حامد الكناني

كانت وماتزال الهجرة وترك الديار من أخطر التهديدات التي‮ ‬تتعرض لها الشعوب في‮ ‬العالم،‮ ‬وإذا تزامنت هذه الهجرة مع توافد عنصر بشري‮ ‬آخر لجغرافيا معينة،‮ ‬يكون العد التنازلي‮ ‬لنهاية الشعب الذي‮ ‬كان‮ ‬يعيش في‮ ‬هذه الجغرافيا قد بدأ فعلاً‮.‬ وعند مراجعة ظاهرة الهجرة العربية من إقليم عربستان‮ ''‬الأحواز‮'' ‬جنوبي‮ ‬إيران،‮ ‬ودراسة أسبابها ودوافعها،‮ ‬نجد أن العنصر العربي‮ ‬في‮ ‬هذا الإقليم،‮ ‬وبعد‮ ‬4‮ ‬موجات من الهجرة،‮ ‬أصبح أمام قرار خطير لا‮ ‬يأخذه بنفسه فقط،‮ ‬وإنما‮ ‬يختار له أن‮ ‬يكون أو ألا‮ ‬يكون‮. ‬وتسببت هذه السياسات الجائرة للحكومات الإيرانية المتتالية تجاه الشعب العربي‮ ‬في‮ ‬عربستان،‮ ‬بإلحاق الكثير من الدمار والأضرار في‮ ‬شتى المجالات،‮ ‬السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتاريخية والبيئية،‮ ‬وفي‮ ‬جنوب هذا الإقليم‮ ''‬الساحل الشرقي‮ ‬للخليج والجزر التابعة له‮''‬،‮ ‬انقلبت التركيبة السكانية لصالح العنصر الفارسي،‮ ‬حيث وصلت النسبة إلى مستويات خطيرة للغاية،‮ ‬وأصبح العرب في‮ ‬هذا الجزء أقلية في‮ ‬أوطانهم،‮ ‬بعدما كانت لهم السيادة لمئات السنين هناك‮.‬ وبالقضاء على آخر إمارة في‮ ‬الساحل الشرقي‮ ‬للخليج عام‮ ‬‭,‬1925‮ ‬وسلب السيادة العربية من العرب،‮ ‬هيّأت الحكومات الإيرانية المتتالية الأجواء الملائمة لتمرير مشروع عنصري‮ ‬خطط له المنظّرون الفرس في‮ ‬الربع الأخير من القرن الـ‭,‬19‮ ‬والذي‮ ‬يهدف لطرد العرب من الساحل الشرقي‮ ‬والجزر والأحواز،‮ ‬وطمس المعالم التي‮ ‬تدل على وجودهم في‮ ‬هذه الأرض العربية،‮ ‬حتى تتغيّر التركيبة السكانية لصالح العنصر الفارسي‮ ‬في‮ ‬المرحلة الأولى من تنفيذ هذا المشروع،‮ ‬ليكتمل عند السيطرة على حوض الخليج بالكامل في‮ ‬المرحلة الثانية‮.‬ وتنقسم ظاهرة الهجرة العربية التي‮ ‬شهدتها قرى ومدن وموانئ عربستان طيلة العقود الثمانية الماضية إلى‮ ‬4‮ ‬موجات من الهجرة،‮ ‬بدأت الموجة الأولى لهجرة العنصر العربي‮ ‬من الجزر والساحل الشرقي‮ ‬للخليج في‮ ‬ثلاثينيات القرن الماضي،‮ ‬وجاءت الموجة الثانية من الهجرة لأبناء عربستان بعد الحرب العالمية الثانية عندما دخلت دول الساحل الغربي‮ ‬للخليج في‮ ‬مرحلة تاريخية جديدة لتشهد هذه الدول المزيد من التطور والعمران والنمو الاقتصادي،‮ ‬وكانت الموجة الثالثة من هجرة أبناء الشعب العربي‮ ‬وترك ديارهم من أخطر موجات الهجرة التي‮ ‬شهدتها عربستان وأكثرها دموية،‮ ‬حيث بدأت الموجة منذ الأيام الأولى للثورة الإيرانية عام‮ ‬1978‮ ‬واستمرت حتى نهاية الألفية الثانية،‮ ‬في‮ ‬حين امتدت الموجة الرابعة من هجرة العرب الإجبارية من عربستان من عام‮ ‬2000‮ ‬حتى‮ ‬يومنا هذا‮. ‬واليوم وبعد كل هذه المعاناة التي‮ ‬مرت على اللاجئين الأحوازيين في‮ ‬مخيمات اللجوء،‮ ‬بدءاً‮ ‬من مخيم البتيرة في‮ ‬مدينة العمارة جنوب العراق،‮ ‬مروراً‮ ‬بمخيم طريبيل الصحراوي‮ ‬على الحدود الأردنية،‮ ‬وصولاً‮ ‬لمخيم الوليد على الحدود العراقية السورية،‮ ‬جاء القرار الجائر الذي‮ ‬أصدرته الحكومة العراقية أخيراً‮ ‬والقاضي‮ ‬بإغلاق مخيم الوليد الذي‮ ‬يضم عدداً‮ ‬كبيراً‮ ‬من الأسر الأحوازية،‮ ‬ويتضمن هذا القرار عودة اللاجئين الأحوازيين إلى إيران،‮ ‬حتى وإن تطلب ذلك الأمر استخدام القوة من قبل الحكومة العراقية،‮ ‬دون الأخذ في‮ ‬الاعتبار المصير الذي‮ ‬ينتظرهم في‮ ‬حين عودتهم لإيران،‮ ‬علماً‮ ‬بأن جميع اللاجئين في‮ ‬مخيم الوليد على الحدود السورية العراقية هم مقبولون لدى المفوضية،‮ ‬ولكن‮ ‬ينتظرون ترحيلهم إلى بلد آمن من أجل توطينهم هناك‮.‬ ما قصدته من كتابة هذه السطور هو الطلب من أشقائنا في‮ ‬الخليج على الصعيدين الرسمي‮ ‬والشعبي،‮ ‬خاصة أولئك الذين تعاطفوا مع قضية شعبنا العربي‮ ‬أخيراً،‮ ‬أن‮ ‬يتبنوا قضية اللاجئين الأحوازيين في‮ ‬معسكر الوليد،‮ ‬وأن‮ ‬يقوموا بنقلهم لإحدى دول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬بشكل مؤقت،‮ ‬حتى تجد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من‮ ‬يؤويهم‮.‬ حبذا لو بادرت الحكومة البحرينية بنقلهم وتوطينهم بشكل مؤقت في‮ ‬خيام تبنيها مكان دوار مجلس التعاون الخليجي‮ (‬تقاطع الفاروق‮) ‬المعروف حتى تكون هذه الأسر العربية الأحوازية الشيعية خير سند ودليل على جرائم النظام الإيراني‮ ‬في‮ ‬حق الشيعة العرب وفي‮ ‬أوطانهم التاريخية‮.‬ ‮❊ ‬صحافي‮ ‬من عربستان-إيران مقيم في‮ ‬لندن