أجرت laquo;النهارraquo; اول حوار مع احد ابرز رموز المقاومة الكويتية المقدم المتقاعد محمد عبيد المطيري بعد صمت دام 19 عاماً، المطيري الذي كلف من قبل قيادات عليا ابان الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت، وقام باخراج دسكات المعلومات المدنية من الكويت الى اراضي المملكة حفاظا على الهوية الكويتية.

وأفاد المطيري من خلال هذا الحوار بأن الدسكات سلمت له من العميد يوسف المشار - رحمه الله - وبعد وصوله الى مدينة الخفجي قام بتسليم هذه الدسكات الى الفريق عبدالله الفارس محافظ حولي في هذه الفترة، وقال laquo;ذهبت الى الدمام ومن ثَمّ الى الطائف مقر الحكومة الكويتية وسلمت الدسكات الى وزير الداخلية الشيخ سالم صباح السالم ( رحمة الله ) وهي عبارة عن 16 دسكاً تحتوي على معلومات عن 680 الف مواطن كويتي التي كانت حتى تاريخ 2/8/1990.

وأكد أنه قد كلف باخراج شخصيات مهمة من الكويت امثال الفريق عبدالله الفارس واللواء عبدالحميد العوضي والدخول بالعميد يوسف المشاري الى الكويت لتكوين المقاومة الكويتية في الداخل، مشيراً الى انه قام باخراج الكثيرين من أهل الكويت من دون ذكر اسماء، موضحاً أنهم يعرفون ذلك ويتذكرونه جيدا.

ولفت أنه لم يجرِ أي لقاء تلفزيوني أو صحافي خلال السنوات الـ 19 الماضية حفاظا على عناصر المقاومة الكويتية الموجودة في السجون العراقية، حتى لا تكشف أسماء أبطال المقاومة الكويتية والمأسورين لدى النظام البائد. ولقد خص المطيري laquo;النهارraquo; باول لقاء بعد ان شاهد المقابلة مع احد رموز المقاومة الكويتية عبدالعزيز العنزي الذي تجاهل اسماء المجموعة المقاومة من ضمنهم المطيري نفسه. كما تحدث بصراحة عن الدور البطولي للعسكريين البدون الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تراب الكويت تاركين أهاليهم وعوائلهم، مؤكداً أنهم انضموا إلى القوات من الساعات الأولى للغزو الغاشم، مبيناً ولاء بعض البدون اكثر بكثير من ولاء بعض الكويتيين بدورهم المشرف في الدفاع عن الكويت.

وأكد المطيري انه كلف عددا من العسكريين البدون بالالتحاق بالجيش الشعبي العراقي بأوامر عليا، ولكن للاسف ضاعت حقوق البدون بسبب اخلاصهم وتفانيهم بحب الكويت، laquo;النهارraquo; ستعرض لنا تفاصيل: هذا الحوار في السطور التالية:

صف لنا تسلسل الأحداث من بداية الغزو؟

عن تسلسل الاحداث وخاصة من بداية اليوم الاول للغزو عندما خرج من الكويت متوجها الى النويصيب بعد خروج الامير وسمو ولي العهد والحكومة في اليوم الاول الى مركز النويصيب ومنها الى المملكة العربية السعودية الشقيقة، وبعد الوصول الى الخفجي كان هناك مقر للشركة المشتركة لنفط الكويت التي كانت تعد مركز التجمع للكويتيين وبالذات اللجنة التي تم تكوينها فيما بعد والتي تكونت في البداية من اللواء فهد الفهد والعميد عبدالصمد الشطي والعميد مساعد الشايجي والمطيري نفسه. وأضاف بعد مضي اربعة ايام وبالتحديد يوم الاحد الموافق 5/8/90 كانت هناك مهمة يجب ان يقوم بها احد الضباط وهي عملية دخول للحصول على معلومات عن اماكن وجود القوات الغازية وكان ذلك بطلب مباشر من اللواء فهد الفهد، لانه لم يكن هناك استعداد من الضباط لقبول هذه المهمة وقد طلبت من العميد الفهد ان اكون انا اول المنفذين لهذه المهمة ونعم أنجزت المهمة بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.

