ذرت الرماد في laquo;العيونraquo;

الكويت - الراي

حريق العيون في منطقة الجهراء كان الحدث أمس بكل عناوينه المأسوية، حطّ بندا رئيسا على طاولة الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء مع كل ما يخفف من ألم المصاب، وكان محل تصريحات نيابية أشارت بأصابع الاتهام إلى التقصير الحكومي، فيما تم تشييع عشر من ضحايا الحريق، خمس في مقبرة الجهراء ومثلهم في مقبرة الصليبخات والبقية تاتي مغسولة بدموع الحزن والألم، بينما توفيت أمس حالتان من المصابين المتلقين العلاج في مستشفى البابطين تأثرا بجسامة الحروق.
هل الحريق بفعل فاعل؟ القطبة لم تعد مخفية بعد ان اعترفت الزوجة الاولى للمعرس امام المدير العام للمباحث الجنائية بالوكالة العميد مازن الجراح باشعالها خيمة العرس بواسطة غالون وقود وكبريت، بهدف تخريب العرس، ولم تتوقع وفق افادتها سقوط ضحايا.
وبين الحدث والتشييع وفتح ملف التحقيق يبقى الحدث ماثلا للعيان في مشهد سيدة متفحمة وطفلتيها، وفي وفاة أربع من الحوامل، فيما كان الأمل في الحياة كبيرا لخامسة شاء القدر ان تضع مولودها وسط أنقاض الحريق الذي لم يرحم ولتنقل معه حية إلى المستشفى.
وأعرب سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في مستهل الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء برئاسة سموه عن اعمق مشاعر الالم والحزن والاسى ازاء فاجعة الحريق المأسوي الذي شهدته منطقة العيون والذي راح ضحيته العشرات من الضحايا والمصابين.
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان ان سموه امر بتوفير الامكانات والتسهيلات كافة لتأمين الخدمات الطبية اللازمة لعلاج المصابين بكل ما يستوجبه ذلك من جهود، وتأمين جميع السبل الممكنة لتخفيف ألم ومعاناة اسر الضحايا جراء هذه الكارثة الانسانية.
كما كلف مجلس الوزراء لجنة برئاسة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وعضوية وزارة الداخلية ووزارة الصحة والادارة العامة للاطفاء وبلدية الكويت للوقوف على جميع تفاصيل الحادث وملابساته تمهيدا لاتخاذ الاجراءات المناسبة في شأنه ووضع الاشتراطات والضوابط التنظيمية الكفيلة بتجنب تكرار مثل هذه الحوادث، وضمان تأمين كافة اجراءات الأمن والسلامة في إقامة المناسبات ومحاسبة كل من يقصر في الالتزام بها.
وقال الروضان لـ laquo;الرايraquo; ان مجلس الوزراء فوّض وزارة الصحة في اتخاذ الإجراءات التي من شأنها التعاطي مع الحدث وإمكانية استقدام أطباء من الخارج أو إرسال الحالات التي تستدعي طبيعتها للعلاج في الخارج دون الدخول في الدورة الروتينية المعتادة في الحالات الأخرى التي تتعامل معها وزارة الصحة.
ووصف سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ماحدث بأنه laquo; فاجعة كبرى ومأساةraquo; مرت بها الكويت، وأضاف عقب زياره تفقدية قام بها مع رئيس مجلس الأمة بالإنابة عبدالله الرومي على المصابين في كل من مستشفى الجهراء ومركز البابطين لعلاج الحروق laquo;إننا نشكر جهود رجال وزارة الداخلية والدفاع المدني والإدارة العامة للإطفاء لإنقاذهم الناجين من الحريقraquo;.
كما قام سمو رئيس الوزراء بزيارة تفقدية إلى موقع الحادث.
وقال مدير منطقة الجهراء الصحية الدكتورعبدالعزيز الفرهود ان مستشفى الجهراء استقبل 90 حالة، وتوقع أن يحتاج بعض المصابين الى علاج على المدى الطويل بعد شفائهم.
