إيلاف من لندن: قالت منظمة حقوقية دولية إن جهاز الأمن الوطني العراقي يحتجز 427 رجلا في موقع غير رسمي بعضهم قضى نحو العام في ظروف مروعة ودعت السلطات إلى تقديم قائمة بجميع مراكز الاحتجاز الرسمية وأن تنقل جميع المعتقلين إلى سجون تحت إدارتها تملك تفويضا قانونيا لاحتجاز الأشخاص.

وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية اليوم إن جهاز الأمن الوطني العراقي وهو جهاز مخابرات عراقي يقدم تقاريره إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحتجز 427 شخصا في موقع غير رسمي في شرق الموصل وقد احتُجز بعضهم لأكثر من 7 أشهر.

ووصف أحد الأشخاص المحتجزين هناك لفترة قصيرة في أبريل الظروف بالمروعة في موقع الاحتجاز موضحا إن المحتجزين لا يمكنهم الوصول إلى محامين أو تلقي رعاية طبية أو زيارات عائلية. كما وصف وفاة أحد السجناء في أبريل بعد تعرضه للتعذيب لأشهر. 

رؤية السجناء تغير موقف السلطات

وقالت لما فقيه، نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "أخبرنا مسؤولو جهاز الأمن الوطني في بغداد أن وكالة المخابرات لا تملك أي سلطة لاحتجاز السجناء، لكنهم غيروا موقفهم عندما تمكنا من رؤية السجناء بأنفسنا. وعلى بغداد أن توضح علانية أي سلطات لها الحق في احتجاز واستجواب المعتقلين".

وأشارت المنظمة إلى أنّه في 17 أبريل الماضي نفى مسؤول كبير في جهاز الأمن الوطني في بغداد إدارة أي مركز احتجاز، وادعى أن الجهاز يحتجز فقط أعدادا صغيرة من الأشخاص لمدة تصل إلى 48 ساعة قبل نقلهم إلى أماكن الاحتجاز الرسمي. لكن سُمح لباحثي المنظمة بالدخول إلى المركز، حيث قال مسؤولون إن 427 سجينا كانوا محتجزين في ذلك الوقت. وأكد مكتب بغداد عبر رد خطي أن الجهاز يحتجز سجناء في مركز واحد في الموصل، ثم انتقل إلى الحديث عن عدة مراكز احتجاز. 

تناقض خطير

وقالت المنظمة انه بالنظر إلى التناقض الخطير بين البيانات والحقائق على الأرض فأن على الجهاز توضيح عدد السجناء المحتجزين وعدد المراكز المستخدمة وعلى السلطات العراقية أن تعلن عن عدد مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء العراق، وعلى السلطات القضائية التحقيق في الادعاءات الواردة في هذا التقرير.

واوضح مسؤول آخر في الجهاز، تحدث للباحثين بشرط عدم الكشف عن هويته، إن بعضهم احتُجز لمدة تزيد عن عام. وقال ضابط ثانٍ إنهم كانوا يحتجزون السجناء في منزل مجاور، ولكن بعد "ضغوط من بغداد"، بنوا قبل بضعة أشهر مبنى السجن الجديد ونقلوا السجناء لتحسين الأوضاع. 

محتجزون أمام القضاء بلا دفاع

وقال رئيس الجهاز في الموصل إن جميع السجناء مطلوبون للانتماء إلى "تنظيم داعش ويُستجوبون قبل مثولهم أمام قاضي تحقيق أو تسليمهم إلى جهة أمنية أخرى، إذا كانت أسماؤهم على قواعد بيانات المطلوبين لدى تلك الجهة، بما في ذلك فرع الاستخبارات التابع لوزارة الداخلية أو المخابرات العسكرية. واوضح إنهم يعتقلون الأشخاص فقط بعد الحصول على مذكرة اعتقال، وإن جميع المعتقلين يمكنهم الوصول إلى قاضٍ ومحامٍ خلال 24 ساعة من اعتقالهم. لم تقابل هيومن رايتس ووتش أي سجين في المركز.

