المطارات الأوروبية... وفحص laquo;الماسِحات الضوئيةraquo;!

روبرت ماركواند / سويس أنفو

باريس - جنيف


ردت سويسرا ودول اخرى بتحفظ على عملية إدخال آلات المسح الضوئي الجسدي quot;سكانرquot; في المطارات الدولية. وفي الوقت الذي يرى فيه المكتب الفدرالي للملاحة المدنية أنه من الممكن التوصل الى قرار أوروبي موحد، حذر وزير الدفاع أولي ماورر من احتمال صدور ردود فعل مبالغ فيها.وفي ذات الوقت ابدت منظمات اسلامية ومسيحية تحفظها من استخدام أجهزة تكشف الجسم وتعري الانسان في المطارات لاسباب اخلاقية قبل ان تكون دينية.وفي ذات الوقت قال وزير الدفاع السويسري إنه من غير المعقول مشاهدة كل شخص عاريا مثلما ولدته أمه، كما يجب أن نراعي ألا تصدر ردود فعل مبالغ فيها. ولمواجهة الإرهاب الدولي، طالب الوزير بدل ذلك، بضرورة تحسين وسائل الإنذار المبكر، وتعزيز التعاون بين أجهزة المخابرات وتحسين وسائل تبادل المعلومات على المستوى الدولي. ويرى خبراء أن إستخدام آلات المسح الضوئي الجسدي بأنه quot;إجراء فعالquot; و quot;وسيلة مكملة للإجراءات الأمنية الحاليةquot;.

في السياق نفسه، يرى الأستاذ كورت شبيلمان، المتخصص في السياسات الأمنية، أنه سيتم استخدام آلات المسح الضوئي الجسدي في سويسرا خلال العامين إلى الخمسة أعوام القادمة.

وبمرور الزمن، سيتأقلم المسافرون مع إجراءات التفتيش المعقدة والطويلة. إذ يعتبر quot;أن من لا يرغب في الخضوع لهذه الإجراءات عليه أن يمكث في داره. إذ لم تؤد إجراءات نزع الأحذية، ولا عملية حظر نقل السوائل في الحقائب اليدوية، إلى الحد من سفر الأشخاص عبر العالم لأن الناس يتقبلون ويتفهمون هذه الإجراءات الأمنيةquot;.

وكانت هولندا أول بلد أوروبي يقرر استخدام آلات المسح الضوئي الجسدي كرد فعل على محاولة الإعتداء الفاشلة ضد طائرة مدنية أمريكية. إذ كان شاب نيجيري يبلغ من العمر 23 سنة قد خطط في 25 ديسمبر الماضي لنسف طائرة مدنية تابعة لشركة ديلتا نورث ويست عند وصولها الى مطار ديترويت قادمة من امستردام. لكن تم توقيفه من قبل المسافرين وطاقم الطائرة لدى محاولته إشعال فتيل مواد متفجرة.

وحسب السيدة غوسجي تير هورست، وزيرة الداخلية الهولندية فإن مطار أمستردام شيبهوول يتوفر على 15 جهاز quot;سكانرquot; سيتم تجهيزها للإستخدام في غضون ثلاثة أسابيع. وستستخدم لتفتيش المسافرين المتوجهين للولايات المتحدة.

وترى الوزيرة الهولندية أن هذا الإجراء quot;سيعمل على تحسين الإجراءات الأمنية بالنسبة للمسافرين. إذ ستسمح هذه الآلات، بالكشف حتى عن مواد خطيرة غير حديديةquot;.

كما أشارت وزيرة الداخلية الهولندية إلى أن quot;جميع آلات االمسح الضوئي الجسدي المستخدمة في مطار شيبهوول تم إعدادها بشكل يسمح مبدئيا بمعالجة quot;الصور العارية للأشخاصquot; بواسطة الحاسوب وحدهquot;. وهي بذلك تكون قد ردت على الانتقادات التي مفادها أن آلات المسح الضوئي الجسدي ستمس بالحرمة الجسدية للأشخاص المسافرين.

وتستعد كل من نيجيريا وإنجلترا وإيطاليا لإستعمال الآلات الكشافة الجسدية quot; سكانرquot; في مطاراتها الكبرى فيما أعلن في بروكسل عن اجتماع للجنة خبراء سلامة الطيران في الإتحاد الأوروبي يوم 7 يناير الجاري.

لقد قوبلت فكرة استخدام آلات االمسح الضوئي الجسدي لحد اليوم في بلدان الاتحاد الأوربي بالمعارضة. ولهذا وبعد معارضة البرلمان الأوروبي سحبت المفوضية الأوربية اقتراحها الصادر في شهر أكتوبر 2008 والقاضي بالسماح باستخدام هذه الآلات لتفتيش المسافرين في جميع مطارات الدول الأعضاء.

