انطلقت صفارات الإنذار هذا الصباح في أنحاء شمال إسرائيل كما هو الحال في معظم الأيام، إلا أن الجيش الإسرائيلي قال في وقت لاحق إنه "إنذار كاذب".

أما بالنسبة للإسرائيليين، كان ذلك بمثابة تذكير - إذا كانت هناك حاجة لذلك - بمدى سرعة وسهولة الرد الذي يمكن لإيران أن تنتقم من خلاله إذا أرادت ذلك.

إلى الشمال من الحدود في لبنان، يوجد نحو 150 ألف صاروخ موجه نحو إسرائيل من قبل جماعة حزب الله المدعومة من إيران، وهي ليست صواريخ عادية، ولكنها صواريخ متقدمة ودقيقة وقوية يمكنها الوصول إلى أهداف في إسرائيل خلال دقائق، ويمكن إطلاقها بناء على تعليمات إيران في أي لحظة.

وعلى الرغم من الهجوم المنسوب لإسرائيل ضد إيران، كانت شوارع القدس هادئة، حيث كان الناس يباشرون أعمالهم استعدادًا ليوم السبت، وخرج الناس بأعداد كبيرة كالعادة على شواطئ تل أبيب.

وقالت السلطات إنه لم يحدث تغيير في الإرشادات المقدمة، ولم تكن هناك تعليمات للناس بالتوجه إلى الملاجئ.

وهذا يعكس حقيقة أن الضربة الجوية الإسرائيلية على إيران بدت في البداية محدودة النطاق والحجم، واختارت إسرائيل الهجوم في ذكرى ميلاد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي أتم اليوم عامه الخامس والثمانين.

ولكن إذا كانت الضربة ضد أهداف عسكرية ربما كانت مرتبطة بالهجوم الإيراني على إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي - مثل قاعدة جوية أو مصنع للطائرات دون طيار أو منشأة لتخزين الصواريخ - فيمكن اعتبار ذلك كرد فعل منضبط لطالما بحث عنه حلفاء إسرائيل الغربيون.

ويخشى دبلوماسيون في أوروبا والولايات المتحدة من أن ترد إسرائيل بما يعرف بضربة "هائلة" ربما تتجاوز نطاق الضربة التي نفذتها إيران نهاية الأسبوع الماضي، والتي شملت أكثر من 300 طائرة دون طيار وصاروخ، أو ربما تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وكان من الممكن أن يؤدي كل ذلك إلى رد فعل انتقامي إيراني مماثل، مما يهدد باندلاع حرب إقليمية شاملة.

ولكن بدلاً من ذلك، يبدو أن إسرائيل بعثت برسالة إلى طهران مفادها أنها تستطيع الهجوم في عمق الأراضي الإيرانية دون عوائق، وبعبارة أخرى، تستطيع إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية - وليس بعيداً عن موقع الضربة المعلن عنه - ولكنها اختارت عدم القيام بذلك في هذه المناسبة.

لوحة مرسومة على أحد الجدران في طهران
EPA

وقال جوناثان كونريكوس، المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي: "تسعى إيران إلى العودة إلى الظل وتقلل من أهمية الضربة الإسرائيلية على مدينة أصفهان الاستراتيجية، لكنني أعتقد أنهم فهموا الرسالة: يمكن لإسرائيل اختراق الدفاعات الإيرانية والضرب في أي مكان تتواجد فيه".

ومن خلال عدم الاعتراف علناً بالمسؤولية عن الهجوم - كما هو شائع - فإن مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي جعل من الصعب على الأعضاء المتشددين في الائتلاف الحاكم انتقاد الطبيعة المحدودة للهجوم، وبالتالي تجنب الخلاف السياسي، لكن ذلك لم يمنع البعض من ذلك.

إذ قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتامار بن غفير، قبل بضعة أيام، إنه يريد أن "تصاب إسرائيل بحالة من الجنون" ردا على الهجوم الإيراني، وهذا الصباح بدا الوزير، الذي يعتمد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عليه، أقل إعجابا، ونشر على منصة إكس "تويتر سابقاً" كلمة واحدة، وهي: "ضعيف".

ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد انتقادات شديدة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بعد أن كتب المنشور، وذلك في أعقاب ورود تقارير عن ضربة إسرائيلية داخل إيران.

وقال لابيد عبر منصة إكس: "لم يحدث من قبل أن تسبب وزير في المجلس الوزاري الأمني المصغر بمثل هذا الضرر الجسيم لأمن البلاد وصورتها ومكانتها الدولية".

وأضاف: "في تغريدة لا تغتفر مكونة من كلمة واحدة، نجح بن غفير في السخرية من إسرائيل وفضحها من طهران إلى واشنطن".

وكانت هناك تقارير تفيد بأن بعض الزعماء الدينيين الأرثوذكس المتطرفين كانوا يحذرون حكومة الحرب من توجيه ضربة دون دعم أمريكي، مما قد يمنح نتنياهو غطاءً لهجوم محدود على إيران، ولكن إذا كانت هذه الضربة قائمة بذاتها ولم تكن بداية لسلسلة من الهجمات، فإن بعض الإسرائيليين لن يكونوا راضين.

,بعد الهجوم الإيراني في نهاية الأسبوع الماضي، تحدث إلى دانييل جرينزفايج، 65 عامًا، وهو رجل أعمال يعمل في قطاع التكنولوجيا الفائقة: "نحن بحاجة إلى ضربهم وعلينا أن نضربهم بشدة، عليهم أن يدركوا أن هذا ليس صحيحًا، إنه ليس من نوع السلوك الذي يمكن التسامح معه، وأنا لا أوصي بتدمير منشآتهم النووية، ولكن إذا فعلوا ذلك، فلن أواجه مشكلة في ذلك".

ولا يتفق كل الإسرائيليين مع هذا الرأي، في الواقع، بدا الناس منقسمين حول ما إذا كان ينبغي لحكومتهم أن ترد على هذا الهجوم، وما مدى قوة الرد.

وأشار استطلاع للرأي نشرته الجامعة العبرية في القدس في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى أن 52% من الناس يعتقدون أنه لا ينبغي لإسرائيل أن ترد، بينما قال 48% أنه ينبغي عليها ذلك.

ووجد الاستطلاع أيضًا أن 28% فقط من الناس يؤيدون العمل العسكري حتى وإن أدى إلى حرب شاملة أكبر، حيث قال 34% إنهم يعارضون، بينما قال 38% إنهم لا يعرفون.

ولذلك تنتظر إسرائيل الرد من إيران، لقد استيقظ الكثيرون بخوف حقيقي بشأن ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، ويبقى خطر سوء التقدير قائما، ونحن لا نعرف حتى الآن ما هي الضربات الإضافية التي يجري نقاشها ضد إيران، إن وجدت.

لقد تحدثت مع الأجانب المقيمين في إسرائيل والذين يفكرون بجدية في إجلاء عائلاتهم، وحثت الحكومة الأسترالية مواطنيها على مغادرة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة إلى "وجود خطر كبير من الأعمال الانتقامية العسكرية والهجمات الإرهابية".

وحثت السفارة الأمريكية في القدس المواطنين الأمريكيين على توخي الحذر، محذرة من أن البيئة الأمنية قد تتغير بسرعة.

وكان الإسرائيليون يستعدون لبدء عطلة عيد الفصح الأسبوع المقبل، وينتظرون الآن لمعرفة ما إذا كانت إيران ستقرر الرد ومتى وكيف.