rlm; سارة المكيمي

rlm;(مرحبا توني .. أنا دانيا، أريدك أن تسافر معي إلى مدينة جدّة الساحلية في السعودية). هكذا بدأت دانيا الحمراني الفتاة rlm;السعودية من جدّة مقدمة رسالتها المصورة الموجهة إلى مقدم برنامج laquo; rlm;No Reservationsrlm;raquo; (بدون تحفظات) rlm;الأميركي. ويعتبر آنتوني بوردين واحدا من أهم الطهاة الأميركيين وأكثرهم شهرة في عالم المأكولات والاستكشافات rlm;الطهوية في أميركا، فبعد أن كان شيفا معروفا في نيويورك، عكف laquo;تونيraquo; على تأليف سلسلة من الكتب الذائعة rlm;الصيت أصبحت من الاكثر مبيعا في بلده. ثم بدأ في السفر حول العالم لاستكشاف الشعوب و دراسة موروثهم من rlm;مأكولات وأطباق و تحليل عاداتهم وتقاليدهم المرتبطة من بعيد أو قريب مع ما يأكلونه في حياتهم اليومية من وصفات rlm;طهوية ومكونات مختلفة.rlm;
تنتج قناة laquo;ترافل تشانلraquo; (قناة السفر) برنامج laquo;تونيraquo; الشهير laquo;بدون تحفظاتraquo; الذي من خلاله وعلى مدى خمسة rlm;مواسم متتابعة يزور توني كل بقاع العالم، يأكل أغرب المأكولات، ويضع بين أيدي الشعب الأميركي سلسلة من rlm;الوقائع والمعلومات والاحداث التي تُعرِّف المشاهد على ما يجهله عن ذلك الشعب. وبخطوة رائدة قامت دانيا rlm;الحمراني بإرسال شريط مصور إلى توني تدعوه للقدوم إلى جدّة واستكشاف ما لا يعرفه المواطن الأميركي وتوني rlm;نفسه عن تلك البقعة المجهولة -إلا من تكهنات سلبية- عن مدينة قوامها الإسلام وشعبها laquo;المتطرفraquo;!rlm;
تردد توني في البداية في قبول الدعوة، لكنه في النهاية اختار أن يزور دانيا مستبعدا ثلاثة متسابقين آخرين، لأن rlm;وطنها من وجهة نظره سيكون الأكثر تحديا وصعوبة بالنسبة له، فلا كحول في السعودية التي تُحكم بالأحكام rlm;الإسلامية الصارمة، وهي نفسها البلاد التي جاء منها 15 من من أصل 19 من منفذي هجمات 11 سبتمبر 2001. rlm;تساءل توني (هل هناك بلاد في العالم يجهلها الأميركيون أكثر من السعودية؟). اتخذ القرار وسافر بعيدا عن تمثال rlm;الحرية ليزور بلدا لا يعرف عنه شيئا إلا وفرة النفط... والإرهاب! وصل توني لتستقبله دانيا.. امراة مكتنزة ربما هي rlm;في نهاية عشرينياتها، ترتدي حجابا محكما وملابس فضفاضة غلب عليها اللون الغامق، أدخلته بيتها وعرفته على rlm;زوجها أنس. سألها توني: laquo;ماذا نحن فاعلون؟ وهل تعتقدين أنني سأقضي وقتا ممتعا هناraquo;؟ قالت: laquo;أنا متأكدة انك rlm;ستقضي وقتا جميلا هنا، لأنك ستعرف أشياء اعتراها تراب التوقعات والتكهنات وحكم عليها بالمقت في بلادك، لقد rlm;دعوتك إلى بيتي، أولا لأنني أريد أن يعرف شعبكم أننا لا نجلس على الأرض دائما، ولا نقطن الخيام. أريد أن أريك rlm;تلفزيوني المسطح الكبير والمسلسلات الأجنبية الجميلة التي نشاهدها .. مثلكم تماماraquo;. تدور أحداث البرنامج غالبا rlm;حول محور طعام أهل البلد الذي يزوره توني، ومن هذا المنطلق يبدأ هو بتحليل نظرته الشخصية على ما يراه rlm;ويسمعه ويتذوقه.rlm;
