أزماتنا بين laquo;القوميةraquo; وlaquo;الإسلامويةraquo;

عقل العقل

بعيداً عن المتغيرات والمآزق الداخلية التي عاشتها مناطق كثيرة من العالم، والتي لا يزال عالمنا الشرق أوسطي يعاني منها أكثر من أي جزء من العالم ومن المصاعب في داخلنا العربي والإسلامي، عوامل لم تحل في واقعنا وإذا لم يخرج العالم العربي والإسلامي منها فإننا سنعيش في أزمات متعاقبة قد تكون أكثر حدية وعنفاً مما نشهد الآن، وقد تصل إلى مرحلة حروب داخلية في بعض دولنا بسبب عدم وجود ديموقراطية وشفافية في مؤسساتنا الرسمية والاجتماعية.

هناك قضايا حقوق الأقليات والمرأة في ثقافاتنا الجمعية التي تخضع الكل مع اختلافات عرقية ومذهبية ودينية، وهذا ليس بالشيء السلبي إذا كان قائماً على الاختيار الحر لأبناء أي مجتمع، ولكن نجد أن هذا الانصهار في مجتمعاتنا شكلي وغير أصيل، فمتى اهتزت وتضعضعت الدولة المركزية في أي قطر عربي لأي سبب من الأسباب، سواء لعوامل داخلية، كما في الصومال، أو لأسباب خارجية، كما حدث في احتلال العراق، نجد أن المؤسسات الاجتماعية التقليدية كالعشيرة والقبيلة، أو الانتماءات الجهوية هي من يسيطر على الأوضاع وبشكل عنيف. تلك البلاد إضافة إلى المؤسسات الدينية وبالتالي المذهبية تقاسم الوحدات الاجتماعية الاخرى في الاستيلاء على الحكم بشكل فوضوي يكون ضحيته الأمن والاستقرار والمكاسب التي تحققت في ظل بعض الأنظمة المركزية القومية في عالمنا العربي التي انهارت بسبب شموليتها وفسادها السياسي، ما جعلها منعزلة عن شعوبها التي بدورها كانت وساعدت بعض القوى الأجنبية لاحتلال بلدانها لتخليصها من جمهوريات تدعي الوطنية بشعارات براقة فارغة، ولكن أوضاع تلك الشعوب كانت تدعو إلى الشفقة وهي تقاد إلى الحروب والمقاصل والمعتقلات وكلها من اجل وطن لا يوجد إلا في خيال بعض الساسة في بعض دول منطقتنا، وهناك من يراهن أن لكل مرحلة تياراتها السياسية. في القرن الماضي كان المشروع القومي هو من وصل إلى السلطة وسيطر على الشارع العربي، وكانت تلتف حوله الجماهير، سواء في التجربة الناصرية، أو في تجربة الأحزاب البعثية والاشتراكية في بعض الدول العربية، وقد فشلت تلك المشاريع لأنها حقيقة لم تكن بالثورات السياسية التي غيّرت في دول كثيرة الأشكال الاجتماعية ولها ثقافتها الجديدة التي غيّرت في مجتمعاتها وفي العالم من حولها كما في الثورات الغربية.

أما الثورات العربية فإنها تتم في الظلام وعلى ظهور الدبابات ويطلق عليها ثورات وهي ليست كذلك، ويجب الاعتراف بأن بعض تلك الانقلابات كان لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية، ولكنها حدثت متأخرة بسبب تغير توجه بعض تلك الأنظمة إلى الاشتراكية والعلاقة مع الاتحاد السوفياتي كانت كلها بأسباب سياسية وليست أيديولوجية، لذا حتى النمط الاشتراكي الذي تم تبنيه كان مشوهاً، لذا فشل في معظم تلك التجارب، أما النقطة التي يمكن أن نعتبرها نهاية تلك الحقبة فكانت هزيمة 1967، فقد كانت ضربة للمشروع القومي في تلك الحقبة، ما عمق التخلف في منطقتنا.

إن المراجعة لأسباب الهزيمة كانت شكلية، بل إن الأنظمة نحت نحو الشمولية وقادت المنطقة في أزمات متعاقبة، لذا من الطبيعي أن تستفيد التيارات السياسية التقليدية من هذا الفشل، خصوصاً التيارات laquo;الاسلامويةraquo; التي خرجت لتقود الجماهير العربية كأحزاب جماهيرية وترفع شعار الإسلام هو الحل. من الطبيعي أن تكفر الجماهير بالتجربة القومية وتهلل وتكبر للمشروع الإسلامي، إضافة إلى أن جماعات الإسلام السياسي تلعب على عواطف الجماهير باستخدامها الإسلام في اللعبة السياسية، خصوصاً لما يمثله الإسلام من مكون حضاري مقدس للشعوب الإسلامية.