صحف عبرية


في ساعات المساء وصل نداء منفعل، شبه هستيري، من طرابلس. 'تعالوا ساعدونا'، هتف المتمردون في مدينة العاصمة الليبية، فيما هم يوجهون نداءهم الى المتظاهرين في المدن المجاورة. 'نحن نذبح هناك'. ولكن هذه الرسالة، التي نشرت على صفحة الفيس بوك الرئيسة للمعارضة، كادت لا تكون ضرورية. قوافل المتظاهرين كانت تشق طريقها الى طرابلس، فقط كي تكتشف ان القذافي بعث بالطائرات القتالية لقصفهم من الجو. وأمس أفاد الجيش المصري بان جنود حرس الحدود الليبي تركوا مواقعهم، وهكذا يكونون قد جعلوا الحدود سائبة تماما.
اليوم الرابع للاضطرابات جبى، مرة اخرى ثمنا دمويا باهظا. فقد افادت شبكة 'الجزيرة' بان 160 شخصا قتلوا أمس في احداث طرابلس. اما في مدينة بنغازي، التي انتقلت اول امس الى سيطرة المتظاهرين، فقط قتل في الايام الاخيرة نحو 350 شخصا آخر. والتقدير هو ان عدد القتلى حتى الان يبلغ نحو 550 شخصا.
عدد المصابين العالي، الذي اثار ردود فعل غاضبة في العالم العربي بأسره وحظي بالتنديد من جانب الجامعة العربية ايضا، ينبع من أن الجيش الليبي لا يتردد في استخدام النار الحية نحو المتظاهرين. وحسب تقارير في وسائل الاعلام العربية، فان الجيش وجه المدافع في دقة مباشرة نحو تجمعات المتظاهرين. كما ان الطائرات والمروحيات التابعة لسلاح الجو الليبي هاجمت في البداية قواعد ومخازن الذخيرة كي تمنع سقوطها بيد المتمردين. وهاجمت لاحقا المتظاهرين أنفسهم.
ومع ذلك، فليس الجميع مستعدين لتنفيذ أوامر القذافي. ففي ساعات ما بعد الظهر علم ان طائرتي ميراج من سلاح الجو الليبي هبطتا في مالطا، بعد أن قرر الطياران رفض الاوامر والفرار. هذه الخطوة انضمت الى جملة التقارير عن وحدات كاملة من الجيش ومن الشرطة فرت وانضمت الى صفوف المتظاهرين. وافادت صحيفة 'الشرق الاوسط' بان مسؤولا كبيرا في الجيش الليبي وضع قيد الاقامة الجبرية، بعد ان رفض اصدار الاوامر بفتح النار. واغلب الظن، يدور الحديث عن الجنرال ابو بكر يونس، وزير الدفاع الليبي. وبالتوازي، تواصل ليبيا فرض التعتيم الكثيف على ما يجري في الدولة. فضلا عن قطع وسائل الاتصال، منع امس حرس الحدود الليبي وفدا طبيا مصريا من الدخول الى الدولة لتقديم المساعدات الانسانية. الجيش المصري، الذي يتصدى بنفسه لعدم الاستقرار السلطوي، أعلن بانه يقيم مستشفيات ميدانية على الحدود مع ليبيا كي يستوعب لاجئين وجرحى.
ولكن على الرغم من الخسائر الفادحة، يبدو ان القذافي، خلافا لمبارك وبن علي في تونس لا يعتزم التنازل من دون صراع. وأمس بعث القذافي بابنه، سيف الاسلام كي ينقل رسالة تهديد. وقال الابن الذي يعتبر حتى وقت اخير مضى الخليفة الرائد للقذافي ان 'هناك امكانيتين. بدء حوار وطني أو حكم السلاح. اذا ما سقط النظام، فأنهار من الدماء ستسكب ومئات الاف الناس سيقتلون'.
واضاف سيف الاسلام يقول ان عشرات الالاف يحتشدون في طرابلس للدفاع عن القذافي. أبي يوجد في المدينة وهو يقود المعارك. سنقاتل حتى آخر شخص، حتى آخر رصاصة، 'الجزيرة' و 'العربية' و'بي.بي.سي' لن تضحك علينا. دربنا الاف الشباب. نحن سنحيا ونموت في ليبيا، ولن نتنازل عن ميلمتر واحد منها'.
وتوجه ابن القذافي ظاهرا الى المتظاهرين، الا انه في واقع الامر بعث باشارة تهديد بالنسبة لمستقبل ليبيا، اذا ما انهار الحكم الحالي. وقال سيف الاسلام ان 'الغرب لن يسمح بان تكون هنا فوضى. وهو لن يوافق على أن تصدر ليبيا الارهاب أو المخدرات. وهو لن يوافق على أن تقوم في ليبيا امارات اسلامية'.
هذا التهديد، بسيطرة الاسلام المتطرف، ليس جديدا. ولكن الثورة الليبية، كما تنعكس في التويتر والفيس بوك تحمل علائم اسلامية والى جانبها نبرة مناهضة لاسرائيل ولاسامية حادة. وعلى صور القذافي الذي يسميه كارهوه في ليبيا 'اليهودي'، رسمت نجمة داود وكتب عليها 'صهيوني'. في مدينة بنغازي رشت شعارات على الحيطان تقول: 'انصرف الى تل أبيب، يا كافر'.
وفضلا عن الفراغ السياسي، هناك تخوف كبير من أن يؤدي انهيار الحكم الى تدفق المهاجرين من افريقيا. ليبيا القذافي تعاونت مع الاتحاد الاوروبي في منع الظاهرة، ولكن ليس واضحا ماذا سيحصل اذا ما غمرت الفوضى الدولة. وهذه الفوضى تثير القلق في الاسواق العالمية ايضا جراء مكانة ليبيا كمصدرة للنفط. ليبيا، التي تختلف عن مصر وتونس، هي عضو في منظمة اوبيك وتصدر اثنين في المئة من توريد النفط العالمي. أمس اعلنت ثلاث شركات نفط غربية عن تقليص نشاطها في ليبيا.

معاريف 23/2/2011