ومن خلال المهمة استطعت تصوير قاعدة للصواريخ في منطقة كبد وفي بر مشرف وعمل كروكي بين المواقع العسكرية وتمركزها داخل الكويت. وقال laquo;ثم بدأت او انطلقت رحلة الدخول الى الكويت بتكليف في مهمات معينة من بعد ذلك بدأت عملية تكوين المقاومة او المجموعة التي كنت انتمي اليها بدخول العميد يوسف المشاري الى الاراضي الكويتية، مستدركاً: ان العميد المشاري كان في اجازه بباريس ابان الغزو العراقي الغاشم، واول ما بلغ بالامر ترك عائلته وحضر فورا الى الخفجيraquo;. وزاد: لقد طلب مني العميد يوسف المشاري ان ادخلة الى الكويت لانشاء المقاومة الكويتية الذي كنت احد افرادها، والتي كانت مكونة من الاخوة - عميد يوسف المشاري، واللواء عبدالوهاب المزين والعقيد سفاح عنبر والعقيد يوسف السجاري والعقيد عبدالله الجيران واللواء محمد الشاهين والعقيد عبدالسلام السميط الذين تم اسرهم جميعا.

متى بدأت مهام المقاومة الكويتية للغزو؟

بدأت مهام المقاومة بتاريخ 15/8/90، وقد كلفنا ببعض الأعمال وهي حمل الاجهزة الخاصة بتفجير الالغام عن بعد وبعض الاسلحة الخفيفة وادخال المبالغ المادية الى الكويتيين الموجودين بالداخل وادخال الستلايت لربط المقاومة مع المسؤولين في الداخلية الكويتية بالمملكة.

ولفت لقد كنت همزة الوصل بين المسؤولين بالمملكة والمقاومة الكويتية بشكل مباشر بسبب سوء الاتصال عبر الستلايت الذي كان يستخدم في حينه.

وضّح لنا المهام التي كلفت بها؟

من المهام التي كلفت بها توصيل المعلومات من الحكومة الكويتية من خلال المسؤولين الى المقاومة التي في الداخل، كما ذكر ان مجموعته من ضمن مجموعات أخرى تعمل بالمهام نفسها والكل يعمل من اجل تحرير الكويت بما فيهم الشعب الكويتي ممن كان في الداخل او الخارج لانه خدم الكويت وقاوم من اجل التحرير.

وأضاف: ان عمله المباشر حينذاك بشكل مستمر مع وزير الداخلية المغفور له الشيخ سالم صباح السالم الصباح عبر المسؤولين، مستدركاً: كان رئيس اللجنة بالخفجي محافظ الاحمدي الشيخ علي صباح السالم حيث كان له الدور البارز والمشرف لتوجيه الأوامر.

وقال ان من واجباتي العمل على دخول الكويت ابان الغزو العراقي الغاشم، ودخلت الكويت (12) مرة بتكليف رسمي من اللواء فهد الفهد ووزير الداخلية الشيخ سالم صباح السالم ورئيس اللجنة الشيخ علي صباح السالم الصباح ومن الشيخ سلمان الحمود الصباح الذي كان في هذه الفترة مساعد امن الدولة الذي كنت اعمل معه.

كيف كنت تدخل الكويت وتخرج منها؟

لقد دخلت الكويت ابان الغزو العراقي الى الكويت بهويات مزورة وبعلم المسؤولين السعوديين والكويتيين بصفتي موظفاً في شركة نفط الكويت، وتابع: كنا ندخل بطرق عدة وبكل الوسائل المتاحة لان الدخول كان ليس بالامر السهل مما تعرضنا لكثير من الاحيان الى اطلاق اعيرة نارية لأننا ندخل الكويت عن طريق التهريب.

وأوضح احيانا في بعض الوقت كنا ملزمين بتوصيل معلومات الى المقاومة التي في الداخل من قبل المسؤولين لعمل خطة او توصيل معلومات في بعض الاحيان تكون اهم من السلاح خصوصا بعد انقطاع الاتصال في بداية شهر اكتوبر.

