الدوحة - محمد المكي أحمد

رأت رئيسة الحزب الديموقراطي الليبرالي السوداني الدكتورة ميادة سوار الذهب، أن حكومة الرئيس عمر البشير ليست جادة في شأن دعوة وجهتها إلى أحزاب المعارضة قبل أيام لمناقشة موضوع وضع دستور جديد للبلاد. وكانت هذه القيادية السودانية، التي ترأس منذ العام 2010 laquo;الحزب الديموقراطي الليبراليraquo; الذي توحّدت فيه أربعة أحزاب هي: laquo;الحزب الليبرالي السودانيraquo; و laquo;الحزب الديموقراطي السودانيraquo; و laquo;الحركة الديموقراطيةraquo; و laquo;القيادة الموحدةraquo; لحركة laquo;حقraquo;، دعت إلى laquo;حل سوداني شاملraquo; للأزمة في بلادها، داعية إلى الاعتراف بالتعددية الثقافية والدينية والعرقية والمكوّن الأفريقي في السودان.

وشددت في حديث إلى laquo;الحياةraquo; خلال مشاركتها في لقاء حول الأزمة السودانية نظمه laquo;المركز العربي للأبحاث ودراسة السياساتraquo;، على أن laquo;النظام في السودان في حال انهيار تام وعليه استجابة دعوات التغيير والتحول الديموقراطي الشاملraquo;. وأكدت اقتناعها بـ laquo;الفكر الليبراليraquo;، الذي وجدت فيه برنامجاً سياسياً متكاملاً وحلاًّ للأزمة السياسيةraquo;.

ورأت الطبيبة، التي تخصصت في الأمراض النفسية والعصبية واهتمت منذ سنوات بالدفاع عن المرأة والمهنيين، أن laquo;الأزمة الحالية في السودان معقدة، وحلها لا يتم بإسقاط النظام فقط ولكن بمعالجة الأسباب التي صنعت الأزمةraquo;. وقالت: laquo;نحن نعاني مشكلة هوية وأزمات اقتصادية وثقافية واجتماعية، وأرى أن السؤال هو كيف يُحكم السودان وليس من يحكم السودانraquo;.

وقالت: laquo;إن السودان يحتاج إلى نهج جديد في التعاطي مع الأزمة يقوم على مرتكزات أساسية، ويشخّص أسباب الفشل وأسسه التاريخية التي يمثّل النظام (السياسي السوداني) حلقة من حلقاتهاraquo;. وأكدت أنه laquo;يجب أن يكون هناك تغيير في ميزان القوى السياسية في السودان، بمعنى أن يصطحب الحل السياسي (للأزمة) جميع القوى الموجودة على الساحة السياسية، بما فيها القوى الحديثة وحركات الشباب ومنظمات المجتمع المدني والحركات النسائية. يجب أن يُشرك كل هؤلاء في عملية إيجاد حلول للأزمة السودانية، كما يجب ألا ننسى إشراك الشعب، فمطلوب إشراك المواطن في قضاياه، كالدستور (الجديد الذي تسعى الحكومة الحالية إلى وضعه) وغير ذلك من القضاياraquo;. وشددت في هذا السياق على ضرورة أن laquo;تشهد الأحزاب السياسية عمليات إصلاح مؤسسي تقوم على خلفية ديموقراطية، مع أهمية أن تتم عملية معالجة الأزمة السودانية بشكل أعمق مما كان في سنوات مضتraquo;. وسئلت القيادية السودانية عن مدى القبول الذي وجده حزبها في الشارع السوداني، وخصوصاً أنها امرأة شابة تقود حزباً سياسياً، فأجابت بأن laquo;ردات الفعل كانت إيجابية جداً عند طرح برنامج الحزب (الديموقراطي الليبرالي) على مستوى الشارع والإعلام، فالشارع السوداني يتعطش لبرنامج سياسي يلبي احتياجاته، ولذلك بذلنا مجهوداً أكبر في سبيل الوصول إلى الجماهير، وأشير إلى أن العضوية الأكبر للحزب توجد في الأقاليم (الريف السوداني)، لأن الحزب يطرح حلولاً عملية لمشكلة العنصريةraquo;. وأضافت في شأن طرح حزبها حول مسألة العنصرية: laquo;نحن ندعو إلى إعادة الاعتبار الثقافي (لمواطني الأقاليم) والاعتراف بالتعددية الدينية والثقافية والعرقية، وندعو إلى إقامة مشاريع تنموية كبيرة في الأقاليم، والاعتراف بالمكون الأفريقي باعتباره مكوّناً ثقافياً أساسياً في الثقافة السودانية، ولذلك ندعو إلى تضمين ذلك في دستور السودان (الذي سيوضع مستقبلاً) حتى يكون هناك نوع من الحل الحاسم لمشكلة العنصرية في السودانraquo;.

