سعيد السريحي

إما أن يكون خللا في التفكير أو سوءاً في النوايا، ولا يكاد الأمر يخرج عن أحد الأمرين إن لم يكن أمرا ثالثا يجمع بينهما معا.
ذلك ما يمكن أن يقال عن أغلب الردود التي يتلقاها الكتاب إذا ما تناولوا فتاوى التطرف أو انتهاكات بعض رجال الهيئة للأنظمة وتعديهم على حقوق الإنسان، سواء جاءت تلك الردود في رسائل عبر الإنترنت أو تعقيبا في المنتديات أو أحاديث تتردد في المجالس.
نتحدث عن أخطاء بعض رجال الهيئة حين يحتجزون فتاة ويستنكرون أن يهب رجال لإغاثتها حين تستغيث، أو حين يتسببون في مقتل مواطن جمعوا بينه وبين خصمه في كمين، أو يصطحب أحدهم فتاة في جولة مريبة قبل أن يسلمها لمركز الشرطة، فلا نعدم بعد ذلك من يتصدى للدفاع عن تصرفات رجال الهيئة، ومن حقه أن يفعل ذلك، غير أنه ليس من حقه أن يعتبر ما كتبناه نيلا من الشريعة أو انتقادا لثوابت الدين، فالهيئة ليست الدين ورجالها ليسوا ثوابت دينية نغض الطرف عن أخطائها ونحتسب أجر سكوتنا عنها عند الله.
الهيئة مجرد جهاز من أجهزة الحكومة مثله مثل جهاز الصحة والتعليم والتجارة، وموظفو الهيئة مجرد موظفين يستلمون راتبا على ما يقومون به من عمل، ويضبطهم نظام يحدد صلاحياتهم ومجال عملهم ويحاسبهم إن قصروا ويعاقبهم إن أخطأوا، وعليهم كما على المنتصرين لهم أن يفهموا أن لنا أن نكتب عن أخطائهم كما نكتب عن أخطاء موظف الصحة إذا أهمل وموظف التجارة إذا ارتشى وموظف التعليم إذا زور، فلا عصمة لهم ولا مكان لأحد فوق القانون.
ونكتب عمن يطلق فتاوى التشدد والتطرف فيكفر من يشاء ويدخل في الإسلام من يشاء، فينبري متنطع ليكتب أننا نهاجم العلماء وأن فيما نكتبه مسا بالعقيدة وثوابت الدين، وهو بتنطعه ذلك يجهل قاعدة أن كلا يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتجاهل أن دائرة العلماء الحقيقيين لا تتسع لمن يكفر من يقول بالاختلاط أو يدعو إلى هدم الحرم.
فهل لنا بعد ذلك كله أن نفسر تلك الردود على ما نكتب بغير اضطراب العقل أو فساد النية؟