وهذه المعارضة الصادرة في حق استخدام آلات quot;سكانر جسديquot; نابعة من كون هذه الآلات لا تعمل فقط على إظهار تفاصيل جسد الشخص الذي يتم تفتيشه، بل تتيح أيضا الكشف عن أجهزته التناسلية، أو القطع أو الأطراف المزروعة. ولكن آلات الكشف المتطورة تستخدم برامج معلوماتية بإمكانها أن تعالج الصور لكي لا تسمح لأعوان الرقابة إلا بالإطلاع على المواد المشكوك فيها وأن تموه تفاصيل بقية الجسد.

ويبدو أن محاولة الاعتداء الفاشلة في ديترويت وتطور تكنولوجيا آلات المسح الضوئي الجسدي قد بدأت تقود الى تغير في الآراء في ألمانيا التي كانت تعارض بشدة استخدام هذا الصنف من الآلات.

وقد صرحت وزيرة البحث العلمي في ألمانيا آني تشافان في حديث لصحيفة quot;بيلدت آم سونتاغquot;: quot;إننا واثقون من أننا سنتوصل من هنا حتى فصل الصيف الى تحقيق نتائج بحث هامة بالنسبة لجيل جديد من آلات المسح الضوئي الجسديquot;.

وكانت هيئة المطارات البريطانية قالت انها ستتحرك سريعا لتركيب اجهزة مسح الجسم بالكامل في مطار هيثرو بلندن في اعقاب الهجوم الفاشل في يوم عيد الميلاد على طائرة متجهة الى الولايات المتحدة.وقال متحدث باسم الهيئة التي تمتلكها شركة فيروفيال الاسبانية لرويترز quot; بما ان الحكومة اعطت الضوء الاخضر فسندخل اجهزة مسح الجسم بالكامل في أقرب وقت ممكن عمليا.quot;

واضاف ان الهيئة التي تشغل ستة مطارات بريطانية تتطلع في هذه المرحلة الى تركيب اجهزة المسح في هيثرو اكثر المطارات الاوروبية ازدحاما بالركاب.

عندما أثير موضوع فحص كامل أجسام المسافرين بالماسحات الضوئية لأول مرة من قبل مسؤولي الاتحاد الأوروبي العام الماضي، قوبل حينها بانتقادات عنيفة من جانب السياسيين ووسائل الإعلام، باعتباره إجراء غير مقبول على الإطلاق، لما ينطوي عليه من امتهان لحقوق الإنسان، وتعدٍّ على كرامته.
أما الآن فقد بدأت تلك الآراء تتغير بعد مرور أسبوع على المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى ديترويت، وكان يمكن فيما لو استخدمت الماسحات الضوئية الكشف عن الضماد الذي كان يخفي فيه الشاب النيجيري عمر فاروق مواد متفجرة. وعلى رغم أن العديد من السلطات الأوروبية لم تنضم لقائمة المطالبين باستخدام هذا النوع من التفتيش رسمياً، إلا أن التحول من اعتبار هذا الأمر quot;غير مقبولquot; إلى اعتباره quot;مقبولاquot; بشرط أن يتم تطوير التقنية للمحافظة على الحياء، يعد تطوراً مهماً في النظرة الأوروبية للموضوع.وعلى رغم كون الموضوع حساساً ومسبباً لانقسام الآراء، إلا أن مسؤولي وزارتي العدل والداخلية في ألمانيا، يقولون فيما يعتبر بشكل واضح نقداً لسياساتهم السابقة، إن الماسحات الإلكترومغناطيسية التي تعطي صورة واضحة للجسم الإنساني تحت الملابس، أفضل في نظرهم من الإجراءات الأمنية التي لم تفلح في منع الشاب النيجيري من ركوب الطائرة.

وفي تصريح له قال وزير الداخلية الألماني quot;توماس دي مازييرquot; إنه على استعداد لإدخال نظام ماسحات الجسم، إذا ما ضمن أنه آمن ويحفظ بشكل كامل حقوق الخصوصية للركاب. كما قال quot;وولفجانج بوسباخquot; رئيس لجنة الداخلية في البوندستاج (مجلس النواب الألماني) في تصريح لصحيفة quot;تاجيشبيجلquot;: quot;إذا ما أثبتت هذه التقنية [ماسحات الجسم] فائدتها في التطبيق، أي إذا ما أثبتت أنها قابلة للاعتماد عليها، وكانت سريعة في الوقت نفسه، فإننا يجب أن نستخدمهاquot;.

