أمل زاهد

رفع تقرير (الضحك الصامت) الذي أذاعته قناة الـquot;BBC quot; بالإنجليزية والعربية مؤخرا وتيرة غضبنا الجمعي، عندما عرض حفلة خاصة داخل السعودية في أماكن وصفت بالسرية، يتهكم فيها أبطال العرض على بعض سمات مجتمعنا، بينما يضحك الحضور رجالا ونساء على النكات! هذا التقرير وغيره مما يظهر في الإعلام الغربي يضعنا أمام حقيقة أن السعودية تشكل مادة خصبة للمتعطشين لمعرفة ما يدور داخل مجتمعنا، ولا ريب أن هناك تضخيما وتهويلا يصل للسخرية والاستهزاء إذا ما تعلق الأمر بعاداتنا وتقاليدنا التي تنظر لها الثقافة الغربية بمنظار مختلف! ولا شك أيضا أن كثيرا من قضايانا اليوم تحت المجهر قبلنا بذلك أم رفضنا، فللميديا عيون في كل مكان، والإثارة بفرقعاتها هي الماكينة المسيطرة والمحركة لجميع القنوات الفضائية - بما فيها الإخبارية - والشاطر من يحظى بسبق إعلامي مثير يكشف المستور في مجتمع يحيط نفسه بأسوار خصوصيته العالية! لكل هذه الأسباب مجتمعة لن توفر قناة الـquot;BBCquot; فرصة تصوير حدث مكتنز بالإثارة والتشويق في دهاليز مجتمعنا السعودي، وستسعى لاقتناصه ومن ثم عرضه على الملأ!
نعم يحق لنا أن نغضب وكثيرا، ولكن ألا يستحق الموضوع تقليبه من زوايا مختلفة ومواجهة متناقضاتنا بشفافية وشجاعة؟! فمجتمعنا الذي يحظر السينما والمسرح، وتنتشر فيه ذهنية التحريم والتجريم لكل ما يتعلق بالفنون، يجد طرقا للتحايل دوما على الممنوع والمحظور داخليا وخارجيا! ومن لم يجد متسعا بالداخل، ففي الخارج أرض رحبة حيث يخلع كثير عنهم أثواب الخصوصية ليمارسوا ما منعه عليهم المجتمع داخل البلاد! بل كل من يسافر إلى بلاد الله الواسعة سيشاهد تصرفات من بعض السعوديين تؤطرنا ndash; للأسف ndash; في صور نمطية مسيئة للغاية! والمؤلم أن الصور السيئة تتغلب على الصور الجميلة وتقولبنا جميعا كشعب داخل إطار لا نستطيع الخروج من أسره! وحريٌ بنا فتح الباب لأجناس راقية من الفنون في مجتمعنا ورفع الذائقة الجمالية لشبابنا، وحينها سيتقلص كثير من هذه الصور المسيئة! لابد أيضا من الالتفات إلى قضية بعض الانتهاكات للحريات الخاصة وكرامة الإنسان التي تتم باسم حراسة الفضيلة، والتي يتناقل العالم أخبارها بأسرع من لمح البصر، ويجعلنا لقمة سائغة للإعلام الغربي!
وعودا على بدء، لو تأملنا في صورة العربي في السينما الغربية، فسنجد صورة نمطية تتكرر كثيرا لرجل صحراوي يلبس العقال والبشت بطريقة مضحكة، وينفق بسفه على الخمور والحسان، ويبذر أمواله ذات اليمين وذات اليسار! مما يضعنا أيضا وجها لوجه أمام تقصيرنا إعلاميا وفنيا في تقديم أنفسنا وبلورة صورتنا، ومن لا يتحدث عن نفسه ويعبر عنها فسيجد حتما من يتحدث بلسانه ويتقول عليه ويضخم سلبياته!