هل تم القبض عليك من قبل القوات العراقية؟

نعم، لقد تم القبض علي من قبل القوات العراقية وأنا أحمل معي اجهزة لتوصيلها الى المقاومة في مزارع الوفرة بعد دخولي من المملكة العربية السعودية لكنني كنت أخفيها في السيارة، وبعد اجراءات كثيرة ومكثفة خصوصاً ان الهوية التي كنت احملها تحمل الجنسية اليمنية وبعد مضي يومين تم الافراج عني علما بانهم لم يستدلوا على الاجهزة وذلك بفضل الله.

وأشاد بدور الشهيد يوسف المشاري الذي كانت تصل له الاموال من الحكومة الكويتية بالخارج ليوزعها على الشعب الكويتي الصامد.

وشدد المطيري بالقول ان جميع الشعب الكويتي مقاوم للجيش المحتل وكل حسب طريقته الخاصة من اجل الكويت الصامدة.

ماذا عن دسكات البطاقة المدنية؟

تحدث المطيري عن أكبر انجاز وهو خروج دسكات البطاقة المدنية من الكويت الى المملكة لتسليمها الى الحكومة الكويتية الموجودة في الطائف وهذا الأمر تم بتكليف من العميد يوسف المشاري - رحمة الله -، وهي عبارة عن دسكات تحمل البطاقة المدنية للكويتيين حتى تاريخ الغزو لأجل حفظ الهوية الكويتية من الضياع، وقال المطيري ان الاخ عبدالعزيز العنزي ابدى استعداده بالخروج بالدسكات من الكويت الى المملكة، ولكن العميد المشاري رفض ان يعطيها للاخ عبدالعزيز العنزي وتم تكليفي بالمهمة وتم الاعتذار للاخ العنزي وكان ذلك بحضور العقيد عبدالله الجيران (أبو ضاري).

ما الطريقة التي نقلت بها الدسكات؟

من خلال سيارة كروسيدا كانت ذا لون عنابي، وقمنا بوضع الدسكات داخل اماكن سرية بشكل معين مع عائلة الفريق عبدالله الفارس محافظ حولي حاليا.

وأضاف: لقد كانت الدسكات موجودة في الكويت مع العميد يوسف المشاري بعد ان احضرها بعض الضباط الذين يعملون في الداخل فهم من قاموا باخراج هذه الدسكات من مقرها واعطائها للعميد يوسف المشاري في البيت المعد لمجموعة المقاومة وتكليف من المشاري نفسه .

الى من سلمت هذه الدسكات؟ وفي أي مكان؟!

بعد خروجنا بها الى الخفجي سلمتها الى عبدالله الفارس الذي بدوره ذهب الى الدمام لتسليمها الى وزير الداخلية الشيخ سالم صباح السالم، وهذا الأمر وصل حينها الى سمو الأمير وسمو ولي العهد اللذين بدورهما شكروني على لسان الشيخ سلمان الصباح على الجهود التي قمت بها في خدمة وطن الكويت وهذا جزء بسيط من حق الكويت علينا.

كم عدد هذه الدسكات؟

كانت عبارة عن (16) دسكاً وكان الدسك بحجم الفيديو حينها وتحتوي هذه الدسكات على 685 اسماً لمواطن كويتي بمعلوماته الكاملة حتى يوم الغزو 2/85 وهي احصائية كاملة عن الكويت .

كيف اخرجت الفريق عبدالله الفارس من الكويت؟

من المهمات الصعبة التي واجهتني هي اخراج الفريق عبدالله الفارس من الكويت بكل شكل من الاشكال لانه كان مطلوب من قبل القوات الغازية فقد كان اسمه متداولاً في الاذاعة والتلفزيون وتم تخصيص مكافات كبيرة على من يقوم بالقبض عليه لان عبدالله الفارس من المناضلين الابطال والحريصين على الكويت ، ولان مواقفه كانت جيدة استدعت ان الحكومة العراقية دفعت المكافات لمن يقوم بضبطه .

