حسن عبد الله عباس

الصورة الشهيرة التي جمعت الثلاثة الايراني محمود أحمدي نجاد والسوري بشار الاسد والحزبي السيد حسن نصرالله كانت واضحة أنها رسالة للعالم بأنها اتفاقية تفاهم وتعاون لمواجهة اسرائيل. بغض النظر عن رأيك فيهم وما إن كانوا خيرا أم شرا أو جمالاً أم قبحاً، يبقى الثلاثة واقعاً ميدانياً يصعب تجاوزه.
الصورة لم تكن فقط رسالة لإيصالها للعالم بأنهم سلسلة ثلاثية لمحاربة الاستكبار وافشال مخططات التوسع الاستعماري كما يرون فحسب، بل أيضا كانت رسالة العالم إليهم بأنهم مزعجون وسيكونون الهدف الرئيسي لمعارك مقبلة وقد تكون laquo;حاسمةraquo; بخصوص هوية القوة العظمى الجديدة، بعدما استفردت الولايات المتحدة الاميركية لملئها لاكثر من عقد بعد خلو مقعد الاتحاد السوفياتي.
فكما أن الثلاثة يعملون على مقاومة اسرائيل ومحاربتها بحسب برنامجهم قصير الامد، وكما أن الثلاثة يعملون على مقاومة الاستكبار العالمي بحسب عقيدتهم الاستراتيجية الكونية، فإن الثلاثة يعيشون في الوقت الواحد الحرب المعلنة ضدهم بالنظر لحروبهم الدفاعية القائمة الآن. فالثلاثة يحاربون بنفس الاتجاه لكن كل على جبهته الخاصة.
فالجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها وهي تعيش بظل تهديدات الإسرائيليين وتحركات الجيوش والبوارج الحربية الأميركية والتهديدات المستمرة صوب المشروع النووي والعقوبات الاقتصادية الدولية المتتالية والنفخ داخليا لانقلاب ناعم، مع ذلك ظلت تكبر منذ أربعة عقود، مرة تتمدد أكثر صوب اسرائيل لتشكل حلفاءها laquo;حماسraquo; وlaquo;حزب اللهraquo;، ومرة تتمدد اكثر صوب اميركا ومعها حليفها العنيد شافيز وبقية أميركا اللاتينية، هذا فضلا عن فرض نفسها كقوة اقليمية مهمة برغم شيطنتها واتهامها بالتدخل في الجوار. فمع أنها laquo;مكروهة وجابت بنتraquo;، لكن أرغمت البقية أن يطلبوا منها التدخل لحل مشكلة البحرين ولم يكن بالإمكان تجاوزها عند الحديث عن سورية!
الصورة نفسها تتكرر لبنانيا. فمحاولات ضرب laquo;حزب اللهraquo; مفتوحة من الجبهتين الداخلية والخارجية. فمن الداخل تدور حرب سياسية مريرة ومنذ الثمانينات وعلى مئات الجبهات، لم تكن الشبكة الاتصالاتية في عهد سنيورة والمناورات السياسية لسحب سلاحه الا بعضاً منها. وعلى الجبهة الخارجية ليس فقط لم تستطع اسرائيل أن تفعل شيئا، بل وجه الحزب لكمات استراتيجية موجعة جعلت اسطورة الجيش تنكسر بحيث استرجع اراضيه وقاوم بأسلحة استراتيجية كسر شوكة الميركافا والبوارج البحرية، وتطور حديثه نوعيا لنقل المعارك إلى الداخل الاسرائيلي وقام بالفعل بإرسال طائراته للعمق وصولا إلى laquo;ديموناraquo; شديد السرية. وبالمناسبة، الحديث عن اصطياد الاسرائيليين للطائرة لا يعني أنها الرحلة الوحيدة، فلا يوجد دليل إن كانت بالفعل هي الأولى عند الحديث عن نشاط حزب شديد الكتمان!
لذا أقول إن السوريين يعيشون وضعاً طبيعيا، كل ما في الامر موعد إشغالهم بالأزمات حل أخيرا. لكن والاستنتاج المنطقي ايضا وبحسب معادلة السلسلة يمكن القول بأن ما سمعناه منذ سنة ونصف السنة بأن نظام بشار الاسد آيل للسقوط، وأن سقوطه حتمي، وان المسألة مسألة وقت، وأنه في غضون أشهر سيكون خارج المشهد السياسي، ما هي إلا تحديات وأمنيات عالمية أظن يصعب تحقيقها على أرض الواقع. فالأقرب أن يكون مصير الحلقة الثانية كالأولى والثالثة، وعلى أصحاب المصالح في المنطقة فعل المزيد وإلا فالسلسلة إن ما خرجت منتصرة لا اجهاضها سيكون مستحيلا فحسب، بل التحدي سينتقل للعالمية!