أسامة عيسى الماجد الشاهين


رغم أن المادة السادسة من باب (الدولة ونظام الحكم) في دستور 1962 تقرر بوضوح أن laquo;نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعًاraquo;، إلا أن المراقب لا يكاد يجد تطبيقات لهذه المادة الواضحة، سوى انتخاب أعضاء (مجلس الأمة) كسلطة تشريعية في الدولة، مع غياب تام لتطبيقات الديموقراطية في السلطتين التنفيذية والقضائية.
والمأزق الحقيقي للديموقراطية في الكويت بأنها مهددة وتتقلص حتى في مظهرها laquo;التشريعيraquo; الوحيد، ويتضح ذلك من عدة مناحي مثل:
1- حق السلطة التنفيذية laquo;المعنيةraquo; في حل البرلمان laquo;المنتخبraquo;:
حيث تصدر مراسيم حل المجالس التشريعية بموافقة مجلس الوزراء حاملة توقيع رئيسهم، بل إن عدم موافقتهم الصريحة والواضحة أصبحت جوهرية وفق حكم المحكمة الدستورية بشأن إبطال مجلس 2012 (الأول)، حيث أبطل بناء على اختلاف فقهي حول صحة اجتماع رئيس مجلس الوزراء المكلف الشيخ جابر المبارك، مع وزراء الحكومة المعينين من قبل رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد.
كما أنه لا يوجد قيد يذكر على عدد مرات حل البرلمان، وشرط laquo;عدم جواز الحل لذات السبب أكثر من مرةraquo; غير منضبط، حيث تم حله لذات السبب عدة مرات، لكن لا يسع المواطنين الطعن في ذلك، بحكم كونه (شكلاً) من أوامر السيادة المحظور نظرها قضائيًا، و(موضوعًا) لأي السلطة تستخدم كلمات ومفردات مختلفة في تبريرها كل حل، رغم أن العلة واحدة بها جميعًا.
2- تعيين laquo;ثلثraquo; أعضاء البرلمان laquo;المنتخبraquo;:
حيث لا يسهم الشعب الكويتي في انتخاب جميع أعضاء (مجلس الأمة)، بل يتم تعيين ما لا يزيد عن ثلث الأعضاء جرى التطبيق على استغلال الحكومة للحد الأقصى وهم الوزراء الذين يشاركون في جميع الأعمال التشريعية للمجلس بل ولهم أدوار غير مباشرة بأدواره الرقابية، عبر تصويتهم على لجان المجلس سواء دائمة أو موقتة أو (تحقيق) ومناصبه الإشرافية.
3- تنقيح الدستور بخلاف أحكامه لإضافة حق الحكومة بتعديل النظام الانتخابي:
وذلك في مخالفة صريحة للمواد 6 و71 و81 من الدستور الكويتي، التي جعلت حق الحكومة بإصدار مراسيم لها قوة القوانين مقيدا بشروط وضوابط عديدة، يحكمها مبدأ laquo;الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيهraquo;، وفي مقدمتها شروط (الاستجداد) و(الضرورة) وعدم مخالفة أحكام الدستور، وقد جاءت المادة 81 لتقرر مبدأ عدم جواز تغيير النظام الانتخابي بغير أداة القانون، وهو ما تم انتهاكه مؤخرًا وترتبت عليه مظاهر معارضة شعبية من مسيرات ومقاطعة وندوات.
إن الديموقراطيات حول العالم تكلف laquo;القضاءraquo; أو laquo;البرلمانraquo; بوضع النظام الانتخابي وتحديد قواعده وتغييرها، أما تخويل laquo;الحكومةraquo; بمهمة وضع نظام مراقبتها ومحاسبتها، فهو مظهر متخلف ومخجل لم أطلع على مثيل له في عالمنا المعاصر.
ختامًا: إن الفجوة تتسع بين سلطة ثابتة على ممارسات عام 1965، وأغلبية شعبية في طليعتها شباب ونواب وقوى سياسية منطلقين بسرعة وثبات نحو 2012، آمل أن تدرك laquo;الأولىraquo; سريعًا أنها لن تستطيع مواجهة الفئة laquo;الثانيةraquo; مهما تكلف الأمر، وهو ما برهنته التجارب المحلية والعربية والعالمية المعاصرة، وعلى الفئة laquo;الثانيةraquo; أن تلتزم بسلميتها ووطنيتها مهما تعرضت لاستفزاز أو استدراج، وألا تقبل بأقل من تطبيق حقيقي وكامل لمواد دستور 1962.