فاتح عبدالسلام


من الممكن أنْ يأتي أي مراقب ويقول كان هناك طيران سوري من موسكو الى دمشق طوال أقل من سنتين من عمر الأزمة السورية وكان بالإمكان تهريب أي سلاح أو عتاد أو تجهيزات أو إنه جرى تهريبها فعلاً بين الحليفين الروسي والسوري، حيث لم يسبق لتركيا أن أجبرت طائرة سورية أو روسية على الهبوط والتفتيش. فلماذا الآن، لاسيما إذا كانت العقوبات على دمشق بعيدة المدى وكان ينبغي من الدول بما فيها تركيا تطبيقها فور صدورها وليس بعد مرور عشرين شهراً؟ أليس هناك ما يثير الريبة؟ .
لكن هذا الكلام قد ينضوي تحت خيمة حديث المؤامرة، وهذا جائز، غير إنَّ الأوضح هو حصول ثمّة أشياء جديدة أبرزها انتقال تركيا من مرحلة تغيير قواعد الاشتباك العسكري على الحدود قبل ثلاثة أشهر عندما أسقطت الصواريخ السورية مقاتلتها في البحر الى مرحلة تغيير آخر يمكن تسميتها تغيير قواعد الاشتباك السياسي التي يندرج تحتها إجبار أنقرة طائرة سورية على الهبوط والخضوع للتفتيش أي الشروع باستخدام أدوات جديدة لم تنزل الى الملعب من قبل.

الآن تركيا ليست طرفاً مهاجماً في الأزمة السورية بل إن نسبة هجومها لا تزيد مطلقاً على نسبة دفاعها العالية، فهي تدافع عن نفسها على أكثر من جبهة أولها دفاعها ضد تصدير اللاجئين السوريين الى أراضيها وتحميلها هذه الأعباء الكبيرة، ثم إنّها طرف لا يزال يتخذ حتى الآن موقفاً دفاعياً من نشاط حزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية، ويبدو ان أنقرة في حيرة من أمرها في كيفية الردّ على ورقة استخدمتها دمشق في الوقت الصعب ضد أنقرة التي ليس لديها عدو داخلي وربّما خارجي أحياناً اكبر من مسلحي حزب العمال الكردستاني، حتى اضطر وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو ليقول على قناة تلفزيونية أمس الأول إن الشرق الأوسط الجديد لا بدَّ أن يكون خالياً من اثنين؛ حزب العمال الكردستاني والنظام السوري.
في الميدان لعبة كما يقول تلاميذ حلقة الفيلسوف الصيني القديم كونفشيوس، بيد إنَّه الآن في الميدان مفاجأة تتبعها مفاجأة، ولا يزال في المرمى الكثير منها.