الجزائر - كمال زايت

لاحظ المتتبعون لحملة انتخابات الرئاسة التي انطلقت منذ أكثر من أسبوع أن مصطلح 'التغيير' يتكرر في الخطابات والشعارات التي يرفعها منافسو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الطامح للحصول على ولاية ثالثة، في وقت يركز فيه هذا الأخير على الاستمرارية ، وهو شعار يبدو أقرب إلى الواقع السياسي. وبالرغم الاختلافات الجوهرية القائمة بين برنامج المرشحين الخمسة المنافسين للرئيس 'المرشح المستقل' ( كما أضحى يسمى منذ انطلاق الحملة)، فإن التغيير يأخذ أشكال ومعاني مختلفة لدى كل واحد من الطامحين لدخول قصر الرئاسة.
ويعتبر المرشح محمد جهيد يونسي الذي يقدم على أنه مرشح الإسلاميين من الذين اختاروا 'فرصتكم للتغيير' كشعار في برنامجه الانتخابي،واعدا بمشروع كبديل لسياسات الحكومة 'الفاشلة' خلال السنوات الماضية.
ويرفع المرشح محمد السعيد المحسوب أيضا على التيار الإسلامي شعار 'التغيير اليوم وليس غدا'، رغم أنه أعلن قبل بداية الحملة وأثناءها أن الهدف من مشاركته في الانتخابات ليس الفوز بقدر ما هو التعريف بنفسه، وشرح برنامج الحزب الذي أعلن عن تأسيسه قبل أيام من ترشحه لانتخابات الرئاسة والذي لم يعتمد رسميا من وزارة الداخلية.
ولم يتخلف المرشح موسى تواتي عن سابقيه في الحديث عن التغيير طوال الأيام الأولى من حملته الانتخابية التي اختار لها شعار 'من أجل التغيير والسلطة للشعب'، داعيا الشباب إلى التوجه بكثافة إلى مكاتب الانتخاب 'حتى تكون لهم الكلمة في اختيار من يحكمهم'، على اعتبار أن تواتي ظل دائما يرفض الطرح القائل ان الأمور محسومة سلفا لصالح الرئيس بوتفليقة.
وإذا كان المرشح علي فوزي رباعين الذي يحب أن يصف نفسه بـ'مرشح الفقراء' لم يجعل التغيير شعارا له، إلا أنه تحدث عنه في معظم التجمعات الشعبية التي أشرف عليها منذ انطلاق الحملة الانتخابية، فقد دعا الشباب إلى التصويت لصالحه من أجل تحقيق التغيير المطلوب.
أما المرشحة لويزة حنون، المرأة الوحيدة التي تخوض هذه الانتخابات، فقد ركزت كعادتها على موضوع السيادة، وأسهبت في الحديث عن النموذج الفنزويلي، وطالبت بتغيير السياسات الاقتصادية القائمة والعودة إلى سياسة التأميم ودعم القطاع العام وتوقيف عمليات الخصخصة.
والغريب أنه حتى الأطراف التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، تتغنى بالتغيير أيضا، فقد دعا حزب جبهة القوى الاشتراكية (معارض) إلى مقاطعة الانتخابات من أجل فرض التغيير.
وقام الحزب الذي يخوض حملة مضادة تدعو للمقاطعة بطبع ملصقات رسمت عليها صورة يد تحمل 'بطاقة حمراء' شبيهة بتلك التي يحملها الحكام في مباريات كرة القدم، وكتب عليها شعار: 'من أجل التغيير'.
ويرى المحلل عبد الله دبش أنه 'لا يوجد شيء اسمه تغيير في الانتخابات الرئاسية القادمة، بل إن هذه الانتخابات تكرس الاستمرارية وديمومة النظام، وهذا أمر يدركه الجميع بمن فيهم المرشحين الآخرين الذين يتفق معظم المراقبين الآخرين على وصفهم بالأرانب'.
واعتبر أن الذين يقومون بالحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة هم نفس الأشخاص الذين نادوا بالأمس القريب بحياة الرئيس السابق اليمين زروال.
وشدد على أنه 'ليس هناك أي تغيير طالما ان الانتخابات الرئاسية المقبلة هي استنساخ لجميع المواعيد الانتخابية السابقة. فبينما يتغنى الجميع بأن الانتخابات حرة ونزيهة، نجد أن الإدارة هي التي تسير الحملة الانتخابية للرئيس المرشح' عبد العزيز بوتفليقة.
وأوضح دبش أن الوزير الأول أحمد أويحيى زار أمس الخميس ولاية 'البويرة' (150 كيلومتر شرق العاصمة) من أجل القيام بالحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة، مشيرا إلى أن الإدارة كلها وقفت وقفة رجل واحد من أجل توفير كل الإمكانيات الضرورية لإنجاح التجمع الشعبي الذي عقده، بما فيها استقدام المواطنين في الأتوبيسات.
وأشار إلى أن سكان قرية صغيرة في بلدية عين حجر في الولاية ذاتها (البويرة) انتفضوا منذ يومين وأغلقوا الطريق وكذلك مقر البلدية احتجاجا على الظروف الاجتماعية الصعبة، فخرج إليهم رئيس البلدية واعدا إياهم بتحقيق كل طلباتهم شرط أن يصوتوا لبوتفليقة. واعتبر أن التغيير الحقيقي يبدأ بحياد الإدارة خلال الانتخابات، مؤكدا أنه ما دامت الأمور محسومة لصالح بوتفليقة في انتخابات الرئاسة القادمة، فيجب على الأقل أن نعمل على تغيير الممارسات والذهنيات في الانتخابات الرئاسية التي ستشدها الجزائر عام 2014.