وفي الوقت الراهن تستخدم المطارات الهولندية طوعياً أسلوب فحص الجسم بالماسحات بدلا من تفتيشه يدوياً، ولكن المسؤولين الهولنديين والبريطانيين يتوقعون أن يتم وضع ضوابط تنظيمية لعملية تفتيش المسافرين بالماسحات الضوئية. وفي هذا السياق أكد وزير العدل الهولندي quot;إيرنست هيرش بالينquot; للصحفيين أمس أنه قد تحدث مع وزيرة الأمن الداخلي الأميركية quot;جانيت نابوليتانوquot; هذا الأسبوع وقررا جعل عملية تفيش الجسم بواسطة الماسحات الضوئية إجراءً ثابتاً في المطارات الهولندية، بالنسبة للطائرات المتجهة للولايات المتحدة.

وقد بدأت سلطات مطار quot;شيبولquot; الهولندي تدقيق النواحي الفنية لنظام فحص الجسم بالماسحات الضوئية، وقال quot;أد روتنquot; كبير مديري التشغيل بالمطار، إن زملاءه يتوقعون الحصول على موافقة كاملة على تطبيق هذه الإجراءات من قبل الاتحاد الأوروبي العام المقبل.

ومن جانبه قال وزير الداخلية البريطاني quot;آلان جونسونquot; أمس: quot;ننوي استخدام آخر ما تم التوصل إليه في هذا النوع من التقنية الجديدة، والتأكد من وضعها موضع التطبيق في أقرب فرصة ممكنةquot;. ويشار في هذا السياق إلى أن بريطانيا تجري تجارب في مطار quot;هيثروquot;، على استخدام هذه التقنية المطبقة بالفعل في مطارات مانشستر، وزيوريخ، وشيبول (هولندا).

وعندما أثير موضوع استخدام ماسحات الجسم الضوئية لأول مرة في المفوضية الأوروبية في سبتمبر من عام 2008، اعتبر غير قابل للنظر فيه، وصوت البرلمان الأوروبي ضد استخدامه بأغلبية كاسحة ( 316 معارضا و16 موافقا وامتناع 181 عضواً عن التصويت). ووصف حينها هذا النوع من التفتيش بكونه عملية تعريه فعلية للجسم، وإجراءً تلصصياً، وانتهاكاً لحق الإنسان في المحافظة على خصوصياته، حيث تظهر الأعضاء الحميمة للمسافرين بوضوح في صور تلك الماسحات.

إلى هذا شجب عضو البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني quot;وولفجانج كرايزل- دورفلرquot; ما سماه الفوبيا (الخوف المرَضي) التي تلبست وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي بشأن الإرهاب.

ولم تعلن فرنسا بعد عن سياستها لفترة ما بعد محاولة ديترويت، ولكن يتوقع أن تقوم بذلك قريباً. يشار إلى أن فرنسا تطبق بالفعل إجراءات صارمة على المسافرين إلى الولايات المتحدة تشمل إجراء تدقيق ثانٍ على الحقائب التي يحملها المسافرون إلى داخل الطائرة، وعلى المسافرين أنفسهم في المساحة الفاصلة بين قاعة انتظار السفر وبين بوابة الطائرة ذاتها.

ويوصف هنا في أوروبا الاهتمام الأميركي بالإرهاب وإجراءات مكافحته بأنه مبالغ فيه، وبأنه يتسم بدرجة كبيرة من التوتر. وفي أعقاب محاولة تفجير طائرة ديترويت في الكريسماس لا يزال الكثيرون هنا ينتقدون المقترحات الشاملة لتأمين الطائرات المتجهة للولايات المتحدة، مثل وضع أجهزة تصوير في دورات مياه الطائرات، وإلزامية البقاء في المقاعد وعدم وضع أي شيء على حِجر الراكب في الساعة الأخيرة من الطيران.

ويمكن تلخيص التحول في الآراء بشأن ماسحات الجسم الضوئية بما جاء في افتتاحية صحيفة quot;داي فيلتquot; الألمانية اليومية التي أجرت فيها موازنة بين حق الخصوصية وبين ضرورة الحصول على المزيد من الأمن حيث قالت: quot;إن للخصوصية حدوداً تتوقف عندها، وخصوصاً عندما تكون حياة أشخاص آخرين في خطر، وهذا ما ينطبق على حالة الماسحات الضوئية. أما بالنسبة للناس الذين يشعرون بالضيق، ويضعون خصوصيتهم فوق أي اعتبار، فعليهم ألا يقللوا، في المقابل، من أهمية رغبة الألمان في البقاء على قيد الحياةquot;.

laquo;كريستيان ساينس مونيتورraquo;