علي حماده

منذ اللحظة الاولى لاغتيال وسام الحسن حمّلنا الحكومة المسؤولية المعنوية والسياسية، وبطبيعة الحال حمّلناها لرئيسها الذي بصرف النظر عن كل شيء، كان يفترض فيه أن يستخلص العبر من عملية الاغتيال، ويقدم استقالته لا لينكسر لمصلحة الاستقلاليين، بل ليتصرف كأي رجل دولة في الحدود الدنيا. لماذا نقول إن الحكومة مسؤولة معنويا وسياسيا عن اغتيال وسام الحسن؟ بكل بساطة لأنها ليست، ولم تكن حكومة نجيب ميقاتي ولا وليد جنبلاط ولا حتى ميشال سليمان، انها حكومة يسيطر على مفاصلها الاساسية وعلى قراراتها الكبرى quot;حزب اللهquot; الاكثر تمسكا بالحكومة من أي فريق آخر. وللتذكير فقط نقول ان وسام الحسن كان يدير جهازا أمنيا سياديا لعله الوحيد في مواجهة دائمة وصامتة مع فريق الثنائي quot;حزب اللهquot; ndash; النظام السوري. وكانت كل الحملات التي تعرض لها من هذا الفريق جزءا من الحرب المفتوحة ضده وضد اللواء أشرف ريفي المدير العام للأمن الداخلي. ومن المهم أن نعرف ان شعبة المعلومات التي أدارها وسام الحسن كانت تتعرض لمحاولات اختراق دائمة من بقية الأجهزة الامنية الرسمية التي تعتبر تابعة لأمن quot;حزب اللهquot; إما كليا وإما جزئيا في لعبة كر وفر لم تتوقف يوما. اذا اضافة الى أمن quot;حزب اللهquot; والمخابرات السورية، والمخابرات الايرانية والموساد، كان وسام الحسن يواجه مناخا سياسيا سيئا مصدره حكومة تبقى مهما قيل في فريقها المسمى quot;وسطياquot;، حكومة quot;حزب اللهquot; ndash; النظام السوري، وللثنائي المشار اليه تتبع في الاساسيات وفي التوجهات العامة.
بناء على ما تقدم قلنا للأصدقاء في الفريق الاستقلالي لا تركزوا على التفصيل، بل على الأساس. لا تدعوا الى استقالة ميقاتي بل ادعوا الى استقالة حكومة على قاعدة بسيطة، مفادها أن معارضة بشار وايران في سوريا لا تجيز خدمة مصالحهما في لبنان. والحكومة الحالية هي حكومة الثنائي quot;الممانعquot; وتحظى ويا للأسف بغطاء سياسي لبناني مسمى quot;وسطياquot;، يتوهم بعضه أنه يحمي لبنان من صدام في حال اسقاط الحكومة.

ميقاتي تفصيل، بل هو حالة هامشية تناور في كل مكان لابقاء رأسها فوق سطح الماء لأسباب شخصية لا تمت الى الحرص الوطني. في المقابل، نحن نصدق وليد جنبلاط حينما يقول انه يخشى على البلد من صدام كبير، ونصدق ميشال سليمان في حرصه على البلد، ونخالفهما القراءة في الوسيلة لحمايته، ونقول ان الحماية لا تبرر تسليمه بالمجان الى quot;حزب اللهquot; فقط مخافة عودته الى الشارع. ان التسليم بالامر الواقع قد يكون أشد ضررا على البلد من مواجهته. وفي مطلق الاحوال، لسنا من الداعين الى المواجهة، بل ان الحل ينبغي أن يكون في تشكيل حكومة جديدة لا تستفز أحدا في البلد، فتهدأ نفوس الغاضبين من دون ان يشعر المستكبرون بما يهددهم. ان الجولة الاخيرة التي يتوهم ميقاتي بأنه ربحها ستكون قصيرة الامد، لأن ما بني على باطل وعلى الارهاب والترهيب لن يستمر طويلا مهما بدت الصورة سيئة راهنا. من هنا كان الهجوم على ميقاتي الشخص هجوما على التفاصيل وليس على الاساس.