26-06-2009

نوري المالكي.. وحسن الجوار..!

سلطان عبدالعزيز العنقري


من منا لا يريد للعراق الأمن والاستقرار والرخاء؟ ومن منا لا يريد لحضارة وادي الرافدين أن تعود كسابق عهدها؟ ومن منا لا يحب العراق أرضا وشعبا وعلماء البعض منا تتلمذ على أيديهم؟ ولكن العراق اليوم مختلف تماما عن الأمس، فهو عراق ممزق بل إن البعض يريد انتزاع عروبته من أهله وتغليفه بطابع عرقي أو مذهبي هذه هي الحقيقة المرة التي لا يمكن بلعها أو هضمها.
رئيس وزراء العراق نوري المالكي صرح قبل فترة انه يريد حسن الجوار، ويريد من الدول العربية فتح سفارات لها في ارض محتلة من قبل قوات أجنبية داست على عظمة وكرامة العراق وأهل العراق وأحدثت فيه جرحا غائرا لا يمكن اندماله بالبساطة التي يتصورها السيد المالكي. ولكن لا يصلح الله ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم، فكيف يريد المالكي حسن الجوار وهناك في العراق من هو مرتمٍ في أحضان الآيات في إيران؟ وكيف يريد المالكي حسن الجوار والأكراد يصدرون النفط يوميا وأصبحوا دولة داخل دولة؟ وكيف يريد المالكي حسن الجوار ودول الجوار الخليجية وغيرها هي التي تحرس حدود العراق وليست القوات الأمريكية الغازية أو حرس الحدود العراقيين الذين تم حلهم وطردهم من الخدمة في بلدهم بواسطة بول بريمر بجرة قلم؟.
العراق يحكم بشخصين، الأول وهو رئيس العراق، جلال الطالباني، كردي العرقية وليست هناك مشكلة، لان الأكراد إحدى العرقيات وهم مواطنو العراق بدون أدنى شك، ولكن لماذا لم يردع صاحبه البرزاني بالتخلي عن فكرة انفصال إقليم كردستان عن بلده العراق، ولماذا لم يحتج ويعترض على استغلال ثروة العراق النفطية في كردستان العراق وتصديرها وقصرها على الأكراد في الشمال وهو رئيس كل العراقيين من شمال العراق إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه، ألم يقسم عند تنصيبه رئيسا بالمحافظة على ارض وشعب ومقدرات ومكتسبات شعب العراق ووحدته الوطنية؟
والشخص الثاني هو رئيس وزراء العراق نوري المالكي شيعي المذهب وليست هناك مشكلة، لان الشيعة مذهب من المذاهب الدينية المتعددة في العراق، ولكن المشكلة عندما يكون الولاء للعرقية وأتباعها أو للمذهب وأتباعه وليس للوطن والانتماء الحقيقي إليه.
الفلتان الأمني في العراق، والتدخل الإيراني السافر وأجهزة استخباراتها، والموساد الإسرائيلي، والاستخبارات الأجنبية وغيرها، هذا لم يكن ليحصل لو كان هناك صدام حسين، ولا يمكن أن يجرؤ أي إيراني أو عراقي كردي أو شيعي أو سني أو مسيحي أو تركماني بفتح فمه لان مقص صدام كان جاهزاً.
نحن في هذا المقال لا نريد إثارة النعرات العرقية أو المذهبية ولكن تساؤلنا هو لماذا هذه الفوضى المستمرة في العراق؟ فمسلسل التفجيرات زادت وتيرتها وكذلك الاغتيالات، نريد إجابة واضحة من السيد المالكي. لماذا لا ينزل إلى الشارع ويزور الأحياء السنية والتركمانية والمسيحية وغيرها من العرقيات والمذاهب ويسأل الناس سؤالا بسيطا هو لماذا هذا الانفلات الأمني في بلده العراق؟ أو قد نلتمس له العذر لان مقر إقامته قي المنطقة الخضراء ولا يستطيع مغادرتها بسبب ذلك الفلتان الأمني وعجزه وحكومته عن استتباب الأمن في العراق، فالموضوع ليس فحسب إعدام صدام حسين والتخلص منه العملية هي اكبر من تفكير وتخطيط من مزقوا العراق لأنه تم إعدام شعب بأكمله ونفيه من أرضه بتلك السياسات العرقية المذهبية المغلفة بالاحتلال الأجنبي هذا هو الواقع الأليم للعراق وشعب العراق.
والتساؤل الذي دائما يطرح نفسه ماذا حقق الاحتلال الأمريكي للعراق؟ والإجابة هي ليس فحسب التخلص من دكتاتور لان التخلص من دكتاتور أمر في غاية السهولة، فالأمريكان يعرفون جيدا طرق التخلص من الأشخاص أو القيادات دون تدخل عسكري واحتلال والجنرال نورييقا حاكم بنما شاهد، بل الهدف كان تدمير العراق وحضارته وعلمائه واستنزاف ثرواته وتقسيمه إلى دويلات. هذا هو هدف من يسمون أنفسهم بجبهة المعارضة في العراق والذين يحكمون العراق الآن فقط في ما يسمى بالمنطقة الخضراء.
هناك أمور خاطئة يجب تصحيحها وإذا كانت هناك أخطاء من البعض من المنتسبين لحزب البعث ليس معنى ذلك أن يأتي رئيس طهاة من أمريكا يريد اجتثاث كل منتسب لحزب البعث ولا يعرف أن كل الشعب العراقي منتمون لحزب البعث.
واقع الحال يقول لنا إن الهدف من اجتثاث حزب البعث هو إفراغ الوطنيين العراقيين الذين ذاقوا المرارة من حكم صدام من الساحة السياسية التنافسية لكي تأتي مجموعة معينة تستحوذ على كل شيء هذا هو التفسير الحقيقي لهذا التهميش لمجموعات كبيرة من السنة والتركمان والمسيحيين وغيرهم في وطنهم العراق لكي يبقى في الساحة الأكراد والشيعة فقط.
هذا التهميش خلق التناحر بين الوطنيين ومن قدموا من خارج العراق من المعارضين الذين يريدون الاستحواذ على كل شيء ويعطون انطباعا بان من يقوم بتلك العمليات الإرهابية هو تنظيم القاعدة؟!! وهذا غير صحيح وسبق أن تحدثت عنه في مقال سابق.
نخلص إلى القول إن العراق يحتاج من جامعة الدول العربية وضعه تحت وصايتها التي يجب أن تتدخل بشكل مباشر. فالعراق عضو في جامعة الدول العربية وبالتالي عليها التنسيق مع الإدارة الأمريكية لاستلام العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية، فالدول العربية عليها مسؤولية إعادة تأهيل العراق امنيا ومؤسساتيا وعسكريا وعدم تركه بين فكي كماشة الأكراد والشيعة ومن ورائهما إيران، التي تريد أن تنتقم من العراق بسبب حربه مع إيران وتمزيقه وجعله تابعاً لإيران يدور في فلك النظام الفارسي، ثم بعد ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة يشرف عليها مراقبون دوليون بإشراف الجامعة وإعادة لم شمل العراق والعودة به مجددا إلى سابق عهده كحضارة عظيمة لا تعرف العرقية ولا المذهبية أو الدينية.