فارس بن حزام
أحترم الدراسات الغربية، وحرصها على تحري الدقة والتزامها المفرط، أحياناً، باشتراطات البحث العلمي. لكن، لا أظن عاقلاً واحداً يراقب quot;القاعدةquot; وأخواتها، يذهب إلى القول بأن السخرية من أسامة بن لادن ستعزل الشباب المتحمس من الاعجاب به أولاً، والالتحاق بتنظيمه ثانياً.
فهناك دراسة لمركز أبحاث ديموس في لندن، خلص باحثوها الثلاثة إلى أن quot;الشبان الراغبين بالتحول إلى إرهابيين إسلاميين في الغرب، يجذبهم، بشكل خاص، جانب التمرد والمجازفة في تنظيم quot;القاعدةquot; أكثر من الجانب الديني، بحد ذاتهquot;.
الغربيون لم يستوعبوا حتى يومنا هذا، أن العنصر الديني في مقدمة العناصر الدافعة للالتحاق بquot;القاعدةquot;. انتحاريو 11 سبتمبر، والمقاتلون في نهر البارد، والمراهقون الثلاثة، الذين قاتلوا داخل منزل واحد على مدى ثلاثة أيام، جميع هؤلاء لم يفعلوا ما فعلوه إلا من إيمان تام، وقناعة حديدية بالمشروع.
والمجال ليس لتقييم الخطأ من الصواب في مساريْهم الفكري والعملي، فالمسألة هنا للتأكيد على عنصر رئيس أغفله الباحثون، وتغفله بعض مراكز البحث الغربية، جهلاً.
المغامرون والزعران لن يقاتلوا ويصمدوا حتى الموت، كما فعل المراهقون في الدمام، ولن ينتحروا بضرب الطائرات في قلب الأبراج أسوة بمحمد عطا و18 معه، فأفعالهم نابعة من قناعة وإيمان راسخ. ووحده الدين، ولا شريك له في الصدارة، من يحول الشاب إلى عنصر فاعل في التنظيم.
فلم يثبت يوماً، في السعودية أو الكويت أو العواصم الأوروبية، أن شيئاً آخر كان في صدارة الأسباب مع الدين، لتجنيد الشبان، لا الفقر ولا البطالة ولا المغامرة. الانحراف الديني، دفع الآلاف إلى صفوف التنظيم؛ إما كعناصر منتظمة محترفة أو متعاطفة تعمل على توفير الخدمات اللازمة لعمله. والعلاج المستمر ينحصر في التصحيح الفكري، لأن الغالبية كانت في أعمالها حين التحاقها بالتنظيم (موظفون وطلبة) أو في حالة مادية ميسورة يصعب اغراؤها بالمال لتتحول إلى عناصر تنظيمية.
كما أن السخرية من أسامة بن لادن، أو من مريديه، لن تكون إلا زيتاً يضاف إلى نار الإرهاب الملتهبة. فالتحقير أو الاستهزاء، وقود حيوي، ويورانيوم عالي التخصيب، سيفعل فعله مع quot;القاعدةquot; في استقطاب المزيد والمزيد من المصابين باللوثة الدينية.