وتابع: لقد قمت باخراجه بتوصية من وزير الداخلية الشيخ سالم صباح السالم وتوصلت له عن طريق اشخاص معينين ، ومن ثم قمنا بالخروج عن طريق البر عن طريق سنتر عواد الى الحماطيات ، لان الطلوع من الكويت كان صعبا للغاية وقد تعرضنا خلالها الى اطلاق النار ومحاولات القتل ، ولكن عزيمة عبدالله الفارس شجعتني وتم خروجنا الى المملكة بعد مطاردة من قبل الجيش العراقي وكان برفقتنا اللواء عبدالحميد العوضي مدير عام المباحث الجنائية حاليا .

هل طلبت منك وزارة التربية اجراء مقابلة معك؟ ولماذا؟

نعم، ان وزارة التربية طلبت اجراء مقابلة لوضعها في المناهج للتدريس للاجيال القادمة ولكنني رفضت للسبب نفسه ، وبالوقت نفسه الوزارة تفهمت الأمر .

أين كنت حينما دخلت القوات الغازية الى منطقة الخفجي؟

عندما دخلت القوات الغازية الى الخفجي كانت موجودة مع فرقة من القوات الكويتية بقيادة العقيد عبدالعزيز السويطي والرائد يوسف البطي والرائد عبدالرحمن الخميس والملازم محمد العوضي والملازم نومان بو خشبة والملازم مسعود المطيري وكلهم من الجيش الكويتي وانا الوحيد من وزارة الداخلية مع العلم ان كانت هناك اوامر من الحكومة السعودية اخلاء الخفجي وايضا من رئيس اللجنة المشكلة الشيخ علي صباح السالم على ان نغادر ، وقد غادرت الفرقة بالفعل الا انني رفضت المغادرة وفضلت البقاء قرب تراب الكويت حتى ولو كلف ذلك حياتي .

ماذا كان موقف الحكومة الكويتية تجاه بطولاتك؟

قال المطيري في تاريخ 16/1/1991 قبل التحرير ويوم القصف الجوي كان هناك مكرمة من وزير الداخلية الشيخ سالم صباح السالم على الشيخ علي صباح لترقيتي الى رتبة ملازم الذي قلدني هذه الرتبة العقيد يعقوب السويطي بعد احضار فريق من المصورين بهذه المناسبة من قبل الشيخ علي صباح السالم ، ومن بعدها التحقت مع القيادة للجبهة الجنوبية بقيادة الفريق سلطان بن عادي الحلفي لاتمام المهمة السابقة ونقطة اتصال بين القوات ووزارة الداخلية الكويتية وقيادة الجبهة الجنوبية لتحرير الكويت .

هل تم تكليفك بالبحث عن الاسرى الكويتيين في العراق؟ ومتى كان ذلك؟

نعم، في مارس 2003 تم تكليفي مع مجموعة من الضباط في مهمة في الاراضي العراقية للبحث عن الاسرى الكويتيين بالاتفاق والتنسيق مع اياد علاوي حيث مكثنا في العراق 8 شهور حتى سقوط الصنم تم استدعاؤنا من قبل الحكومة الكويتية والعودة بنا الى الكويت .

حدثنا عن دور العسكريين البدون أمام الغزو؟

ان العسكريين البدون ادوا الدور المشرف حيث كان لديهم ولاء لا يوجد لدى كويتيين يحملون الجنسية الكويتية ، لان بعض البدون ضحى بالغالي والنفيس والنفس من اجل تراب الكويت ، ومنهم من كلف بالانتساب الى الجيش الشعبي العراقي باوامر عليا ولكن ظلموا فيما بعد .

وتابع: ان الكثيرين منهم ظلموا من قبل الحكومة والسبب اخلاصهم وتفانيهم من اجل تراب الكويت وحب الكويت .

مستدركاً: انني لفي جرح من الحكومة بما تعامل به البدون لانني تعايشت معهم بتلك الفترة، فقد تركوا اهلهم وذويهم وذهبوا مع الجيش والالتحاق بالعمل والتفاني لاجل تحرير الكويت مع انهم محرومون من ابسط الحقوق وفي النهاية يعاملون بهذا الشكل الذي هو اقل من تقديرهم وتضحياتهم ، كما طالب المطيري انصاف هذه الفئة من قبل الحكومة والشعب الكويتي .