ميشيل تويني

خبر مقتل لبنانيين في سوريا خلال توجههم للقتال مع المعارضة السورية في تلكلخ، بعد اخبار متكررة عن مقاتلين يُشيّعون في البقاع بعد سقوطهم ايضاً في سوريا دفاعاً عن نظام الاسد، لا يمكن الا ان يصدم المطالبين بالسيادة، بغض النظر عن الايمان بأي قضية وبمبادىء معينة. لكن ما الهدف من ان يتورط شبان لبنانيون في قضية ليست قضيتهم؟
الحرية والاستقلال والسيادة مبادئ عامة لا تختصر ببلد، ولا تتوقف عند حدود معينة. لكننا نسأل عمن حارب يوما مع اللبنانيين؟ ومن اعتبر ان قضيتنا قضيته، ودافع عنا، وأدخل أرضه وعرضه وسيادته في دائرة الخطر من أجلنا؟ حتى الاتفاقات الموقَّعة مع لبنان لم تنفع في ساعات الشدة: من وقف الى جانبنا في مراحل هو من استغلنا ومن تاجر بنا. دول العالم القريبة والبعيدة، كانت تنظر الينا نتقاتل ونُقتل، ولم تفعل سوى استعمالنا ورقة للتفاوض، لم نطلب من احد ان يحارب معنا او عنا، ذلك ان كل شعب مسؤول عن بلده.
لكن أن نسمع ان لبنانيين يُقتلون في سوريا فهذا أمر خطير ومرفوض ومُدان. ولنقل الامور بصراحة، ان الفتنة المذهبية المؤسفة التي يتنبأ بها البعض، وهي الفتنة السنية - الشيعية طبعاً، اصبحت ورقة مشتعلة وتجاوزت مرحلة الجمر تحت الرماد. اكثرية الشيعة من المؤيدين لـ quot;حزب اللهquot; تدعم النظام السوري، فيما أهل السنة وتحديداً اهل الشمال يدعمون المعارضة السورية. وهذا النزاع المرير أوصلنا الى مقتل لبنانيين مع النظام في مقابل مقتل آخرين مع المعارضة.
فلنسأل أنفسنا ماذا نربح في الدفاع عن نظام لم نر منه الا السوء؟ ولم يقدم لنا سوى سفك الدماء وسلبنا حريتنا واستقلالنا لأعوام طويلة ؟ وبغض النظر عن رأينا في هذا النظام، ورفض كل اعماله وانتهاكاته لأرضنا وناسنا، إلا اننا نظل نسأل ماذا نربح اذا ما ارسلنا شبابنا الى سوريا؟ لن نربح سوى ما نعرض له انفسنا من المشكلات، والاخطر ان نصبح أوراقاً تستعمل للضغط بصراع لا دخل لنا به.
ما يحصل عبر الحدود الشمالية والبقاعية خطير، والمطلوب من الحكومة التي تروج لسياسة النأي بالنفس، ان تنأى بالنفس فعلاً، وان تفرض هذا الامر عبر الحدود لتجنيب البلد صراعاً، وان تعلن تضامناً مع الشعب السوري الذي يقتل كل يوم، وان تؤيد المطالبة بسوريا حرة وجديدة يسودها السلم والحرية والعدالة.
لكن الموقف ينبغي ألا يجرّنا الى انقسام يتحول صراعاً بين اللبنانيين. على الحكومة ان تؤيد المساعي في جامعة الدول العربية وفي منظمة الامم المتحدة لكونها انفع من استعمالنا ورقة فتنة كانت اساساً لتحكّم الخارج في المنطقة وأهلها