العرب بين الممانعة والسلام وحزب الله للانكفاء في المستقبل
إذا كان هناك من يعتقد ان سوريا في طريقها الى التقسيم، عبر قيام دولة علوية في سوريا يمكن ان تربط نفسها بلبنان وبـquot;حزب اللهquot; في لبنان، فأنّ الْأَغْلَبِيَّة المشاركة لا ترجح ذلك، كما ان أي محاولة في هذا الاتجاه ستدخل البلد في متاهات حرب أهلية تستمر سنوات طويلة.

عدنان أبو زيد: يقيّم كُتّاب عرب عبر حواراتهم مع إيلاف، الوضع السوري بأنه الأكثر غُمُوضا وخطورة، فيما يتعلق باتجاهات سير الأحداث التي سترسم مستقبل سوريا والنظام فيها. وتُؤَشِّر الحوارات التي أنجزتها إيلاف مع مثقفين وكتاب ومحللين سياسيين، على التأثيرات الإستراتيجية لتداعيات الوضع السوري، كما تقف على أكثر المحاور إثارة للجدل، وهي مستقبل حزب الله، والنفوذ الإيراني، والوضع الإقليمي.
وفي الوقت الذي يرى فيه لفيف من الكتاب، إنّ حزب الله سوف يخسر حليفا استراتيجيا في حال سقوط نظام البعث في سوريا وتأثير ذلك على إمداده بالسلاح، فَأَن البعض لا يرى في سقوط النظام تأثيرا كبيرا على مستقبل حزب الله في لبنان ككيان سياسي وعسكري مقاوم، وذك لعدة أسباب أبرزها أن حزب الله اليوم يختلف عما كان فيما مضى لأنه يحظى باحتضان شعبي واسع تجاوز المشترك المذهبي إلى الوطني، كما أن قُدُرَات حزب الله تَضَخَّمَت الى درجة تُمَكِّنْه من التنازل عن كثير من الدعم اللوجستي الخارجي في صالح الاكتفاء الذاتي الداخلي بحسب ما جاء في حوارات البعض.
وبينما لا يربط كُتّاب ومحللون سياسيون بين سقوط النظام السوري ونهاية حزب الله في الجنوب اللبناني، إلا انه سيؤدي بالتأكيد إلى إضعاف الحزب إلى درجة كبيرة بحسب بعض الآراء.
وإذا كان هناك من يعتقد ان سوريا في طريقها الى التقسيم، عبر قيام دولة علوية في سوريا يمكن ان تربط نفسها بلبنان وبـquot;حزب اللهquot; في لبنان، فأنّ الْأَغْلَبِيَّة المشاركة لا ترجح ذلك، كما ان أي محاولة في هذا الاتجاه ستدخل البلد في متاهات حرب أهلية تستمر سنوات طويلة. غير ان كتّابا يرون أنّ وجود حزب الله مقترن بضرورة اجتماعية تتعلق بتمثيل الطائفة الشيعية في لبنان. وسيبقى حضور حزب الله فاعلا طالما بقي لبنان بلدا مستقلا وبغض النظر عن التغيير المحتمل في سوريا.
في ذات الوقت فأن القراءة الملفتة في هذا الاستطلاع، ما أدلى به البعض منأن التغيير المرتقب في دمشق سيكون سقوطا لمحور الهلال الشيعي ndash; يعتقد بوجوده البعض - حيث سيكون ذلك، العلامة الإقليمية البارزة لنجاح الثورة السورية. وعلى الصعيد الإقليمي سيكون ذلك بمثابة خسارة سياسية وإستراتيجية لإيران. إيلاف تنشر الآراء المختلفة للنخب السياسية والمثقفة من دون حذف أو تعديل في ثلاث حلقات متسلسلة حسب أسبقيتها في الانجاز والتحرير.