وحول عدد الجثث التي تم انتشالها من موقع الحريق اشار الفرهود الى ان الموقع من اختصاص وزارة الداخلية، مشيراً الى ان 41 حالة وفاة كانت جميعها مصابة بحروق تفوق درجتها 100 في المئة كما ان تحديد هويات المتوفين من اختصاص وزارة الداخلية.
وكشف عن وجود بين 5 إلى 7 حالات مجهولة الهوية حتى الآن، لافتاً الى انه سيتم التعرف عليهم في اقرب وقت.
ولفت إلى أن الحالات الصعبة هي التي نقلت الى المراكز التخصصية مثل مركز البابطين للحروق بسبب ان درجات الحروق كانت عالية وتحتاج الى اختصاصيين.
و اعلن مدير منطقة الصباح الطبية الدكتور عادل الخترش انه توجد حالياً 20 حالة في مركز البابطين للحروق و10 من هذه الحالات تعيش على التنفس الاصطناعي ونسبة الحروق تصل الى 85 في المئة والعشر حالات الباقية تصل نسبة الحروق فيها الى 40 في المئة.
وفي موضوع الزوجة الأولى للمعرس علمت laquo;الرايraquo; من مصادر مطلعة ان أحد أقارب المعرس ابلغ رجال الأمن لدى معاينتهم مكان خيمة العرس امس أن الخادمة التي تعمل لديه عندها معلومات ما قد يشفي الغليل ويفتح الباب إلى معرفة الحقيقة.
وبالتحقيق مع الخادمة أكدت رؤيتها للزوجة الأولى للمعرس في محيط الخيمة في أثناء الاحتفال بالعرس واستغربت من حضورها على نمط الغيرة وقد اراد زوجها الاقتران بأخرى.
وقالت المصادر انه بناء على هذه الإفادة تم استدعاء الزوجة الأولى إلى الإدارة العامة للمباحث الجنائية حيث نفت وبشكل قاطع أن تكون تواجدت في مكان العرس، لكنها تراجعت بعد مواجهتها بالخادمة وأقوالها معترفة بأنها قدمت من منطقة الرحاب حيث تقطن إلى منطقة العيون حيث العرس وقد أقلها تاكسي إلى الموقع، وأمام التناقض في أقوالها تم التحفظ عليها حتى ساعة متقدمة من ليل امس لمواصلة التحقيق معها.
كما تم استدعاء المعرس للسماع إلى إفادته وكان مع عروسه في أحد الفنادق ولدى سؤاله ما إن كان يتهم زوجته الاولى نفى، وبسؤاله أيضا إن كان يعرف من أقدم على هذه الفعلة كرر النفي.
وكانت دارت أقاويل واشاعات ترمي بشبهة الشكوك حول الزوجة الاولى للمعرس وانها أطلقت تهديدات بأنها ستحرق العرس، ومن منطلق ذلك يكون تم التحفظ عليها خصوصا ان التهديدات قد تكون مجرد ردة فعل ليس أكثر.
وقالت المصادر ان رجال المباحث يفتشون عن صاحب التاكسي الذي أقل الزوجة الأولى من الرحاب إلى العيون، للتأكد من رواية الزوجة، كما تم استدعاء صاحب الخيمة وعاملة البوفيه وعامل الكهرباء للتحقيق معهم.
برلمانيا، أعلنت كتلة العمل الشعبي أنها ليست في مثل هذه الظروف بصدد الحديث عن القصور وإنما بصدد الحديث عن الأسلوب والتعامل مع نتائج الكارثة وتحديد المسؤولية، مما يشير إلى عدم وجود أي خطة أو استعداد لمواجهة الكوارث والحالات الطارئة، الأمر الذي كان واضحا في غياب أي دور لمجلس الوزراء الذي كان يجب أن يكون في حالة انعقاد دائم فور حصول الحدث.
وانتقد النائب مسلم البراك التعاطي الحكومي مع كارثة الحريق و laquo;طربraquo; الإذاعة الرسمية على أنغام أغنية laquo;الأماكنraquo; في الوقت الذي ضجت فيه أروقة المستشفيات بأنين المصابين وعويل أهاليهم، مؤكدا انه كان على مجلس الوزراء أن يعقد اجتماعا استثنائيا لمواكبة الحدث.
