روزانا بومنصف

يرخي الاستقرار الذي يظلل الوضع اللبناني بثقله على تقويم مصدر ديبلوماسي اميركي للوضع الداخلي وتثمينه لهذا الواقع، اذ في ظل التقارير التي ترفعها البعثات الديبلوماسية المعتمدة في دول المنطقة الى اداراتها، وعلى رغم الحوادث المتفرقة في لبنان في خرق سوري متكرر للحدود او انتهاكات لبعض القرى الشمالية، فضلاً عن احداث طرابلس الاخيرة، فان الوضع في لبنان يظل مشجعاً قياساً الى موجات التغيير التي تعبر عنها التظاهرات والتطورات في الدول العربية مع آمال كبيرة تظل معقودة على عدم تهديد انعكاسات هذه التطورات، الاستقرار في لبنان. ويعرب هذا المصدر عن امله في ان زيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر الاخيرة للبنان كان لها بعض النجاح في تعميق هذا الواقع واعطائه دفعا اضافيا. لذلك فعلى رغم تسريبات اخيرة حول اجراءات امنية كثيفة وتهديد السفارة الاميركية في بيروت وحرق وثائق واوراق سرية تبعا للتظاهرات التي عمت العالم العربي على اثر بث الفيلم المسيء الى الاسلام، والقلق من ان يطاول اعتداء ما السفارة في لبنان، فان هذه الاجراءات لا تعدو كونها روتيناً ديبلوماسياً، وفقاً لهذا المصدر، وتعزيزها امنياً ايضاً، خصوصاً ان ردود الفعل في لبنان على الفيلم كانت محصورة في مناطق معينة لا تشكل تهديدا للسفارة. ويصر هذا المصدر على ان استقرار لبنان اولوية قصوى في هذه الظروف بالذات ليس للولايات المتحدة فحسب، بل للدول الاوروبية والمجتمع الدولي ككل، باعتبار ان الوضع في المنطقة يمكن ان يؤثر في هذا الاستقرار، ولذلك ايّدت الولايات المتحدة الاجراءات التي تدعم هذا الاستقرار، كما نددت من واشنطن وعبر السفارة في بيروت بتعرض لبنان لأي انتهاك لسيادته او اي اعتداء مثلما اعلنت وقوفها الى جانب تركيا في حال اي اعتداء عليها quot;وفي اطار الجهد الاميركي لحل ازمة سوريا فان من المهم بالنسبة اليه الا يتأثر لبنان والاردن وتركيا والعراقquot;.
وهذا الاطمئنان الى استقرار الوضع لا تزعزعه التطورات المتمثلة في تورط quot;حزب اللهquot; في الحرب السورية الى جانب النظام او الكلام على طائرة استطلاع خرقت الاجواء الاسرائيلية. ويشيد المصدر الاميركي بالعمل quot;الممتازquot; الذي يقوم به قائد القوة الدولية العاملة في الجنوب الجنرال باولو سيرا، فضلا عن انه من مصلحة الافرقاء المعنيين بالوضع الجنوبي الابقاء على الاستقرارعلى امل ان يستمر ذلك . اما بالنسبة الى العامل الاول، فانه يقع على quot;حزب اللهquot; في الدرجة الاولى، وفقا لهذا المصدر ان quot;يشرح ويوضح للبنانيين اسباب دعمه النظام السوري وارسال عناصره الى سوريا، وكيف يمكن ان يكون ذلك جزءا من المقاومةquot;. ويقول ان هناك اجراءات اتخذتها الخزانة الاميركية في آب الماضي ازاء مسؤولين في الحزب، نظراً الى تورطه في الحرب السورية. ولكن ما يقلق اكثر هذا المصدر في شأن الحزب quot;هو تورطه في عمليات ارهابية في الخارج في قبرص وتايلاند وبلغاريا، وربما ينظر لاحقاً الى دوره في سوريا من هذه الزاوية بالذاتquot;. وحول احتمال تأثير هذا التورط على سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة يقول المصدر ان هذه السياسة تفترض، الاّ يكون هناك تورط ليس لأن quot;حزب اللهquot; في الحكومة، بل لأن احداً لا يجب ألا يرسل مسلحين الى سوريا.