بدر بن سعود
كاتب وباحث اعلامي سعودي
لو افترضنا سقوط حزب البعث الحاكم في سوريا، فان هذه ستكون بداية النهاية لحزب الله، فالمعروف ان الحكومة السورية تمثل ممرا آمنا لكل ما تقدمه إيران للحزب، وتعتبر ربما القناة الوحيدة لدعم إيران اللوجستي، وسوريا مستفيدة أيضا وتفرض من خلال الحزب شروطها واملاءاتها على الوضع السياسي في لبنان.
انهيـــار النظام في سوريا يحتاج الى تضحيات كبيرة، لان الحزب يسيطر على كل مفاصل الدولة تقريبا، وتقوم تركيا حاليا بدور قيادي في الضغط على الاتحاد الأوربي ومجلس الأمن لفرض عقوبات، وهناك دول مهمة وثقيلة في مقدمتها السعودية تتحرك باتجاه إنهاء الانتهاكات المتواصلة والبشعة لحقوق الإنسان في سوريا، وصرخة البجعة الأخيرة قد تأتي من حزب الله وهو أمر متوقع، و لا استبعد ان يلعب الحزب بالورقة الأخيرة والخطيرة، والمقصود إرسال صواريخه الى إسرائيل وضربها ضربات موجعة في العمق لاستمالة الشارع العربي، وقد نجح الحزب مرات كثيرة في كسـب التعـاطف باستخدام الشماعة الإسرائيلية، واحتمال نجاحه مرة أخرى وارد ولو كان ضعيفا نسبيا، وهذا التصرف لو تم سيأزم الأوضاع في منطقة الشـرق الأوسط بأكملها، وسيمنح إسرائيل فرصة لن تفوتها للمماطلة والتسويف في الحق الفلسطيني، وقد لا يسلم لبنان من اجتياح إسرائيلي ثالث، ثم ان العلويين في سوريا أقلية ولولا العقيدة الحزبية لما استمروا، ولا اعتقد ان الدولة العلوية ممكنة بعد السقوط، حتى لو ضغطت إيران واستثمرت كل طاقاتها في خلق واقع علوي جديد وبلباس ديموقراطي.
أحمد فوده
صحفي وباحث سياسي مصري
سقوط النظام السوري سوف يكون له تأثيرات إستراتيجية على حزب الله تتمثل في توقف الدعم العسكري والمادي المباشر القادم من إيران حيث كان النظام السوري هو الطريق الوحيد لوصول هذا الدعم للحزب. وهذا بالتأكيد سوف يؤثر على وضع الحزب داخليا في مواجهة القوى اللبنانية الأخرى كما سيؤثر على وضعه خارجيا في مواجهة العدو اللدود إسرائيل.
لكن هذا لا يعني انهيار الحزب أو حتى ضعف بنيته التسليحية خاصة اذا أخذنا في الاعتبار عدة أمور أساسية أولها أن الحزب هو في الأساس حركة مقاومة مدعومة من قطاع عريض من الشعب اللبناني وثانيها ان علاقات الحزب الدولية سوف تساعده على إيجاد طريقه لتعويض خسارة الداعم السوري ولو جزئيا.
يضاف إلى ذلك أن التطورات الحادثة في الدول العربية خاصة مصر سوف تؤدي إلى تغييرات في بنية النظام الإقليمي العربي تجعله مساندا لحركات المقاومة ضد إسرائيل وفي القلب منها حزب الله خاصة اذا استطاع الحزب تعديل الشوائب الطائفية التي لحقت بصورته على خلفية موقفه المتناقض من ثورتي سوريا والبحرين.
أما ما يتعلق بقيام دولة علوية جديدة فهذا أمر مستبعد تماما لأن كافة الاحتمالات تشير إلى قيام دولة ديمقراطية تحكم فيها الأغلبية وهي سنية. لكن هذا لا يعني انقطاع صلتها بالحزب لكن هذه الصلة ستأتي في سياق النظام الإقليمي العربي الجديد الداعم للمقاومة لكن وفق المصلحة العربية. وهنا لن يكون بمقدور الحزب الاستفادة من الدعم الإيراني المباشر إلا في حالة واحدة وهي وجود توافق عربي إيراني يأتي هذا الدعم في سياقه.
