بدأ يركز على استهداف المدنيين في غزة

تل أبيب

وسعت إسرائيل رقعة عملياتها العسكرية يوم الأحد الماضي لتشمل بناية تضم صحفيين، وذلك لليوم الخامس على التوالي من القصف المستمر على قطاع غزة، وفي المقابل واصلت الصواريخ الفلسطينية سقوطها على البلدات والمدن الإسرائيلية مع اعتراض النظام الدفاعي المعروف باسم القبة الحديدية لصاروخ طويل المدى فوق سماء تل أبيب، وهو الصاروخ الثاني الذي يستهدف العاصمة الإسرائيلية ويتم اعتراضه قبل وقوعه، ويبدو أن إسرائيل بدأت في توسيع لائحة الأهداف التي اقتصرت في البداية على المواقع العسكرية لتمتد الآن إلى المرافق المدنية، حيث دمرت قنبلة إسرائيلية يوم السبت الماضي مكتباً تابعاً لرئيس حكومة ldquo;حماسrdquo; المقالة، إسماعيل هنية. وهذا التصعيد أخمد إلى حدما الآمال في إمكانية التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في الوقت الذي يجري فيه القادة العرب بقيادة الرئيس المصري، محمد مرسي، جهوداً كبيرة في القاهرة للبحث عن نهاية متفاوض عليها للمواجهات الراهنة. وفي آخر تعليق له على الأحداث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، يوم الأحد الماضي على هامش الاجتماع الأسبوعي للحكومة: ldquo;نحن نفرض تكلفة باهظة على ldquo;حماسrdquo; وباقي التنظيمات الإرهابية، والجيش مستعد لتوسيع العملية العسكريةrdquo;. وشملت المواقع التي استهدفت في غزة يوم الأحد المنصرم بناية يستخدمها الصحفيون وتستضيف مكاتب محطة ldquo;سكاي نيوزrdquo; البريطانية، وقناة ldquo;العربيةrdquo; التي تبث من دبي، وحسب وزارة الصحة في غزة فقد جُرح ستة صحفيين في القصف لينقلوا فوراً إلى أحد المستشفيات لتلقي العلاج. ومن بين وسائل الإعلام الأخرى التي تعرضت للقصف أيضاً مكتب ldquo;قناة القدسrdquo; التي تعتبر الناطق الرسمي باسم ldquo;حماسrdquo;، وعلى إثر استهداف الإعلام أصدرت جمعية الصحافة الأجنبية بياناً عبرت فيه عن قلقها من ضرب وسائل الإعلام، منبهة في الوقت نفسه إلى أن القرارات الأممية تضمن حماية الصحفيين أثناء تغطيتهم لبؤر التوتر دون مشاكل.

ولكن الجيش الإسرائيلي زعم أن قصفه استهدف ldquo;هوائياً تستخدمه حماس للاتصالrdquo;، كما أضاف بيان الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مخابئ للأسلحة والصواريخ تحت الأرض، وكانت استراحة قصيرة في إطلاق الصواريخ والقصف الإسرائيلي قد توقفت دون أن تستمر طويلًا ليلة السبت لتستأنف الصواريخ سقوطها مجدداً على مدينتي عسقلان وأشكول بجنوب إسرائيل، وفي الساعة العاشرة والنصف صباحاً دوت صفارات الإنذار بتل أبيب أيضاً محذرة من اقتراب صاروخ قادم من قطاع غزة ليتم تدميره في السماء على حد ما زعمت مصادر إسرائيلية. وفي أول رد فعل له على المواجهات الجارية في قطاع غزة قال الرئيس الأميركي من بانكوك بتايلاند على هامش الزيارة التي يقوم بها إلى دول جنوب شرق آسيا: ldquo;لا يستطيع بلد على وجه الأرض التسامح مع سقوط الصواريخ على أرضهrdquo;! وأضاف أوباما أن أي حل للصراع يبدأ أولاً ldquo;بعدم سقوط أية صواريخ على إسرائيلrdquo;! وفي حين وسعت إسرائيل عملياتها لتشمل مواقع مدنية في قطاع غزة، واصل المسلحون الفلسطينيون إطلاق وابل من الصواريخ على المناطق المدنية بجنوب إسرائيل مع استمرار الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأطراف العربية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنة، وزادت وتيرة استهداف غزة من قبل الطيران الإسرائيلي بحوالي 200 ضربة مطلع يوم الأحد بما في ذلك قصف مكتب تابع لرئيس الوزراء، إسماعيل هنية، ليتحول إلى كومة من الركام، وتلك الضربة بالإضافة إلى ضربات أخرى استهدفت مقرات للشرطة في قطاع غزة ومنطقة الحدود الجنوبية من القطاع، أثارت أسئلة مؤداها أن إسرائيل ربما تسعى إلى إسقاط حكم ldquo;حمـاسrdquo; على الشريط الساحلي.

