احمد الجار الله

نعم ستبقى مصر أكبر بكثير ممن علت أصواتهم وتضاءلت أفعالهم واستمرأوا المتاجرة بدماء شعوبهم بخطب وشعارات رنانة... كلمات نرددها مع زعيم أرض الكنانة علها تصل أرجاء عالمنا العربي الذي تنهش بعض أجزائه عقول خربة جل همها أن تبلغ مناها على أكتاف ضحايا تُجزر رقابهم يوميا بفعل دعاوى بغال السياسة.
الخطاب الشفاف للقائد المبارك جاء بالأمس ليضع النقاط على الحروف, ويئد مخططات أولئك النفر من المقامرين بأرواح ابناء هذه الأمة بجيوب منتفخة بما يسمونه quot;المال الطاهرquot;, ظنا منهم أن بمقدورهم السيطرة على بلاد العرب واعادتها إلى عصور ما قبل الإسلام حين استعمرت الامبراطورية الفارسية بعض القبائل وشرعت في تأجيج إحداها على الأخرى بأموال عبدة النار.
بارك الله في فكرك الفطن يا مبارك لما يحاك لأم الدنيا من مخططات ومآرب تهدف لجرها وجيشها الى حرب جديدة مع عدو يقف العالم كله معه بالسلاح والمال والديبلوماسية المعلنة... يقف معه لأننا لم نُجد فن التعامل معه, كما أجادته اسرائيل بلوبيها المنتشر في شتى بقاع عواصم صنع القرار, وكنت صادقا - كعهدنا بك دائما - بقولك إنه لولا الحروب التي جروا مصر إليها بما فيها حرب 1967 لكانت quot;هبة النيلquot; بلد الغنى والخير الوفير... بل يستورد العمالة ولا يصدرها.. بلد يُعين ولا يُعان, لقد جروا مصر وشعبها إلى كل تلك الحروب الماضية, وينشطون الآن لادخالها حربا جديدة لتقاتل نيابة عنهم عبر إنشادهم أناشيد واهية من قبيل:
بلاد العرب أوطاني... من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن... إلى مصر فتطوان
هؤلاء يريدون أن يروا قادة مصر ورموزها في الخنادق فيما يقطنون هم الفنادق...
لقد أصاب الرئيس مبارك بصراحته هذه كبد الحقيقة, ووضع إصبعه على جرح تعاني منه هذه الأمة جراء بغال السياسة العرب الذين يخططون لجعلنا حمقى نسير في أذيالهم, وننضم إلى مظاهراتهم وشغبهم المعلب ونردد معهم كالببغاوات شعاراتهم الزائفة: بالروح بالدم نفديك يا ... ويقترن بهذا الشعار وغيره - بالطبع - اسم زعيم مغرور لا يجد حرجا في التضحية ببلاده وشعبه مقابل ان يصبح إمعة بيد محركي هذه المظاهرات المعلبة.
مبارك القائد الحكيم أبى الاستماع لأهازيج الاطراء المزيف لإيمانه بأن مصر وأهلها ومصالحها هو الشيء الوحيد الذي يتم التضحية من أجله, فالوطنية لم ولن تكون صكوك غفران تصدر من الشام أو طهران أو من خالد مشعل وزنادقة السياسة العربية الذين لا يعرفون مقرا لعقولهم لأنهم لا يتقنون سوى العمل على تقمص ريش الطواويس, بعد ان ظنوا أنهم كرادلة هذا العالم وأئمته, فنسألك - يا حكيم - ان تفصح لنا أكثر عن نوايا هؤلاء الاشرار الذين يريدون تدمير عالمنا العربي وعلاقاته مع العالم بهرطقاتهم التي تنتهي دائما بالهزائم والنكسات ويسمونها انتصاراً إلهيا.
دعاؤنا هنا يا مبارك أن يسمع ذاك النفر القليل جدا من شعبك ما قلته ويعيه جيدا كي يستبدل رفعه صور حسن نصر الله بصورة زعيمه المؤمن بوطنه, وان كنا نعرف جيدا انك لست بحاجة لهذا, غير اننا نأسف حينما نرى ولو عشرات من المصريين يؤيدون هذا quot;العميل الايرانيquot;, وكأنهم يجهلون كم حربا خاضتها بلادهم, وكم من شهيد قدمت من أجل نصرة قضية جنى عليها أهلها, ولكننا رغم هذا لا نتعجب كثيرا من تصرف هذا النفر القليل جدا من شعبك, كونه أحد عيوب حرية الرأي والديمقراطية التي تعري مكامن الأنفس وما تختزنه الصدور, ولعل هذا التعري نفسه هو ما يشفع للديمقراطية كي يعلم الناس جميعا الصالح منهم والطالح.
أخيرا نقول: شكرا ياريس... إنك رجل رشيد, سيذكر لك التاريخ أنك حكمت مصر بعقل وعاطفة معا, وأردت لها استعادة أمجادها الاقتصادية التي دمرتها حروب زعامات شبعت من التصفيق وانتهت إلى مزبلة التاريخ... زعامات سادت وبادت وخلفت وراءها دماراً في الأنفس والأموال والبلاد والعباد.