أتصور أننا كمواطنين عرب عانينا من جدار quot;الممانعةquot; أكثر مما عانينا من quot;نافذةquot;السلام المواربة إلى الأبد، لأن الممانعة تعني quot;تجييشناquot; إلى الأبد في حرب لا نهائية، وتعني بقاء الجنرال الأسود على كرسي الحكم إلى الأبد.
ساهر عريبي
كاتب ومحلل سياسي عراقي
ترسم الانتفاضة السورية اليوم ملامح شرق أوسط جديد بعد ان مني المشروع الأمريكي بفشل ذريع في العراق وبعد ان أخذت الشعوب العربية على عاتقها النهوض بمهمة التغيير. ورغم أن هذه النهضة العربية تواجه عقبات كثيرة إلا أن إرادة الشعوب هي الغالبة دوما وهو ما ستنتهي إليه إنتفاضة الشعب السوري. إلا أن النصر لن يكون سهلا بل دونه صعاب جمة. فالانتفاضة السورية وهي شأن داخلي سوري وجدت نفسها وبلا قصد في مواجهة مع محور كبير في المنطقة ألا وهو المحور الإيراني الذي بات اليوم يشعر بقلق شديد من نجاحها، لما لذلك النجاح من انعكاسات خطيرة على هذا المحور الممتد من طهران إلى غزة.
ولعل أول تداعيات نجاح الثورة هو محاصرة حزب الله في لبنان الذي سيجد نفسه مكشوف الظهر في حال انهيار النظام السوري الذي يمثل الجسر الواصل بينه وبين طهران.ولذا فإن المعركة في سوريا مصيرية بالنسبة لإيران التي تلقي بكامل ثقلها خلف النظام السوري الذي سيشكل سقوطه انهيارا لمحورها وهو ما يفسر الدعم الحكومي العراقي لسوريا. وأما الدولة العلوية فتمثل خيارا أساسيا في حال فشل النظام في قمع الثورة فتلك الدولة تبقي المحور الإيراني حيا وغير ممزق الأوصال، إلا أن تلك الدولة وإن قامت فلن تعيش إلا لوقت قصير لأسبابداخلية وإقليمية ودولية ولعل مصر تصبح طوق النجاة للمحور الإيراني حينها لأبقاه فاعلا في المنطقة إلا أن الأمر المرجح هو حصول تغيير كبير في السياسة الخارجية الإيرانية عند سقوط النظام السوري بما يؤدي بها إلى الانكفاء داخليا وتحصين الوضع الداخلي ولو بالتضحية بالحلفاء كحزب الله وحماس.
أحمد أبو مطر
كاتب وأكاديمي مقيم في أوسلو
حسب مجريات الأحداث السورية، فليس هناك من يعمل لقيام دولة علوية مستقلة، فهذا من المستحيلات الميدانية في سوريا. أما بالنسبة لحزب الله فسوف يتقلص نفوذه للغاية في الساحة اللبنانية إذا سقط النظام السوري، لأنّ هذا الحزب يستقوي بالنظام السوري، والنظام السوري يستعمله كأداة ترويعية لمخالفيه من اللبنانيين، وكل ذلك باسم المقاومة التي لم تطلق رصاصة على إسرائيل من الحدود السورية منذ عام 1973 ومن الحدود اللبنانية منذ عام 2005. وكذلك دعم ونفوذ إيران سوف يتقلص بعد سقوط النظام السوري، لأنه يتخذ من الأراضي السورية ممرا لوجوده في لبنان ودعم حزب الله، وقد تقلص هذا الدعم أخيرا وهناك شكوك بين الطرفين بعد اكتشاف شبكات تجسس إسرائيلية في داخل الصفوف الأولى من حزب الله. إن سقوط النظام السوري سوف يحدث مستجدات عديدة في المنطقة ستكون لصالح العرب.
