الرياض

جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن، الذي ووري الثرى أمس، إلى جانب الرئيس رفيق الحريري، لا تقل أهمية عن اغتيال الأخير قبل سبع سنوات ونصف. وإذا كانت ظروف اغتيال الحريري لأسباب سياسية ولتمرير مشروع إيراني سوري مشترك، للسيطرة على المنطقة، تحت شعار الممانعة، فإن اغتيال الحسن كان لإنقاذ رأس quot;الممانعةquot; في سورية من الانهيار.
مقدمات quot;الممانعةquot; بدأت، مع الاحتلال الإسرائيلي للبنان في العام 1982، في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، ومشروع التمدد الإيراني إلى شاطئ المتوسط، لتطويق ما تدعيه إيران المصالح الأميركية في المنطقة.
كان لا يمكن أن يتم ذلك بدون أدوات في المنطقة، فكان العمل على إيجاد حركات حزبية وسياسية، حيث كانت الساحة اللبنانية مهيأة لذلك، بعد الاحتلال الإسرائيلي، ووقوف العالم العربي والإسلامي عاجزا، وترك لبنان يغوص شيئا فشيئا في وحول الحرب الأهلية، وغياب المشروع العربي لمواجهة الصلف الإسرائيلي.
تشتت منظمة التحرير الفلسطينية بين عواصم عربية، وتحولت إلى لعبة في أيدي البعض، إلى أن ارتمت في أحضان أوسلو بعد أن هيأ لها الرئيس الراحل أنور السادات الأرضية في كامب ديفيد.
تحولت حركات المقاومة في المنطقة إلى لقمة سائغة في فم الأنظمة، فاستغلت سورية وإيران الظرف. أزاحتا حركة المقاومة الوطنية اللبنانية عن الساحة المقاومة، وتم تلزيمها إلى حزب الله، الذي كانت قياداته متشوقة للسلطة، بدماء أبناء الجنوب والبقاع، فيما عرف بعد ذلك بالبيئة الحاضنة للمقاومة، دون أن ننسى الضاحية الجنوبية في بيروت التي كانت خليطا من أبناء هاتين المنطقتين، بسبب الفاقة والعوز.
أحس حزب الله بنشوة النصر بعد أن استطاع تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو 2000، وأصبح الأكثر قدرة على التحرك السياسي ليس فقط في دائرته المذهبية، بعد أن هيأ له النظام السوري الذي كان يسيطر على لبنان، حتى داخل المذاهب الأخرى، وبات من يعين الوزراء والنواب، دون أن يكون له دور مباشر، وهو ما حرك القوى الأخرى التي رأت في الرئيس الشهيد رفيق الحريري معبرا عن طموحاتها، وحاملا لمشروعها ببناء الدولة اللبنانية ذات السيادة.
أزعجت الحالة السياسية للحريري النظام السوري وحزب الله، فكانت جريمة العصر في 14 فبراير 2005، التي أدت إلى انسحاب القوات السورية من لبنان في أبريل من العام نفسه، واصطفاف شعبي وراء تيار المستقبل الذي حرم حزب الله والنظام السوري من التحكم بمصير لبنان.
اغتيال العميد الحسن، كاغتيال الرئيس الحريري كان لمنع الدولة من النهوض، وإبقاء لبنان رهين دويلة الدولة الممتدة من طهران إلى بغداد إلى دمشق فبيروت وصولا إلى غزة.