دانيا هي أول امرأة سعودية تمتهن الاخراج التلفزيوني، والأولى التي حصلت على رخصة لإدارة شركة الإنتاج rlm;الخاصة بها بدون وجود رجل. أخذت دانيا توني إلى وسط البلد .. سوق قديم وحارات متشابكة، أكلوا إفطارا جدّاويا rlm;عريقا في مطعم laquo;أبو عبداللهraquo; عبارة عن قلوب وكلاوي مطبوخة مع البهارات والطماطم. سمع صوت الأذان ورأى rlm;الناس يتركون كل شيء ويصلّون بتناغم منقطع النظير فقال: laquo;يصدح صوت النداء للصلاة خمس مرات في اليوم، rlm;الصوت الذي أسمعه مخيف، ولكنه في الوقت نفسه بمنتهى العذوبة، يذكرني الصوت دائما بأنني في بلد يحكمها الدين. rlm;اذا استطعت عزيزي المشاهد -مخاطبا المشاهد الاميركي- ان تغض النظر عن كل المعلومات السابقة التي تعرفها عن rlm;هذا المكان، اذا استطعت أن تنسى التكهنات التي وُضعت في رأسك على مدى الأعوام السابقة، اذا وضعت كل هذا rlm;جانبا، ستدهش وستجد الأمر غاية في الجمالraquo;. أخذت دانيا ضيفها في يخت إلى وسط البحر الأحمر للصيد والسباحة rlm;مع مجموعة من الاصدقاء. أحب توني الصيد واستغرب وفرة الأسماك الجميلة التي يصيدها عبدالله، صديق دانيا. rlm;غاص توني في البحر ليجد دانيا تسبح بجانبه وقد صممت لنفسها لباسا محتشما للسباحة أطلق عليه توني اسم laquo; آكوا rlm;عبايةraquo;. تتوالى الاحداث والمأكولات السعودية من laquo;منديraquo; لحم عجل مطبوخ بالكامل تحت الارض، إلى ضب rlm;يصطاده عمر، صديق دانيا، من عمق الصحراء. ثم وليمة كبيرة من لحم جمل صغير، إلى مطعم laquo;البيكraquo; وهو rlm;محاكاة جداوية لدجاج كنتاكي. واخيرا وليمة عائلية كبيرة في بيت دانيا الذي اجتمع فيه الأهل والاصدقاء وعمرت rlm;سفرة الطعام فيه بكل ما لذ وطاب من طهي نساء جَدّة الاصيلات من شوربة الزبادي وعيش ابو لحم ومكبوس دجاج rlm;إلى نوعين من الكبب اللذيذة.rlm;
انبهر توني بتنوع المأكولات التي طرحت أمامه، والموروث الاجتماعي الذي التصق بالطبيعة الانسانية التي لازمت rlm;وفرة الطعام وحثّت بطريقة غير مباشرة على المشاركة بين الناس. أخذ على عاتقه أن يوصل معلومة جديدة لشعبه rlm;البعيد، وهو انه لا يتوجب ان أوافقك في آرائك لكي احبك او اصادقك. فقال في نهاية البرنامج laquo;من كان يتصور ان rlm;السعودية من الممكن ان تكون في غاية البهجة، الناس من منطقة غاية في الاختلاف عن المكان الذي اسكن، وعن rlm;المعتقدات التي أعتنق، لكن من الممكن ان يكونوا قريبين جدا منّي! يضحكون معي من الاعماق ويشعرونني بالأمان rlm;والسعادة! أنا لا اناقش هنا فكرة ان ما يقال عن السعودية في الأخبار غير صحيح او غير دقيق، ولكن ما يقولونه لنا لا rlm;يشمل الصورة الكبيرة لواجهة الانسان السعودي، الصورة المعقدة التي تضمحل داخلها بساطة الشعب السعودي rlm;وشفافيته الجميلة. انا لا أريد ان اظلمهم في تلخيصهم ببضعة سطور، ولكن من العدل ان أقول إنني قابلت بشراً rlm;بمنتهى الفخر، منتهى اللطف، ومنتهى الانسانية. أما الطعام باختلاف اصوله وتعدد نكهاته، فقد كان أفضل بكثير مما rlm;توقعت. وطبعا .. تلك المرأة غير العادية التي حملت على عاتقها مهمة الدفاع عن وطنها وتحسين صورته في rlm;الخارج، تقف تلك المرأة شامخة تتحدى الطبيعة الصعبة على الرغم من كل شيء. شكرا دانيا لأنك أريتني ما غفلتُ rlm;عنه، وصححتِ لي الكثير من الأفكار الخاطئة، ولأنك فتحتِ نافذة على العالم البعيد الذي اكتشفت في النهاية انه قريب rlm;جدا من طبيعتناraquo;.rlm;