وكيف تنظر إلى موضوع الدين والدولة في السودان، وهو من المواضيع المثيرة للجدل، أجابت: laquo;نحن لا ندعو أبداً إلى أن يتخلى الناس عن أديانهم، نحن نحترم الأديان السماوية ونقدسها، لكننا نرى أهمية عدم استخدام الدين كشعار لكسب عطف الشعوب وعدم الاستخدام الانتهازي للدينraquo;. وأكدت أن laquo;نظام الحكم في السودان لا يلتزم بما ندعو إليه في هذا الشأنraquo;، و laquo;النظام الحاكم (في الخرطوم) بعيد من التعاليم الإسلامية وما تدعو إليه الأديان السماوية من عدالة واحترام لحقوق المواطنة، ولا نرى أن هذا النظام نظام ديني يشبه الأديان بأي شكل من الأشكالraquo;.

وسئلت عن رؤيتها في شأن تعدد مشاريع الحلول المطروحة لمعالجة الأزمة السودانية، خصوصاً أن هناك من يطالب بإسقاط النظام بالعمل السياسي والتظاهرات، في حين يجادل آخرون بأن الحل في استخدام القوة العسكرية، فردت بالقول: laquo;أميل إلى الحل الجذري الشامل، والحل العميق لمكامن الأزمة السودانية، الذي يقوم على سودان لامركزي يُحكم بالنظام الفيديرالي، وجمهورية سودانية دستورية برلمانية قائمة على الفصل بين السلطات خصوصاً السلطة القضائية. أنا مع هذا الخيارraquo;.

وهل تتوقع استجابة النظام في السودان لدعوة أطلقها مثقفون ومفكرون سودانيون في الدوحة دعوا إلى تغيير وتحول ديموقرطي سلمي شامل، قالت: laquo;السياسة فيها متغيرات كثيرة، ولا أستطيع أن أتنبأ بما سيحدث في الأيام المقبلة، لكنني أرى أن النظام الحالي في حال انهيار تام، وعليه أن يستجيب لمثل تلك الدعواتraquo;.

وكيف ترى مستقبل العلاقات بين شمال السودان وجنوبه، قالت إن laquo;العلاقة بين الشمال والجنوب يجب أن تكون استراتيجية، لأنها مهمة جداً لتحقيق استقرار السودان في الفترة المقبلةraquo;.

وعن رفض المعارضة السودانية المشاركة في اجتماع دعا إليه الرئيس عمر البشير لمناقشة وضع دستور جديد عقب انفصال الجنوب، قالت إن laquo;دستور نيفاشا 2005 (بعد اتفاق حكومة البشير وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل جون قرنق) كان جيّداً إلى حد ما، لكن لم يطبق للأسف الشديد بالشكل المطلوب، لذلك أرى أنه إذا لم يكن هناك إرادة سياسية حقيقية، فإن الحكومة لن تلتزم بأي دستور، أرى أن الحكومة (حكومة البشير) غير جادة في دعوتها الأحزاب السودانية لمناقشة الدستور، إنها دعوة غير حقيقية، وقد أدركت الأحزاب مرامي الدعوة وأهدافهاraquo;.