خالد الغنامي

quot;صلوا من أجل جنودنا الذين ينشدون فعل ما هو صحيح لهذا البلد, قيادتنا الوطنية أرسلتهم في تكليف من قبل الربquot;. هذا جزء من كلمة ألقتها حاكمة ولاية ألاسكا الأمريكية مرشحة جون ماكين لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة: السيدة سارة بيلين. هذه الكلمة ألقتها السيدة بيلين في إحدى الكنائس لتؤكد للعالم أنه ما زال هناك من يؤمن بدعوى نزول quot; الوحي quot; على الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وأنه quot; رسول السلام الصليبيquot; الذي لبس خوذة الحرب واصطحب كل الأدوات الجهنمية لقتل وحرق وتدمير واحتلال العراق بتكليف من الرب الرحيم, وأن هذا التشرد الذي لحق بالشعب العراقي مبرر حتى وإن كان قرابة مليوني عراقي قد تركوا بلد الخير والغنى والبترول ودجلة والفرات وفروا بأرواحهم, هذا التشرد ليس له سبب إلا quot; تعنت quot; هذا الشعب وجحودهم لنعمة quot; الغزوة الصليبية المباركة من قبل الربquot; والتي قام بها quot;المكلف من السماءquot; جورج دبليو بوش. عندما فجر مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين مفاجأته, بعد طول انتظار, وأعلن أن سارة بيلين ستكون نائبته في حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة ولنلاحظ هنا أنها المرة الأولى التي يختار فيها الحزب الجمهوري quot; امرأة quot; لهذا المنصب. كثيرون تساءلوا عن سبب هذا الاختيار, فسارة بيلين يؤخذ عليها جهلها المطبق بالسياسة الخارجية, بمعنى أنها لن تكون ذات جدوى كبيرة خارج حدود الولايات المتحدة, اللهم إلا في حضور الاجتماعات ومباركتها, ولن تكون بديناميكية وزيرة الخارجية كونداليزا رايس, وإنما ستكون دائرة اهتماماتها وجل تأثيرها في الشأن الداخلي الأمريكي. سارة بيلين تنتمي لتيار المحافظين المتشددين في الحزب الجمهوري وكان بإمكان المرشح جون ماكين أن يختار جمهورياً معتدلاً ( رجل أو امرأة ) لإقناع الناخب الأمريكي باختلافه ورغبته في إحداث توازن في خط وخطة الحزب في التعاطي مع القضايا الدولية والداخلية, لكنه لم يفعل وإنما اختار quot; محافظة متشددة quot; لم تجهض طفلها الخامس برغم علمها سلفاً بأنه مصاب بمتلازمة داون !!امرأة تؤمن بفكرة استغلال المنصب لتنفيذ الانتقام بدليل أنها استغلت نفوذها وسعت لفصل زوج أختها من عمله بسبب تطليقه لأختها !! ولما رفض مدير شرطة ألاسكا قامت بفصل المدير نفسه!! مما يدعو للتساؤل, ماذا لو قتل ابنها في العراق, كيف ستنتقم من العرب؟!!
لماذا اختارها ماكين لهذا المنصب الخطير ؟الجواب: ليس صحيحاً ما يكرره البعض أن الهدف هو كسب أصوات الطبقات الفقيرة والشعبية, الصحيح أنه أراد كسب أصوات النساء الأمريكيات الحالمات بامرأة تحكم الولايات المتحدة, وكن يرين السيدة هيلاري كلنتون هي ( البطلة ) التي سيتحقق فيها هذا الحلم, وعندما تبين أن هيلاري لن تكون رئيسة ولا حتى نائبة للرئيس, أراد جون ماكين أن يحقق للنساء هذا التعويض عن حلمهن الذي لم يتحقق في الرئاسة من خلال quot; نائبته quot; الجميلة الرياضية وبالتالي يكسب أصواتهن, كما أن هذا أظهره كجمهوري معتدل, إذ من عادة الجمهوريين المحافظين أنهم لا يرفعون رأساً بقضايا تحرير المرأة. ربما سيكسب ماكين بسبب هذا الدهاء quot; بعض أصوات النساء الديموقراطيات quot; اللاتي كرهن أوباما بسبب تدميره لفرصة محبوبتهن quot; هيلاري كينتونquot; في تولي الرئاسة.
المشكلة أن المرشح جون ماكين كبير في السن وربما يكون أكبر رئيس أمريكي على الإطلاق حيث يبلغ الآن الثانية والسبعين من عمره كما أنه قد عانى مرتين من مرض السرطان مما يجعل السيدة بالين قاب قوسين أو أدنى من رئاسة البيت الأبيض, فبرغم حديث جون ماكين عن أنه يملك مخططا للقبض على أسامة بن لادن وأنه سيمسك به إذا تولى الرئاسة, الأمر الذي يستغرب من السيد ماكين, إذ لو كان هناك خطة لمثل هذا الإنجاز, أما كان الواجب من ناحية وطنية أن يتقدم بها للرئيس الحالي ؟! دعونا من هذا ولنتساءل:ماذا لو مات جون ماكين أثناء فترة رئاسته؟ هذا وارد جداً, هذا معناه أن سارة بيلين ستكون هي الرئيس, ولو أنها كانت تؤمن فعلاً بقضية quot; الحرب الدينية وإرسال الرب quot; فهذا معناه أنها ربما ستشن الحرب على العالم من جديد وربما قررت أن quot; الموحى إليه quot; جورج بوش قد أخطأ المكان بذهابه للعراق وأن الشيطان وأسلحة الدمار الشامل مخبأة في quot; مصر مثلاً quot; في quot;حركة تصحيحية quot; لمسار quot; الموحى إليه quot; جورج بوش !! هذا معناه دخول الدوامة البائسة من جديد, مشكلة أخرى هي أن الشعب الأمريكي لديه عرف متبع وعادة محكمة ألا وهي أنه لا يغير رؤساءه في حال الحرب, ولهذا فاز الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بثلاث فترات رئاسية من 1932 وحتى 1945 لأن فترته الثانية عاصرت الحرب العالمية الثانية, ولهذا فاز جورج دبليو بوش في 2004 على المرشح الديموقراطي جون كيري لأن الشعب الأمريكي كان يرى نفسه في حالة حرب بعد أحداث 11 سبتمبر, ولو وصلت سارة بيلين إلى الرئاسة وشنتها حرباً على المنطقة, فهذا معناه ثماني سنوات أخرى من الدمار والتخريب وليس مجرد أربع, الأمر الذي لا أعتقد أن العالم سيتماسك أمامه. هذه ليست مبالغة فنحن في زمن خراب العالم وأدعياء النبوة الذين يقتلون الجموع باسم الله.