حمد الماجد

سخونة الوضع السياسي الكويتي والعلاقة المتأزمة بين الحكومة وتيار المعارضة ستكون وضعا مقلقا ومختلفا بعد ثورات الربيع العربي، أما كونه مقلقا فلأن الكويت بقدرها الجغرافي على علاقة ما بتوتر الوضع في سوريا، فإيران التي تخوض حرب حياة أو موت لنفوذها السياسي والآيديولوجي على الثرى السوري تحتفظ بمخزون من السلاح الطائفي المدمر تتهيأ لاستخدامه كلما اقترب النظام السوري من السقوط، وستستخدمه في دول الخليج الآمنة المستقرة؛ ثأرا من هزيمتها إذا وقعت في سوريا، ولعل التهديد الإيراني الأخير الدنيء للكويت هو نوع من إخراج طرف السكين الإيراني لها ولبقية دول الخليج، وهذا ما يجب على المعارضة الكويتية أن تعيه وتأخذه في الحسبان، إذ لا يعقل أن يكون سقف مطالبها في الأوضاع الإقليمية الساخنة مثل سقف مطالبها في الأوضاع الأكثر استقرارا، أو بعبارة أدق الأقل سخونة.

أدرك أن البعض سيعترض ويقول إذن ستقوم القيامة، والمعارضة لم ترفع سقف مطالبها لأن الأوضاع في منطقتنا الملتهبة لم تهدأ يوما وقدرها ألا تهدأ أبدا، وهذا وإن بدا منطقيا إلا أنه لا يسلم على إطلاقه، فمنطقتنا وإن لم تتسم بالهدوء المطلق منذ نهاية حقبة الاستعمار الغربي لكنها بالتأكيد تمر بفترات هدوء متقطعة، هي المرحلة التي نعني لرفع سقف المطالب، مثل المرحلة التي تلت الحرب الإيرانية العراقية، ثم المرحلة التي تلت احتلال الكويت.

وفي ذات الوقت على القيادة الكويتية أن تعي أن سخونة laquo;الصاجraquo; السياسي الكويتي هذه المرة تختلف كثيرا عن السخونة التي تعود عليها الكويتيون، فكل حراك سياسي للمعارضة بعد ثورات الربيع العربي لا يمكن أن يكون مثل ذاك الحراك قبله، وأذكر أنني في زيارة للكويت في الشتاء الماضي مر بي صديقي بسيارته على ساحة الإرادة فشاهدت تجمعا تاريخيا غير مسبوق، قلت لصديقي مع أني متابع باهتمام للحراك السياسي في الكويت والشد والجذب بين الحكومة والمعارضة إلا أنه لا يمكن أن يكون هذا التجمع، الذي فاق عدده ذو السبعين ألفا مليونية ميدان التحرير (طبعا نسبة وتناسب)، بمعزل عن ثورات الربيع العربي.

وحين نقول إن بلدا تحكمه ملكية مستقرة ومزدهرة مثل الكويت، أو غيرها، ليست بمعزل عن الثورات العربية، ليس معناه أن يجري فيها ما جرى في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، بل نقصد أن التأثر درجات، فدرجة التغيير وطريقته في اليمن مع تغير رأس نظامه تختلف عن مصر، والأخيرة تختلف عن ليبيا، وكذلك درجة التأثر والاستجابة له، وقد استوعبت القيادة الشابة في المملكة المغربية المتغيرات في المنطقة العربية، وبالتحديد حين لاحظت طلائع المظاهرات في ميادينها وقالت: laquo;بيدي لا بيد عمروraquo;، فأحضرت ابن كيران زعيم التيار الإسلامي، أشرس خصومها السياسيين، وعينته رئيسا للوزراء، فوأدت شرارة الثورة في مهدها، وهذا ما يجب على القيادة الكويتية أن تنتبه له، فليس ضعفا أن تلتقي القيادة السياسية مع معارضتها في منتصف الطريق حتى تنزع فتيل إشكال ربما نما وتطور.