ممدوح إسماعيل

في ألمانيا وفي مدينة دريسدن بالتحديد، وفي الأول من هذا الشهر وقع حادث عنصري فظيع فقد تعرضت الدكتورة المصرية المحجبة مروة الشربيني إلى القتل طعناً بالسكين من متطرف ألماني، بعد أن سبق أن تعرض لها من قبل بسبب حجابها وحاول نزعه فأسرعت إلى القضاء الألماني كي تحتمي به من هذا المتطرف النازي العنصري ويدعى إليكس، والذي لم يعجبه حكم المحكمة بتغريمه غرامة مالية فأسرع وهو داخل المحكمة إلى سكين كان يخبئها بين طيات ثيابه وأخرجها وطعن المسلمة المحجبة، وعندما سارع زوجها إلى حمايتها عاجله بطعنات لتلقى الزوجة مصرعها ويبقى الزوج، الذي كان يستعد لمناقشة رسالة الدكتواره في الهندسة الوراثية بعد أيام، في غرفة الإنعاش.
وإني لفي عجب من تلك العنصرية البغيضة التي انتشرت في أوروبا وأميركا ضد الإسلام والمسلمين، ما الذي استفزهم من قطعة قماش تحتمي بها المرأة العفيفة من كلاب مسعورة خارجة من الحانات تتلهف إلى أي فريسة؟ من اللافت أنه في الوقت الذي تتشدق فيه أوروبا ودول الغرب بالحرية والإنسانية والديموقراطية وحقوق الإنسان تقتل المرأة من أجل حجاب! الواقع يقول ان الغرب لم يعد يطيق الحجاب، ولم يعد يصبر على انتشاره في أوروبا كإعلان بإنتهاء القيم الأوروبية وإعلان القيم الإسلامية في قلب أوروبا، لذلك بين كل حين وآخر يتم تناول قضية الحجاب كمشكلة، ففي حديث لمجلة laquo;فالترraquo; البلجيكية في 8 مارس 2005 دعت وزيرة الداخلية النمسوية إلى حظر الحجاب لأنه ينافي قيم المجتمع النمسوي! وفي العام نفسه صدر تقرير من اتحاد هلسنكي الدولي لحقوق الإنسان بعنوان laquo;التعصب والتمييز ضد مسلمي أوروباraquo; والذي أشار إلى تزايد التعصب في عدد من دول أوروبا وأنه يتراوح من المضايقات اللفظية إلى الاعتداءات الجسدية والتخريب ضد الممتلكات ومن بينها المقابر والمساجد، وأشار التقرير إلى الدور الكبير للإعلام الغربي في تشويه الإسلام وزرع التعصب، وأهم ما جاء في التقرير أن حظر الحجاب بدأ من فرنسا وسوف يمتد ليحظر في الدستور الأوروبي.
إن من أعجب الأمور أن تهتز أوروبا من أقصاها إلى أدناها بسبب قطعة قماش، لقد تعرت أوروبا من زيف ادعائها بالحضارة والحرية بسبب هذه القطعة من القماش التي أصبحت معول هدم في بنيان هذه الحضارة الزائفة التي غرت وخدعت كثيراً من أبناء الإسلام.
أعتقد يقيناً أن مروة الشربيني قتلت حقداً وتعصباً من تيار يسري في أوروبا سريان النار في الهشيم يحاول تحدي القيم التي حاربتها المادية الغربية وظهر بها المسلمون في أوروبا، تلك المادية التي وصلت إلى انتهاك حقوق الإنسان بصورة خطيرة، وهذا ما أكد عليه التقرير الخطير الذي نشرته محطة laquo;سي إن إنraquo; الإخبارية وأكدت فيه انتشار ظاهرة تجارة الرقيق من النساء حول العالم لاستخدامهن في الأعمال المحرّمة، وقد أكد التقرير أن هناك laquo;2raquo; مليون امرأة وطفلة يتم بيعهن كعبيد سنوياً، منهن مئة وعشرون ألف امرأة من أوروبا الشرقية ويتم تهجيرهن إلى أوروبا الغربية لهذا الغرض الدنيء، وأكثر من 15 ألف امرأة يتم إرسالهن إلى الولايات المتحدة الأميركية وأغلبهن من المكسيك.
وأخيراً، فإن حوادث التعصب الأخيرة ضد المسلمين والتي تتنوع من فقء عين إمام مسجد في بريطانيا إلى حرق مساجد في إيطاليا في ميلانو، التي أعلنت مسؤوليتها عنها جماعة تدعى الجبهة المسيحية المقاتلة العام 2007، إلى ظهور منظمة في بلجيكا اسمها laquo;أوقفوا الإسلام في أوروباraquo; حتى حادثة استشهاد الدكتورة مروة الشربيني في ألمانيا على يد سفاح ألماني، كل ذلك يؤكد ما يقال... ان حوار الأديان ترجمه متطرفو أوروبا بتعصبهم الأعمى إلى حوار الطرشان.