غضب رسمي في الأردن من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات متجهتين إلى غزة الأربعاء، عبر معبري كرم أبو سالم ومعبر بيت حانون-إيريز، في المرة التي كانت الأولى لدخول مساعدات أردنية عبر معبر بيت حانون.
الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة قال لـبي بي سي عربي إنه كان من المفترض أن يقدم الجانب الإسرائيلي الحماية لشاحنات الإغاثة من أي اعتداءات.

كما اعتبرت وزارة الخارجية الأردنية وشؤون المغتربين في بيان صدر عنها للإدانة، أن الحكومة الإسرائيلية "فشلت في حماية قافلتي المساعدات والسماح بالاعتداء عليهما خرقاً غاشماً لالتزاماتها القانونية، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ولالتزاماتها السماح بدخول المساعدات إلى غزة".

"جريمة"
في وقت لاحق من يوم الأربعاء تمكنت شاحنات المساعدة البالغ مجموعها 79 شاحنة من دخول قطاع غزة، ولأول مرة دخلت 31 شاحنة عبر معبر بيت حانون، و48 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم، وفق ما أفاد لـ بي بي سي، أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حسين الشبلي.
لكن الشبلي تحدث أيضاً عن الأضرار المادية التي لحقت بالمركبات الناقلة للمساعدات بسبب اعتداءات الإسرائيليين عليها. وقال: "رغم أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مساعدات لغزة للاعتداء، إلا أن هذه المرة كانت هناك محاولة فعلية بإعاقة مرور الشاحنات القادمة من الأردن".

وعن حجم الأضرار يشرح الشبلي: "الأضرار لحقت بقافلتي المساعدات نتيجة محاولة إعاقة المركبات عن الحركة، وتكسير زجاج بعض المركبات، ومحاولة التخلص من بعض المساعدات، كان هناك محاولة لإعاقة وصول القوافل بالاعتداء عليها بكافة السبل الممكنة".
لكن الكمية بمعظمها وصلت سواء عبر معبر بيت حانون إلى شمالي القطاع، أو كرم أبو سالم إلى جنوبه، يضيف الشبلي.

لم تكن الهيئة الخيرية الهاشمية وتكية أم علي من الأردن وحدهما من نظمتا قافلتي المساعدات، إنما كان ذلك بالتعاون أيضاً مع برنامج الأغذية العالمي WFP، ومنظمة نداء الإنسانية Human Appeal ومقرها في المملكة المتحدة، إضافة لمنظمتي الإمداد الخيرية في جنوب أفريقيا، و IMC في الولايات المتحدة الأمريكية.
وحملت وزارة الخارجية الأردنية المسؤولية الكاملة للسلطات الإسرائيلية، واصفة ما حصل بـ "الجريمة".
وبحسب بيان وزارة الخارجية الأردنية فإن القافلتين تعرضتا إلى "اعتداء من متطرفين إسرائيليين على طريقهما نحو معبر إيريز، ومعبر كرم أبو سالم، وإلقاء بعض من حمولتهما في الشوارع ما سبّب أضراراً مادية للشاحنات".

يقول القضاة إن القافلتين "تابعتا مهمتهما، بعد ذلك رغم الاعتداء، انطلاقاً من الحرص على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة في ضوء الكارثة الإنسانية التي تواجهه، ووصلتا وجهتيهما".

ويتفق الشبلي مع بيان الخارجية الأردنية بأنه لم يكن هناك محاولة من الجهات المسؤولة في إسرائيل لمنع "الاعتداء" على القافلتين.

** تواصلت بي بي سي عربي مع عدة جهات إسرائيلية، لكن لم تحصل على رد حتى لحظة نشر هذا المقال.

بينما قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن منظمة "تساف 9" الإسرائيلية اليمينية، كانت قد نظمت ليلاً مظاهرة عند معبر اللنبي/جسر الملك حسين الذي يربط بين الأردن وإسرائيل، إذ تعارض هذه المنظمة دخول مساعدات إلى غزة قبل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
تستند الصحيفة إلى صور متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمظاهرة، بقولها إنه "لم تكن هناك علامات عنف في أي من اللقطات".
وتضيف الصحيفة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أبلغتها بـ"عدم تلقي أي اتصال رسمي من الأردن بهذا الخصوص".

لكن تداول مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي لقطات تظهر محاولة إسرائيليين للتخلص من بعض المساعدات.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن منظمة أنينو الإسرائيلية للمساعدة القانونية قولها إن "الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أربعة رجال أوقفوا شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية".

حاجة غزة من المساعدات
منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، يعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي شديد شمل قطع المياه والكهرباء، في ردها على هجوم حماس على مناطق في غلاف غزة واحتجازها لنحو مئتي رهينة وقتل نحو 1,200 شخص، بحسب الجيش الإسرائيلي. فيما بلغ عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب التي لا تزال تشنها إسرائيل على القطاع نحو 35 ألفاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
يقول الشبلي إن الأردن تمكن عبر الهيئة الخيرية الهاشمية من إدخال نحو 1,242 شاحنة مساعدات، منذ بدء الحرب.

كما نفذ الأردن منذ نحو 7 أشهر، 90 إنزالاً جوياً عبر القوات المسلحة الأردنية، إضافة لـ 225 إنزالاً مع دول أخرى، و57 طائرة مساعدات عبر مطار العريش المصري.

ويحتاج قطاع غزة لتلبية احتياجات السكان الذين يعانون من أزمة أيضاً في الحصول على المواد الغذائية الأساسية تصل إلى درجة المجاعة في شمال القطاع، إلى دخول ألف شاحنة مساعدات يومية، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.

ورغم الحديث الأمريكي عن ضرورة إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، فإن الإعلام الحكومي في غزة قال إنه في شهر نيسان (أبريل) الماضي دخلت 4,487 شاحنة مساعدات إلى القطاع، بمعدل 163 شاحنة يومياً، 1,166 منها دخلت عبر معبر رفح الحدودي مع الجانب المصري، و3,721 عبر معبر كرم أبو سالم، فيما وصل مجموع الشاحنات التي دخلت شمالي القطاع 419 شاحنة، بمعدل 8 في المئة من إجمالي الشاحنات.
ودعت الأمم المتحدة إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، وقالت إن برنامج الأغذية العالمي يقدر أن "مجرد تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية سيتطلب دخول 300 شاحنة على الأقل إلى غزة كل يوم، وخاصة في الشمال"، مؤكدة على عدم وجود بديل عن استخدام الطرق البرية لإيصال المساعدات بالحجم المطلوب للقطاع.