الناصرة ـ من زهير أندراوس

عشية بدء التحقيق البريطاني في قضية موت الدكتور أشرف مروان في العاصمة البريطانية لندن في حزيران (يونيو) من العام 2007، كُشف النقاب الجمعة في تل أبيب عن أنّ الشرطة الإسرائيلية أنهت التحقيق في قضية نشر اسم مروان في وسائل الإعلام، وقامت بتحويل الملف إلى المستــشار القضائي للحكومة لدراسة تقديم لائحة اتهام ضدّ رئيس الاستخــبارات العسكرية الأسبق، الجنرال في الاحتياط إيلي زعيرا، بتهمة الكشف عن اسم عميل للموساد الإسرائيلي (الاستخبارات الخارجية) والتسبب بأضرار فادحة للأجهزة الأمنية في الدولة العبرية.
وبحسب المحلل للشؤون الإستراتيجية في صحيفة 'هآرتس' العبرية، يوسي ميلمان، فإنّ قاضي المحكمة العليا، تيئودور أور، الذي نظر في قضية أشرف مروان والاتهامات المتبادلة بين الاستخبارات العسكرية، التي قالت إنّه كان عميلاً مزدوجاً، وبين الموساد ورئيسه آنذاك، تسفي زامير، الذي أكد على أنّه كان عميلاً للمخابرات الإسرائيلية فقط، قرر بعد أن استمع إلى شهادات رجال الاستخبارات الإسرائيلية أنّ أشرف مروان لم يكن عميلاً مزدوجاً وأنّه عمل لصالح المخابرات الإسرائيلية فقط، وبالتالي جاء في قراره إن زعيرا ارتكب خطأً فادحاً عندما كشف عن اسمه واتهمه بأنّه لم يكن مخلصاً للموساد.
وفي أعقاب قرار قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية، قدّم عدد من رجال الاستخبارات المتقاعدين شكوى في الشرطة ضدّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق وطالبوا بمحاكمته، وقبل فترة وجيزة، قال مصدر أمني رفيع في تل أبيب للصحيفة العبرية، ان الشرطة انهت التحقيق وقامت بتحويل الملف إلى المستشار القضائي للحكومة لاتخاذ قرار في هذه المسألة، وجاء أيضاً من الناطق الرسمي بلسان وزارة القضاء الإسرائيلية أنّ المستشار القضائي تسلم مواد التحقيق وهو بصدد اتخاذ قرار في الشكوى، وفيما إذا كان سيُقدّم لائحة اتهام ضدّ زعيرا، وأشارت الصحيفة العبرية إلى أنّ الجنرال زعيرا رفض التعقيب على هذه التطورات الحساسة في القضية، كما أكدت المصادر عينها.
وقالت الصحيفة أيضاً إنّ مروان قام بتزويد المخابرات الإسرائيلية بمعلومات دقيقة ومفصلة عن قرار الرئيس المصري السابق، أنور السادات، في العام 1972 بتغيير الإستراتيجية وخوض الحرب ضدّ الدولة العبرية، ولفتت المصادر عينها إلى أنّ المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية من مروان كانت ذات قيمة عالية للغاية، وأنّ فحصها أكد بشكل غير قابل للتأويل أنّها ذات مصداقية عالية جداً، كما أكدت المصادر الإسرائيلية أنّ أشرف مروان قام بتزويد المخابرات في الدولة العبرية معلومة مهمة للغاية جاء فيها أنّ مصر وسورية ستهاجمان إسرائيل في السادس من تشرين الاول (أكتوبر) من العام 1973، ولكنّ شعبة الاستخبارات التي شكت في مصداقيته، لم تأخذ المعلومة على محمل الجد، الأمر الذي أدّى إلى المفاجأة الكبرى في حرب 1973، على حد تعبيرها.
وبحسب المصادر ذاتها فإنّ أشرف مروان حصل على مبلغ مليون دولار من المخابرات الإسرائيلية على المعلومات التي نقلها، وأنّ الاتصال معه قُطع بعد عدّة سنوات من حرب أكتوبر 1973، وبعدها انتقل للعيش في لندن.
ونقلت الصحيفة عن د. أوري بار يوسيف، من جامعة حيفا قوله إنّه متأكد من أنّ مروان كان من أهم العملاء للمخابرات في الدولة العبرية.
وأوضحت الصحيفة العبرية أنّ الدكتور الإسرائيلي المذكور، الذي اطلع على تفاصيل القضية برمتها قال أيضاً إنّ نظرية كون المصري مروان عميلاً مزدوجاً هي غير معقولة بالمرة، لافتاً إلى أنّ تحذير إسرائيل من أنّ مصر وسورية ستقومان بمهاجمتها ونعت ذلك بأنّه عمل غير صادق، هي نظرية مضحكة، على حد تعبيره. وزاد الدكتور الإسرائيلي قائلاً إنّ اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، بات واضحاً ومؤكداً أنّ مروان زود تل أبيب بمعلومات عن التغيير في مصر سنة قبل الحرب، ولكنّ شعبة الاستخبارات الإسرائيلية التي لم تُصدّقه، لا تحوله بأيّ شكل من الأشكال إلى عميل مزدوج، لأنّ المعلومات التي وصلت منه، كانت متساوقة ودقيقة مع معلومات حصلت عليها إسرائيل من أطراف أخرى. وخلص بار يوسيف إلى القول: لا أعرف لماذا لاحقوا أشرف مروان، وقاموا بالكشف عن اسمه الأمر الذي تسبب في موته، على حد قوله.