وقال النائب الدكتور حسن جوهر ان هذه الكارثة الإنسانية وحدت جميع أطياف الشارع الكويتي، فكان التعاطف موحدا والمشاعر مشتركة، داعيا إلى استخلاص العبر من هذه الفاجعة وتوحيد الصفوف laquo;وألا نترك الطائفية البغيضة والفرقة تتخللان صفوفنا كشعب وان نبقى متماسكين كما نحن في الشدائدraquo;.
ودعا النائب مبارك الوعلان إلى إجراء تحقيق سريع وشامل للوقوف على حجم المأساة، مطالبا الحكومة بتقديم تقرير شامل إلى مجلس الأمة عن الحريق وأسبابه ونقاط الخلل وسبل معالجتها للوقوف على حجم الكارثة، وطالب بتحرك حكومي استثنائي لمواجهة الكارثة وتقليل الخسائر قدر الإمكان.
ودعا النائب الدكتور جمعان الحربش إلى إعلان الحداد، مشددا على ضرورة فتح أبواب التحقيقات على مصاريعها لكشف القصور واوجه الخلل التي أدت إلى حصول الكارثة الإنسانية، خاصة وانها لم تكن الحادثة الأولى التي تشهدها محافظة الجهراء، داعيا إلى تفاعل الإعلام الرسمي مع حجم الكارثة الوطنية.
وطالب النائب حسين الحريتي الحكومة بتقديم تقرير شامل وموسع إلى مجلس الأمة عن الكارثة التي حصلت وأسبابها والجهود التي قامت بها الأجهزة المعنية فور تلقيها البلاغ.
واعلن النائب الدكتور ضيف الله بو رمية أن حادث حريق الجهراء كشف للشعب الكويتي laquo;هشاشةraquo; تعاطي الحكومة مع حالات الطوارئ التي تحدث في الكويت، وقال ان الحكومة بأجهزتها كافة عجزت عن التعامل بشكل سريع مع حادث حريق خيمة وتساءل ماذا ستفعل الحكومة لو كان الأمر أكبر من حادث حريق؟
وقال أبو رمية ان الحكومة فشلت في أبسط الأمور وهو التعاطي الإعلامي مع حادث الحريق حيث كان الشعب الكويتي يتابع آخر التطورات عن طريق قنوات laquo;الرايraquo; و laquo;الجزيرةraquo; و laquo;العربيةraquo; فيما تلفزيون الكويت كان يعرض الأغاني والمسلسلات الكوميدية وكأن الكويت لم تتعرض إلى كارثة إنسانية.
وأكد مراقب مجلس الامة الدكتور محمد الحويلة أن هناك قصورا في الرقابة والتفتيش وإلزام أصحاب الصالات والخيام بشروط الأمن والسلامة مما يعرض حياة المواطنين إلى الخطر، ولفت ان laquo;صبرنا قد نفد وإن كنا في الامس ننصح ونوجه الاقتراحات برغبة والأسئلة فإننا اليوم نقولها بكل صراحة اننا لن نتردد عن استخدام أدواتنا الدستورية بما فيها الاستجواب للوزراء المعنيين عن الحدث الجللraquo;.
وفي بيان لها أكدت الحركة الدستورية الإسلامية أن تكرار حوادث حرائق الأفراح بهذه الصورة المفجعة وفي أوقات متقاربة laquo;ما هو إلا الجانب الظاهر من التخبط والعجز الحكومي في إدارة الأزمات وتفشي الإهمال والتسيب والواسطة والمحسوبيات في الإدارات الحكومية التي تسمح بمخالفة اشتراطات السلامة والأمان المدنيraquo;.
وعلمت laquo;الرايraquo; أن وزير الأشغال وزير الدولة لشؤون البلدية الدكتور فاضل صفر طلب من بلدية محافظة الجهراء تقريرا عاجلا عن الحريق يكون على مكتبه اليوم للاطلاع على أسباب الحادث.
وأكد المدير العام لبلدية الكويت المهندس احمد الصبيح أن البلدية غير مسؤولة عن الحادث لأن الخيمة غير مرخصة منها.