يوسف الكويليت

سوف تتقاطع الطرق بين العرب وأمريكا، ليس لأن الرئيس الجديد سيمدد فترة العداء واستحداث الحروب، أو يفك عقدة السلام وإنهاء قضايا عربية داخلية وإقليمية، وإنما سيتركز همه الأساس على شؤون بلده الداخلية التي ترزح تحت وطأة الركود الاقتصادي وتكاليف الحروب في العراق وأفغانستان، وإعادة هيكلة السياستين الداخلية والخارجية بوجوه غير تقليدية أو متطرفة مثل المحافظين الجدد وغيرهم..
فإسرائيل بأي رئيس يصل للبيت الأبيض ستبقى مكاسبها قائمة ومفتوحة الدعم العسكري والسياسي، لكنها قد لا تتمتع بالامتيازات التي أحدثها بوش الابن، والعراق قد يوقع الاتفاقات العسكرية قبل نهاية الحكم الحالي، لأنه الشهادة الأخيرة لتلك الحكومة التي تريد كسب الظرف الراهن، وإيران التي تريد تغيير ألوان الطيف مع أمريكا قد تجد فرصة بإغرائها بامتيازات نفطية، وأدوار مشتركة، وتبقى سوريا حالة أخرى ربما تشهد انفراجاً أكثر إذا ما عززت مباحثاتها مع إسرائيل وتعاملت مع إيران وحزب الله بسلوك يحقق لها مصالحها..

تبقى الدول النفطية في الخليج وخارجه، وهي في الغالب الأعم تتعامل مع أمريكا، وأي نظام كان بعلاقات أكثر تقارباً وتداخلاً في المصالح الاقتصادية والأمنية، غير أن العاصفة المالية التي تجتاح العالم قد تفرض علاقات أكبر وأهم إذا ما أصبح المناخ أكثر جدية، فعندما أثيرت حربا الخليج ثم غزو العراق والتي فرضت تكاليف مادية وسياسية فجرت الإرهاب وتسببت في خلق قوى سوداء تحت الأرض وضعت هذه الدول في مهب العواصف، غير أن المتغير الذي أحدثه الاحتلال للعراق غيّر الخطط وخالف التوقعات عندما لم يجد الحكم الأمريكي السابق من يعتمد عليه بتهدئة الظروف والدعم السياسي، إلا الدول الخليجية..

الرئيس أوباما وجه جديد على العالم، وربما يحقق أهدافه بتغيير أنماط وأشكال العلاقات الدولية مع بلده، ولأن وراثة تركة مثقلة بالقضايا الحادة والساخنة، سواء ما يحدث من تجاذبات مع قوى تناهض أمريكا مع دول الجوار اللاتيني، أو روسيا، وحتى المجابهة الاقتصادية التي تسعى لتعاون دولي تجاهها قد لا تحقق كل النتائج، أمام مخاوف فرضت الحماية على ممتلكات كل دولة وتريثها تفرض توازناً في المعاملات وأداءً مميزاً لفريق عمل الرئيس الجديد، ولعل التوقعات بخلق مناخ أكثر حميمية تجعل الثقة بأمريكا تعود، تحتاج إلى تأكيد الأهداف وأنواع السياسات، لأن ما جرى خلال الثماني سنوات الماضية، سواء تجاه منطقتنا أو غيرها، كان مدمراً وعدائياً، ومن تلك الدروس يظل أوباما الرئيس الذي يعطي الأمل بأن يحدث التغيير الإيجابي وفي زمن بدأت أقطاب أخرى تريد الحصول على فرصها في عالم متغير، سوف ينقل القوة من ضفاف الأطلسي إلى القارة الآسيوية الأعظم والأكبر..