فاتح عبدالسلام


لماذا انتكست التجربة السياسية للمعارضة السورية في توحيد صفوفها؟ والتوحيد العام ولا أقصد ذوبان وجهات النظر والاختلافات إنّما هو قدر لا بدَّ من حصوله سلماً أو حرباً في العلاقة مع النظام الحاكم في دمشق، ودون ذلك لا تنتهي الأزمة الحالية حتى لو تمت تلبية مطالب المعارضة بطرق غير مباشرة أو بالصدفة الطبيعية كخروج أحد أطراف اللعبة الرئيسة من الملعب فجأة.

أعود إلى السؤال وأجد أنَّ الاستعجال الدولي في التعامل مع وضع سوريا بوصفه حالة مشابهة لما يجري في دول الربيع العربي قاد إلى تشويش كبير، صاحبهُ انقسام المعارضين السوريين على أساسيات في فهم العمل المعارض ثم جاءت الطامة الكبرى عندما اتجهت الولايات المتحدة ودول أوربية الى اعتبار المجلس الوطني السوري المعارض الممثل الرئيس وكادوا يقولون الوحيد للمعارضة السورية، في وقت لم يستطع ذلك المجلس أن يرقى إلى مستوى حدث عظيم يشبه حرباً متكاملة داخل سوريا ما زرع شكوكاً وزعزع ثقة هنا وهناك وكرّس انقساماً أفاد منه النظام في تحقيق الغلبة في الميدان العسكري والتنفس السياسي الدولي الآن.ثمّة تراجع واضح في لهجة واشنطن عبر تصريح هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية بأنَّ المعارضة لا تختصر في مجلس واحد.
الخلافات في المعارضة السورية في عمومها عمودية وليست أفقية، تدور في رؤوس القيادات وبعضها لا تستحق توصيف قيادات لأنَّها بلا قواعد، لكن استمرار التشرذم سوف يلحق بالشعب السوري فواجع أكبر ممّا لو لم يكن هناك معارضة. بيد أنَّ ما يجري على الأرض يفرض حقائق أخرى لعلَّها أجبرت الولايات المتحدة على التراجع عن تصريحات وقناعات سابقة. ثمّة قيادات عسكرية معارضة لا تلتقي دائماً مع القيادات السياسية، ويبدو إنّ الدعم الخارجي وهو حقيقة يجب أن لايراوغوا في تجاهلها كان ينصب على تدعيم أجنحة موالية لهذه الدولة أو لتلك، لذلك نرى الحديث عن حكومة انتقالية ينتقل من عاصمة إلى أخرى من دون بوصلة لسبب بسيط هو أن السوريين في الداخل لم يحضروا فيها على نحو حاسم.
يسألونك عن أسباب استمرار الأزمة وينسون أن الأسباب متعددة لا تخص طرفاً دون آخر أو دولة دون أخرى.
المعارضة السياسية تشهد انقسامات وكذلك المعارضة المسلحة. وسبقهما النظام في انقسامات شتى كان أولها ظاهرة الانشقاقات العسكرية والسياسية الى جانب الانقسامات الدولية حول التعاطي مع أزمة سوريا. وذلك كلّه متداخل في إطار عدم تحقيق الحسم لصالح جانب دون آخر.