبل مع مزيد من الضغوط على إيران، قد تكون حصيلتها تبديل صورة المنطقة تماماً".

وكتب جمال الكندي في الرأي اليوم اللندنية يقول: "إن اجتماع هلسنكي ولو لم تكن سقوفه الإيجابية كبيرة، لكنه كما قلنا اعتراف أمريكي بالدور الروسي في المنطقة، وبأنها مفتاح الحل الرئيس في سوريا وإيران وأفغانستان وغيرها، ومخرجات القمة هي في وضع المعالم الأولية لخيوط الحلول السياسية لهذه القضايا".

ويضيف الكاتب: "ما نراه من تسليم أمريكي بالنظرة الروسية في سوريا تتحقق بدخول الجيش السوري إلى جنوب البلاد، وهذا إعلان بسقوط المشروع الأمريكي الصهيوني الخليجي في سوريا والإنجازات السورية القادمة في الشمال السوري والشرق ستكون نتاج ما توافق عليه الرئيسان الأمريكي والروسي في قمة هلسنكي".

ويرى بسام أبو عبدالله في الوطن السورية أن "ما بعد قمة هلسنكي ليس كما قبلها"، خاصة ما يتعلق بالملف السوري، حيث كشفت القمة عن أن "الساحة السورية ستكون الساحة التي يمكن أن تظهر فيها التفاهمات الروسية الأمريكية بعد أن اتضح أن الميزان العسكري الميداني بدأ يميل بشكل كاسح لمصلحة الدولة السورية".