لندن

شيع اللبنانيون يوم امس جثمان العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في جهاز الامن الداخلي اللبناني بمشاركة عشرات الآلاف، معظمهم من تيار الرابع عشر من اذار، وتقدمهم مفتي لبنان والسيد فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الاسبق الذي القى كلمة نارية اشار فيها صراحة باصابع الاتهام الى سورية.
عملية الاغتيال هذه فاقمت من حدة التوتر وزادت من حالة الانقسام الطائفي والسياسي في البلد، حيث اقدم شبان يتبعون تحالف الحريري الى قطع الطرق في معظم المدن اللبنانية.
الموالون للسيد الحريري وتكتله السياسي جزموا منذ اللحظة الاولى ان العميد الحسن اغتيل من قبل عناصر تابعة او قريبة من المخابرات السورية بسبب دوره في كشف محاولة للسيد ميشال سماحة الوزير اللبناني السابق تهريب اسلحة ومتفجرات من سورية الى لبنان لاستخدامها في اعمال تفجير واغتيال، وفاجأ السيد نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني الحالي عندما ربط، في تصريحات له، بين عملية تهريب الاسلحة هذه واغتيال السيد الحسن وقال ان طائفته السنية مستهدفة.
في المقابل يرى المقربون من سورية ان من الخطأ التسرع واطلاق اتهامات قبل بدء التحقيقات، فسورية هي اكثر الاطراف تضررا من حدوث فتنة طائفية في لبنان، وحدوث اضطرابات واعمال عنف.
واعاد هؤلاء التذكير باتهامات مماثلة لسورية صدرت اثناء اغتيال السيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق، وركزوا على ان اسرائيل ربما تكون المستفيدة من هذا التفجير للرجل الذي كشف العديد من الشبكات التجسسية التابعة لها في لبنان.
حالة الجدل هذه ستستمر حتما لاشهر وربما لسنوات قادمة، فحتى هذه اللحظة، ورغم التحقيقات المكثفة من قبل محققي محكمة الحريري الدولية، لم يتم تحديد الجهة التي وقفت خلف عملية اغتياله، وكل ما تردد من اتهامات لم يخرج من اطار التسريبات الصحافية.
المنطقة العربية بأسرها تقف على حافة بركان كبير قد تكون عملية اغتيال العميد الحسن احد تنفيساته، فلبنان هو الحلقة الاضعف، ومن غير المنطقي ان تشتعل سورية بأسرها وتغرق في حرب اهلية طائفية ويظل لبنان آمنا مستقرا، خاصة ان تكتل السيد الحريري يدعم الثورة المسلحة فيها بالمال والسلاح، وهو ما لم ينفه السيد الحريري واكده قبل الاغتيال بيومين، بينما هناك من يتهم حزب الله بدعم النظام السوري بالمقاتلين والسلاح وهو ما نفاه الحزب على لسان قائده السيد حسن نصر الله.
دول الجوار السوري خاصة تلك المتورطة في دعم المعارضة المسلحة وتسهيل عملياتها مثل الاردن وتركيا، بدأت تعاني من اعراض جانبية، وتوترات داخلية، فقد اعلنت المخابرات الاردنية يوم امس عن كشف 'شبكة تخريبية' تضم مجموعة كبيرة من عناصر تابعة لتنظيم 'القاعدة' وقالت انها قادمة من سورية خططت لتفجيرات ضخمة في حي السفارات الراقي في عمان (عبدون) قد ترتقي لتفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر).
مدينة ستراسبورغ حيث يوجد مقر للبرلمان الاوروبي شهدت مظاهرة ضخمة شارك فيها الالاف معظمهم من الاتراك ابناء الطائفة العلوية، قدموا من مختلف انحاء اوروبا للمطالبة بحقوق هذه الطائفة في المساواة والاحتجاج على ما وصفوه بالظلم والاضطهاد والتمييز ضد العلويين في تركيا وقالوا 'انهم مهمشون في المؤسسات التركية واماكن عبادتهم غير معترف بها'.
هذه الاحتجاجات غير المسبوقة تأتي من حيث توقيتها وشعاراتها، تضامنا مع ابناء الطائفة العلوية في سورية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد. وبهدف توجيه رسالة احتجاج قوية الى تركيا التي تدعم المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل من اجل الاطاحة بنظامه. وهناك من يقدر عدد العلويين في سورية باكثر من 13 مليون انسان يتركزون قرب الحدود السورية مع تركيا.
النظام السوري الذي يواجه حرب استنزاف على مدى العشرين شهرا الماضية بدأ الانتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم، واستخدام كل ما في جعبته من اوراق ضد خصومه، ولذلك قد تأتي الايام والاشهر المقبلة حافلة بالمفاجآت.