لكن محاميان من الموصل يدافعان عن مشتبه فيهم بالانتماء إلى داعش أشارا إلى إنه، استنادا إلى تجربتهما، يمثل العديد من السجناء أمام قاضي تحقيق خلال 24 ساعة، لكن ليس هناك محامٍ معين من قبل الحكومة موجود في ذلك الوقت، أو لاحقا عندما يستكمل الجهاز استجوابهم بينما قال سبعة معتقلين إنهم مثلوا أمام قاضي تحقيق، لكن لم يتمكن أي منهم من الاتصال بمحام ولم يعرفوا ما إذا كان المحامي حاضرا ليدافع عنهم أثناء جلسات الاستماع.

 ومن جهته ابلغ حميد الزيرجاوي، نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، هيومن رايتس ووتش إن الجهاز لا يضمّ مراكز احتجاز شغالة، وإنّ المركز الوحيد في بغداد لم يتم تشغيله بعد. كما اعترف بأن جهاز الأمن الوطني احتجز عددا من الأشخاص لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد إلقاء القبض عليهم في أحد مكاتبهم، قبل عرضهم على قاضٍ قد يسمح باحتجازهم لمدة 24 ساعة إضافية، بانتظار نقلهم إلى مركز احتجاز رسمي. أضاف أنّ الجهاز لم يحتجز أي معتقل أكثر من 48 ساعة.

مطلوب قائمة بجميع مراكز الاحتجاز

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية إلى تقديم قائمة بجميع مراكز الاحتجاز الرسمية وان تنقل جميع المعتقلين إلى سجون تحت إدارتها تملك تفويضا قانونيا لاحتجاز الأشخاص، وتبني مثل هذه المواقع لاستيعاب المحتجزين، وتجهّزها لاستيفاء المعايير الدولية الأساسية، واخضاع جميع المعتقلين لفحص طبي وأن تُؤمن لهم الرعاية الطبية. 

كما طالبت السلطات أيضا بضمان وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وحصول جميع المعتقلين على استشارة قانونية، بما في ذلك أثناء الاستجواب، وأن يتم نقل المحتجزين إلى مرافق يسهل الوصول إليها من قبل مفتشي الحكومة، والمراقبين المستقلين، والأقارب، والمحامين، بصورة منتظمة والوصول من دون عوائق. وشددت على السلطات بضرورة إبلاغ العائلات باحتجاز أقاربهم فورا، وبالجهة التي تحتجزهم، وأن يمثل المحتجزون بسرعة أمام القاضي ليحكم في قانونية اعتقالهم. على السلطات أن تلتزم على الفور بأي أمر يصدره القضاة للإفراج عن المحتجزين.

وقالت فقيه "على السلطات أن تفعل كل ما بوسعها للتأكد من أن الأسر تعرف مكان أقاربها. على الحكومة أن تتخذ إجراءات صارمة ضد القوات التي لا تتمتع بتفويض قانوني والتي تحتجز المعتقلين لعدة أشهر من دون رؤية قاضٍ".

معتقلون أبرياء

وقال ضابط الأمن الوطني الذي تحدث إلى باحثي المنظمة بشرط عدم الكشف عن هويته، إن الضباط يعرفون أن بعض السجناء أبرياء، مضيفا أن جهاز الأمن الوطني احتجز العديد منهم لعدة أشهر لأن نينوى لديها فقط قاضٍ واحد لمكافحة الإرهاب ينظر في قضايا المحتجزين لدى الجهاز، ما يؤدي إلى تأخير طويل. وبين إنه في القضايا التي لا يعترف فيها المدعى عليه بارتكاب جريمة، يحتاج القاضي إلى إصدار مجموعة من التحقيقات لتنفّذها مختلف الجهات الأمنية التي تستغرق وقتا طويلا أيضا.

يشار إلى أنّ دستور العراق والقانون المدني ينصان على حظر الاحتجاز التعسفي. بموجب القانون الجنائي الدولي، استخدام الاعتقال التعسفي على نطاق واسع أو ممنهج جريمة ضد الإنسانية، إذا تم تطبيقه كجزء من سياسة الدولة.

كما ينصّ قانون العقوبات العراقي على أن الاعتقال التعسفي عمل إجرامي إذا ما كان الشخص الذي يرتكب الجرم، يصدر أمرا مزورا بالاعتقال، ويهدد المُعتَقل بالقتل أو التعذيب، ويحتجزه لأكثر من 15 يوما.