وقبيل غروب يوم السبت الماضي قالت ldquo;حماسrdquo; إنها أطلقت صاروخ فجر 5 إيراني الصنع على تل أبيب لتُسمع صفارات الإنذار في المدينة لليوم الثالث على التوالي، فيما زعمت إسرائيل أن صواريخها الدفاعية تمكنت من اعتراض الصاروخ بنجاح.

ولكن على رغم استمرار القصف على قطاع غزة فقد أدى وزير الخارجية التونسي، رفيق عبدالسلام، زيارة إلى القطاع مصحوباً بوفد من بلاده، وهو ما يؤكد على تفاعل جديد مع ldquo;حماسrdquo; في المنطقة قد يفيدها في كسر عزلتها السياسية مستفيدة من أحداث ldquo;الربيع العربيrdquo;، وقد عبر الوزير التونسي عن غضبه إزاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، داعياً البلدان العربية إلى الوحدة لإنهاء العدوان.

أما في مصر فقد عقد الرئيس محمد مرسي، الذي أرسل رئيس وزرائه في وقت سابق إلى القطاع، اجتماعات مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وأمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وذلك لمناقشة ما وصفه مرسي وباقي قادة المنطقة بأنه سيكون رداً قاسياً على العدوان الإسرائيلي على غزة. وبحلول يوم السبت الماضي كانت الإشاعات في القاهرة تتحدث عن اتفاق لوقف إطلاق النار يتم تداوله بين مرسي وأردوغان وخالد مشعل، وإن كان الخبر لم يؤكد بعد.

وفي القاهرة أيضاً عقدت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية لمناقشة الصراع الدائر في قطاع غزة، حيث دعا العديد من المشاركين إلى دعم عربي واضح للفلسطينيين وإعادة النظر في معاهدة السلام المصرية مع الدولة العبرية، وإن كان من غير المؤكد ما إذا كانت الجامعة العربية بأدائها غير الفعال ستقرن أقوالها بالأفعال بعد هذه القمة.

وفي المقابل دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي عن استهداف غزة لدى القادة الأوروبيين، حيث تحدث إلى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ونظرائها في إيطاليا واليونان وجمهورية التشيك، معيداً تكرار ما قاله في السابق من أن إسرائيل لا تستطيع التسامح مع الصواريخ التي تقع فوق أراضيها. وكانت حصيلة القتلى في غزة قد ارتفعت، حسب مسؤولي وزارة الصحة في القطاع، إلى 45 حتى يوم السبت الماضي، فيما سقط ثلاثة قتلى إسرائيليين جراء القصف الصاروخي.

وأفاد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن إطلاق 130 صاروخاً من قطاع غزة يوم السبت زاعماً أن القبة الحديدية تمكنت من اعتراض 30 منها. وعلى رغم الاستعدادات الجارية على قدم وساق لخوض عملية برية داخل القطاع، إلا أنه لم تظهر حتى الآن مؤشرات واضحة على احتمال إقدام إسرائيل على ذلك، هذا وأشار بعض المحللين إلى احتمال تغيير إسرائيل لأهدافها من عمليتها في القطاع لتشمل إسقاط ldquo;حماسrdquo; عن السلطة، ولاسيما بعد استهداف مقرات مدنية للحركة، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ldquo;إيتان بوتشمانrdquo;، قائلاً ldquo;إن جزءاً من استراتيجيتنا الشاملة هو الإطاحة ldquo;بحماسrdquo; وضرب قدرتها على السيطرةrdquo;.

كما نقلت صحيفة ldquo;هآرتسrdquo; عن وزير الداخلية الإسرائيلي، ldquo;إيلي ياشايrdquo;، قوله ldquo;إن هدفنا من هذه العملية هو إرسال غزة إلى القرون الوسطىrdquo;.

والحقيقة أن ذلك بالفعل ما شعرت به عائلة حسام وسناء الداده، اللذين قادهما حظهما العاثر للعيش بالقرب من منزل استهدفته إسرائيل بزعم كونه تابعاً لمسؤول في حركة ldquo;حماسrdquo;، ففي الساعة السادسة صباحاً تهشمت نوافذ المنزل وسمع دوي هائل بعدما سقط صاروخ على المنزل المجاور في مخيم جباليا، ليدمر منزلهما بالكامل، حيث اضطرت الأسرة لإخلائه على الفور وانتشال الأطفال من بين الأنقاض، وذلك في إشارة واضحة إلى الرعب الذي يعيشه المدنيون في غزة والضرر الذي يصيبهم من العملية الإسرائيلية، ولاسيما بعد وقوع ضحايا كثر من الأطفال والنساء.

إرنوستو لوندونو، وأبيجيل هوسلونر

ينشر بترتيب خاص مع خدمة ldquo;واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفسrdquo;