جهاد الخازن


زعم كل من اسرائيل وحماس أنه إنتصر في الحرب الأخيرة على قطاع غزة. كلاهما يكذب. كلاهما خسر.

بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان تحدثا عن إنتصار اسرائيل بعد إعلان وقف إطلاق النار الذي كان المنتصر الوحيد فيه الرئيس محمد مرسي لأنه laquo;باعraquo; حماس لتحسين علاقاته الأميركية. مجرما الحرب الاسرائيليان تجاوزا أن البرنامج الإنتخابي لحزبيهما، ليكود واسرائيل بيتنا، تعهد بإسقاط حكومة حماس، وقد فشلت الحرب الأخيرة في تحقيق الوعد الإنتخابي، كما فشلت كل محاولة مماثلة منذ وصول الإرهابيين العنصريين الفاشيست الى الحكم في اسرائيل.

في المقابل حماس لا تستطيع أن تدّعي الإنتصار وقد قتل حوالى 150 فلسطينياً، بينهم أطفـــال، مقاــبل خمسة اسرائيليين، ودمرت البنية التحتية لإدارة حماس في القطاع. مع ذلك أقرأ لكتّاب من أنصار حماس عناوين من نوع laquo;ما ألذ الإنتصارraquo; أو laquo;اسرائيل تركع أمام حماسraquo; وأشعر كما لو أنني أمام ذلك laquo;النصر الإلهيraquo; في صيف 2006 الذي دمر البنية التحتية للبنان.

أريد من حماس وأنصارها أن يقنعوا مَنْ بقي حياً من أسرة الدلو بأنهم إنتصروا. عندما سقطت القنبلة على بيت الأسرة يوم الأحد الماضي تحول البيت الى حفرة، أو قبر، ضم أشلاء العائلة. كان هناك خمسة ضحايا من الأطفال دون العاشرة، ومعهم أمهم وأبوهم وجدتهم وإثنتان من خالاتهم.

ماذا فعل العرب والمسلمون ازاء مجزرة غزة؟ إحتجوا.

لن أدينـهم، فهم يدينون أنفسهم كل يوم. غير أنني أدين إدانة كاملة العالم الغربي الذي يزعم أنه متحضر وهو يشارك اسرائيل في جرائمها من الإحتلال والإستمرار فيه الى القتل والتدمير بالمفرق، فهناك ضحية كل يوم تقريباً، وبالجملة كما في أسبوع أو نحوه في قطاع غزة.

اسرائيل إستأصلت أسرة بكاملها من الأطفال الى الجدة، فماذا فعل السياسيون في الغرب؟ دانوا تفجير باص ركاب في تل أبيب أسفر عن جرحى. الإنفجار يوم الأربعاء الماضي 21/11/2012 وقع الساعة 14.29 بحسب تقرير زمني نشرته laquo;تايمز أوف اسرائيلraquo; وتبعه التالي:

- وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، وهو من المحافظين الجدد، كان سباقاً في التنديد بالعمل الإرهابي، فالتقرير يسجل إدانته في الساعة 14.44 من اليوم نفسه. ووكيل وزارة الخارجية البريطانية قابل بعد ذلك وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، حارس المواخير المولدافي، وأعرب عن laquo;عطفه العميقraquo;.

- الناطق باسم البيت الأبيض جون كارني دان الإنفجار (14.52)، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تبعته (15.56)، والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس ندّدت بالهجوم laquo;الإرهابي الجبانraquo; (17.56).

- الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ندّد (15.02).

- وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس دان الهجوم بأشد العبارات (15.28).

- وزير خارجية المانيا غيدو فيسترفيله تبع مَنْ سبق (16.51).

وربما كان مجلسا الشيوخ والنواب الأميركيان أحقر الجميع فهما أصدرا قرارين متماثلين يؤيدان حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ويدينان حماس وحدها.

أقول إن دم الأطفال الفلسطينيين على أيدي هؤلاء جميعاً، أطفال أسرة الدلو، وكل طفل آخر، بمن في ذلك 1500 قاصر فلسطيني قتلتهم اسرائيل منذ 29/9/2000.

هي قتلت الأطفال بتحريض غربي وحماية تشمل الفيتو في مجلس الأمن، والدول الغربية شريكة في جرائم اسرائيل، وتتحمل المسؤولية معها عن الإحتلال والقتل والتدمير.

أنا، مثل الدكتور أحمد الطيبي، أدين تفجير تل أبيب، ولا أريد أن يُقتل أحد، إلا أنني أدين إرهاب اسرائيل قبله وبعده، وهو ما لم يفعل الشركاء في الجريمة من وزراء غربيين ومسؤولين آخرين، لعنهم الله جميعاً.