أحمد ذيبان

..مرة أخرى تضع تركيا العرب في وضع مخجل، في تصديها للغطرسة الاسرائيلية، ومن الصعب تخيل كيف ينظر كثيرون من القادة العرب، الى تفوق رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عليهم، في مواقفه الشجاعة المنددة بالسياسات الاسرائيلية، وتأكيد التضامن مع الشعب الفلسطيني.وكان احدثها قبل ايام قليلة بدعوته الى إصلاح هيكلية الامم المتحدة، بسبب رفض اسرائيل لاكثر من مئة قرار يتعلق بالقضية الفلسطينية.

quot;المحرقةquot; التي ارتكبتها اسرائيل في غزة قبل عام، وادانة تركيا الصريحة لوحشية الجرائم التي ارتكبتها قواتها وبالذات قتل الاطفال الفلسطينيين، كانت الصاعق الذي فجر التوتر بين الجانبين، وربما فوجئت اسرائيل بالموقف التركي نظرا لعلاقات التحالف الاستراتيجي بين الطرفين على مدى عشرات السنين، ولم تجرؤ انقرة قبل حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان على اغضاب اسرائيل، وقبل ذلك اغضاب واشنطن برفض السماح بمرور قوات أمريكية من اراضيها لاجتياح العراق عام 2003.

خلال العام الماضي، اتخذت تركيا سلسلة مواقف داعمة للشعب الفلسطيني وعززت علاقاتها مع الدول العربية، والمفارقة ان بعض الاطراف العربية تضع العراقيل في طريق تضامن انقرة مع الشعب الفلسطيني،كما حدث في تعطيل وصول قافلة quot;شريان الحياة 3quot;الى اهل غزة والتي كان لتركيا حضور اساسي فيها !.

وأحدث جولة في تدهور العلاقات التركية الاسرائيلية، الازمة التي سببها التصرف العنصري الاستعلائي لنائب وزير الخارجية الاسرائيلي عند استدعائه السفير التركي وتعمد إذلاله احتجاجا على مسلسل تلفزيزني تركي يصف اليهود بمجرمي حرب وخاطفي اطفال!.

ولان تركيا دولة تملك قرارها المستقل وتعتز بكرامتها فقد جاء الرد سريعا بسحب السفير ومطالبة اسرائيل باعتذار وتوعد اردوغان لها برد مناسب!. ولا يغيب عن الاذهان الصفعة التي وجهها اردوغان للرئيس الاسرائيلي بيريز في منتدى دافوس، حينما اتهم اسرائيل بقتل الاطفال الفلسطينيين وانسحب من الجلسة، وكان من الصعب قبل حكومة اردوغان ان ترفض تركيا مشاركة اسرائيل في مناورات مشتركة سنوية كما حدث قبل عدة أشهر!.

ربما تبرد الأزمة باعتذار اسرائيل، لكن ثمة شرخا عميقا حدث في علاقات الجانبين وهو لصالح العرب، لكن المصيبة أن من يتحمسون لمناصرة القضايا العربية يصابون بالإحباط بسبب خذلان العرب لهم!