آلاء الساعدي
كاتبة وإعلامية عراقية
ان الواقع في سوريا لا يزال رماديا ولا يمكن ان نتنبأ بما يمكن ان يحدث بصورة تفصيلية ولكننا نعلم،ان أميركا ضائعة بين القوة السورية وقوة حزب الله الذي لن يسقط بسقوط النظام السوري.
ولا احد ينكر أهمية العامل الدولي في الشرق الأوسط والخطوط الحمراء الممنوع على الجميع تجاوزها. بعبارة أخرى تحاول واشنطن فصل دمشق عن دينامكية المنطقة ومحاصرة قوة حزب الله وهذا لن يمنع الدعم اللوجستي الإيراني لحزب الله وربما تشهد الأسابيع القادمة ضغوطا اقتصادية متدافعة وربما افتعال إشكالات عسكرية.
أسامة عثمان
كاتب فلسطيني
لعل أولَّ ما سينتج عن سقوط النظام السوري هو الصعوبات في إيصال الدعم العسكري من إيران إليه، ولا يقلُّ عنها أهمية الانعكاساتُ على التوازنات والقوى السياسية في لبنان.
ومع أن انتهاء النظام العلوي في سورية، لا يعني اضمحلالا سريعا لحزب الله، فإنه يتوجب عليه، الالتفات أكثر إلى لبنان؛ فنفوذه في الداخل اللبناني مرهونٌ، حينها، بعوامل داخلية أكثر من ذي قبل؛ وذلك يعتمد على الأجواء في المنطقة، وأداء السياسة الإسرائيلية، من حيث توفير الذرائع للحزب الذي يزدهر كلما اظهر قدرة على رد العدوان الإسرائيلي، لا تزال غير متوفرة في الجيش اللبناني، وعند تنامي تأثير العوامل الداخلية سيصبح لنتائج المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الحريري آثار أكبر على مستقبل الحزب وقوته.
وأما تركيا فيترجح استمرار رفضها السماح لشحنات السلاح الإيرانية بالمرور من أجوائها.
و إذا قامت دولة علوية في سورية، فإن هذا سيكون نذيرا بتقسيمات أخرى في المنطقة على أسس طائفية، وعرقية، وهو أمر مستبعد في هذه المرحلة؛ لاعتبارات تتعلق بالسياسات الأمريكية، وقدرتها على ضبط، مثل تلك التحولات الخطيرة.
احمد هاشم الحبوبي
كاتب عراقي
وجود حزب الله مقترن بضرورة اجتماعية تتعلق بتمثيل الطائفة الشيعية في لبنان. وسيبقى حضوره فاعلا طالما بقي لبنان بلدا مستقلا.
أما تبعات تغيير النظام في سوريا، فسيكون ذا تأثير محدود ومؤقت على حزب الله. الحزب سيحاول إعادة توزيع السلطة والثروة في لبنان وفقا للحقائق الديموغرافية الحاصلة. كما ان القاعدة الشعبية التي يستند عليها الحزب واسعة ومتماسكة وقوية.
سعد فهد الحرمل
كاتب واعلامي كويتي
بسقوط النظام السوري سوف يسقط quot;حزب اللاتquot; بالتبعية وذلك لانقطاع الإمدادات عنه بعد تحطيم الجسر الرابط بينه وبين المصدر الرئيسي لتلك الإمدادات وهو الجمهورية الإيرانية. وعندها سيضعف الحزب وينكمش ليتحول الى مجرد عصابة او مجموعة من الصعاليك المرتزقة التي تظهر بين فترة وأختها لتنفيذ بعض الأعمال التخريبية وسيكون مصير بقاؤها مرتبطا بحجم الدعم المقدم وإمكانية وصوله من قبل الجمهورية الإيرانية الراعي الرسمي لهذا الحزب، أما بالنسبة لسوريا فلا مجال لقيام دولة علوية مع وجود أغلبية سنية كاسحة بل ان البقية من سيفر مع أو قبل سقوط النظام السوري طلبا للنجاة.

يتبع