عبدالله بن بجاد العتيبي


فتاوى التكفير لدينا في تفش وازدياد، وهي تشهد في المرحلة الأخيرة انتشاراً ومزايدة، وقد سبق الحديث عن هذه الظاهرة مراراً، لخطورتها البينة وأضرارها العاجلة والآجلة، ومطلقو هذه الفتاوى التكفيرية المتطرفة هم في الغالب من خارج المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية.
خطر هذه الفتاوى محل اتفاقٍ، وتسليط الضوء عليها ومحاربتها واجب محتم على كل صاحب رأيٍ وقلم وقرار، ومفاسدها داخلياً لا تحصى خاصة ونحن لم نزل نلاحق فلول تنظيم القاعدة، والدولة تضربهم مرة تلو أخرى ضربات يكللها النجاح، وعمليات استباقية هي ثمرة عمل مضن وجهد لا يتحدث عنه الكثيرون ولكنهم ينعمون برخائه وأمنه.
أما مضارها الخارجية فليست محل جدل ولا مثار نقاش، فهي أوضح أن تجلى أو تشرح، وأهمها هو تشويه هذه الفتاوى لسمعة المملكة التي بذلت المليارات ورعت المشاريع الدولية وأقامت المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية لنفي تهمة الإرهاب والتطرف عنها، وبناء صورة معتدلة ومتسامحة لدى العالم عنا، لتأتي هذه الفتاوى التكفيرية فتؤلب العالم علينا وتهدم بكلمات يطلقها متطرف جاهل في منزلٍ منزوٍ أو مسجد بعيد عن العين، أو حتى عبر موقع إنترنتيٍ متخصص في نشر هكذا فتاوى.
التعرية الفكرية والمواجهة الثقافية لهذه الظاهرة عامل ذو أهمية قصوى في فضحها وفضح مطلقيها وتحجيمهم قدر المستطاع، وهو ما قامت به الدولة والمجتمع والمثقفون والإعلام على مدى الفترة الماضية، ولكن المثير هذا الأسبوع هو الانتقال إلى مرحلة المواجهة التشريعية، وهي مرحلة مهمة وحاسمة في إيقاف هذا الوباء الإفتائي، وذلك عن طريق المقترح الذي قدمه الزميل زهير الحارثي لمجلس الشورى بتجريم فتاوى التكفير ووجوب معاقبة مطلقيها، وحصر الحق في مناقشة مثل هذه الفتاوى داخل المؤسسة الدينية الرسمية المرتبطة بالدولة والمنتمية إليها، لا من أفراد لا حصر لتشتتهم ولا نهاية لتطرفهم.
قال الزميل الحارثي حسب ما نقلته الشرق الأوسط في عددها 11451 الصادر يوم الإثنين الماضي في مجلس الشورى: إن على مجلس الشورى أن يتحرك لحفظ دماء المسلمين وحماية الشريعة الإسلامية من التشويه، وأضاف: إن إصدار تشريع يجرم فتاوى التكفير لم يعد ترفاً بل هو ضرورة.
ونحن نؤكد أن مواجهة هذه الفتاوى لم يكن ترفاً أبداً وهو ضرورة على الدوام، وكل ما نتمناه أن تتظافر جهود مجلس الشورى ووزارة العدل وبقية المؤسسات المعنية في الدولة لإنجاز هذا التشريع بأسرع وقت ممكن، حتى نضع حداً رادعاً لمثل هذا التخبط التكفيري والمزايدات التكفيرية قبل أن ينتشر شررها ويعم ضررها.