علي جنتي

في خضم سباق التسلح المحموم الذي يشهده عالمنا المعاصر وانتشار اسلحة الدمار الشامل بشكل يهدد الأمن والسلام العالمين، وبغية دراسة التحديات الراهنة بخصوص نزع السلاح النووي وغيره من الاسلحة الفتاكة، تشهد العاصمة الايرانية طهران خلال يومي 17 و18 الجاري انعقاد المؤتمر الدولي لنزع السلاح بحضور عدد من وزراء خارجية دول العالم وحشد غفير من الخبراء والمختصين في قضايا مكافحة اسلحة الدمار الشامل. ويستعرض المؤتمر السبل الكفيلة بالوصول الى عالم منزوع من جميع اسلحة الدمار الشامل ومن بينها الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية والحد من التسلح وحظر الانتشار النووي وفق القوانين الدولية القائمة.
من المؤسف ان البلدان التي مازالت تمتلك الترسانة النووية تواصل اصرارها على دور هذه الاسلحة في عقيدتها العسكرية، وفيما يتعلق بالمناطق المنزوعة السلاح فقد باءت مساعي المجتمع الدولي بالفشل في ايجاد منطقة منزوعة من السلاح النووي في الشرق الاوسط وذلك بسبب معارضة الكيان الصهيوني الالتحاق بمعاهدة حظر الانتشار (NPT) وفشل المساعي في ايقاف تطوير البرنامج النووي لهذا الكيان، كما ان الدول الكبرى لم تقم بواجبها بشأن تدمير هذه الاسلحة فحسب بل انها باشرت بتحديثها وهذا ما يزيد من هواجس الاسرة الدولية ويعد تهديدا جادا للسلام والأمن الدوليين.

ان مطالب الاسرة الدولية القاضية بنزع كامل للاسلحة النووية لم تتحقق بعد مرور اكثر من اربعين عاما من اصدار معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية عام 1968 ولذا يجب على الأسرة الدولية مواصلة الجهود لانضمام جميع الدول ومنها الكيان الصهيوني الى تلك المعاهدة وان تواصل نشاطاتها باشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعمل حسب قراراتها. ان ما تقوم به البلدان المالكة للاسلحة النووية تجاه البلدان الاعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) من تعامل مزدوج ولا مسؤول وذلك من خلال فرض القيود المختلفة في تطوير البرامج السلمية لتلك الدول من جانب وعدم الاكتراث بالانفاق العسكري النووي بل دعم التعاون مع الدول غير الموقعة على معاهدة الحظر من جانب آخر لهو امر يسيء لاعتبار هذه المعاهدة ويفقدها مصداقيتها.

ان امتلاك الكيان الصهيوني لعشرات الرؤوس النووية والقنابل الهيدروجينية يعد انتهاكا صارخا لكل المواثيق الدولية حيث تفوقت اسرائيل على العديد من الدول الكبرى في حجم ترسانتها وامكاناتها النووية وتمتلك اليوم بين 200 و 500 رأس نووي في ظل تجاهل فاضح من قبل المنظمات الدولية، ومن حق جميع المهتمين بتكريس الامن والاستقرار في العالم ولكل الذين يطمحون لتحقيق السلام العادل في الشرق الاوسط ان يمارسوا احتجاجهم بصراحة وبصوت مسموع ضد البرنامج النووي الاسرائيلي، لاسيما ان هذه الرؤوس النووية مصممة لاستخدامها في حروب الشرق الاوسط وتعد من اعقد الاسلحة الفتاكة على مستوى العالم حيث تتراوح قدرتها بين قنابل نووية صغيرة وقدرة اكبر من قنبلة هيروشيما، ولا تساوي ترسانات كل دول الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل مجتمعة بجانب قدرات الكيان الصهيوني النووية الا عشر المعشار ناهيك عن الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية.

ان ما يصبو اليه مؤتمر طهران من تحقيق الاهداف هو دراسة السبل الكفيلة للرقابة على عملية نزع السلاح من قبل الدول الكبرى وذلك من خلال الاستفادة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا المجال هذا وسيقوم مؤتمر طهران بدراسة الابعاد القانونية لحيازة اسلحة الدمار الشامل او التهديد باستخدام السلاح النووي.

ثمة قلق يساور المجتمع الدولي من ارتفاع ميزانية الانفاق العسكري وصفقات الاسلحة خلال السنوات الخمس الماضية وتوقع استمرار الاتجاه الصعودي في جميع انحاء العالم وسط مناخ الازمات الاقتصادية السائدة وان حيازة بعض الدول لهذه الاسلحة الفتاكة بحجة خزنها في مستودعات آمنة هو امر مرفوض وغير مبرر ولا يمكن ان يكون ذريعة لتخزين هذه الاسلحة المدمرة ومواصلة الاحتفاظ بها.

ومن جملة ما يناقشه مؤتمر نزع السلاح في طهران هو حرمة استخدام الاسلحة الفتاكة ودراسة دور الاديان السماوية في كبح جماح سباق التسلح ورأيها بهذا الموضوع، ان مشروع الشرق الاوسط الخالي من اسلحة الدمار الشامل وصل الى طريق مسدود بسبب تعنت النظام الصهيوني ورفضه التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) واصراره على تطوير برامجه النووية، وان من طموحات مؤتمر طهران الدولي لنزع السلاح هو المصادقة على laquo;عالم خال من السلاح النوويraquo; وهو مشروع لابد ان يرى النور بفضل جهود محبي السلام والمدافعين عن الحق والعدالة.