ومع الانشغال الداخلي بقانون الانتخاب، يرى المصدر ان الامر لا يتعلق بغير اللبنانيين لجهة القانون او تقسيم الدوائر. quot;لكن يجب الاتفاق على القانون من اجل ان تجرى الانتخابات في موعدها، لأن حصول الانتخابات في موعدها هو مؤشر للاستقرار، والتذرع بما يحصل في سوريا من اجل تبرير عدم حصولها هو لعبة داخليةquot;. ولا يجاري هذا المصدر المخاوف التي تثار حول وضع المسيحيين، تبعاً لذلك، quot;اذ انه بالنسبة الى سوريا هناك قلق من اي نظام سوري مستقبلي في حين ان العملية الانتقالية لا تزال غامضة والبعض يذهب الى أسوأ الاستنتاجات في حين ان الوقائع لا تؤكده باعتبار ان هناك فرصة ان تكون سوريا تعددية وديموقراطية تضمن الجميع وليس المسيحيين وحدهمquot;. ويقول المصدر quot;نحن قلقون من قلق المسيحيين وفقاً لما يعبرون عن مخاوفهم، وكما يرون تطور الامور مع الاقباط او في العراق، مما يثير قلقهم، الا ان لبنان مختلف دستوريا ووضع المسيحيين فيه مختلف والنظام يدفع نحو التوافق. لذلك لا يبدو وضع المسيحيين في لبنان في خطر في حين ان الوضع في سوريا فوضوي، وليس واضحاً كيف سينتهي ومتى وكم من الاضرار ستحصل. وشعار quot;لا تخافواquot; للمسيحيين ليس كافياً، اذ يجب النظر في ظروف كل دولة على حدة. ويتردد ان زيارة البابا ساعدت في تظهير ذلكquot;.
ويتطلع هذا المصدر الى quot;الانتخابات النيابية لرؤية اذا كانت ستطرأ تبدلات في المواقع او التحالفات بناء على المتغيرات السورية واذا كان الافرقاء سيجرون حساباتهم او يحددون انفسهم في شكل مختلف، علماً اننا قد لا نرى ذلك في الانتخابات المقبلة، بل ما بعدها، كما يتم التطلع الى رصد قدرة النظام السوري او محاولته التأثير في الانتخابات على رغم الانعكاسات السلبية التي يمكن ان تترتب على من سيحاول ارضاء النظامquot;. وعن الالتباس الذي يثيره استمرار الدعم الاميركي للحكومة على رغم المعارضة الاميركية لـquot;حزب اللهquot;، يقول هذا المصدر ان هذا الدعم هو لكل المواقف التي تتماشى والتزامات لبنان الدولية، فيما الدعم مستمر للبنان على مستوى بعض المؤسسات مثل وزارة التربية من خلال برنامج quot;دراستيquot; وكذلك التعاون العسكري ومع قوى الامن الداخلي.
ويقول المصدر quot;ان سياسة عدم التدخل العسكري في سوريا لا تزال سارية ما دامت الأسباب التي تحتم ذلك قائمة من بينها عدم وجود قرار دولي يتيح ذلك وعدم حماسة الاميركيين للتدخل عسكرياً، وربما يرد اذا كانت تركيا في خطر حقيقي كونها عضواً في دول quot;الناتوquot; وهناك بنود تصر على التدخل الى جانبها في حال تعرضها للخطر على رغم الاعتقاد ان ذلك لن يحصلquot;. ويضع المصدر ما يجري في سياق ما يروّجه النظام السوري بينquot; وجود مؤامرة اميركية صهيونية او ان ما يجري هو مسؤولية دول خليجية تعمل على اطاحة النظام. وبالنسبة الى العنصر الاول، فإنّ لا مصلحة للنظام نحو مواجهة مماثلة. اما بالنسبة الى العنصر الثاني فهناك امكان هز استقرار دول الجوار السوري كون المعركة اقليمية. وشهدنا محاولات هز لبنان في طرابلس وعبر الحدود والتي قاومها لبنان حتى الآن، ونرى شيئاً مماثلاً في تركيا، اذ تحوّل الحادث العابر الى قرار لدى النظام بالاستفزاز او اثارة خوف ماquot;. وحول مصلحة ايران التي تحارب الى جانب النظام في حرب مماثلة، فان هذا المصدر يستبعد ذلك اذ quot;حين تكون ايران في ازمة اقتصادية يصعب الاعتقاد ان النظام السوري وايران يمكن ان يخاطرا بحرب اقليمية. فهما يهددان بها، انما لا يعني ذلك انهما يعملان من اجلها او ان من مصلحتهما الدخول في حرب اقليميةquot;.