علي حسين


أيهما أخطر على أمن العراق ومستقبله، شبابٌ يبحثون عن الجديد في الموضة، أم سيلٌ عارم من الإرهابيين والمفسدين والانتهازيين والسياسيين الذين باعوا ضمائرهم قبل أن يبيعوا الوطن. لم يثبت حتى الآن أن الشباب الذين تطاردهم قوات الداخلية قد تورطوا في أعمال إرهابية،

لكن المؤكد بالصورة والصوت أن الإرهاب استطاع أن يدخل إلى مخادع المؤسسات الأمنية في ظل صمت حكومي مريب إلى الحد الذي يعجز معه المسؤلوون عن تقديم بيان حقيقي وواقعي بحجم الخسائر في أرواح وممتلكات العراقيين.
والسؤال هنا: أيهما أولى بالتصدي، شباب المدارس والجامعات التي تصر الحكومة وأجهزتها على العودة بهم إلى فرق الطلائع والفتوة وأشبال quot;القائد الضرورةquot; أم الفساد المالي الذي إلى استفحل وتحول إلى خطر داهم يجرف في طريقه كل شيء؟
حسب المعلومات المتداولة عن حجم الفساد الذي ينخر في جسد الدولة العراقية فأن الأرقام تقول إن مئات المليارات قد أهدرت بل سرقت وان أطرافا سياسية وحكومية تعتاش على لحم العراقيين الحي دون أن تمتد لهم يد الحكومة ودون أن يخرج علينا مسؤول ليقول لنا إن الأجهزة الأمنية بصدد القضاء على هذه الظاهرة، مثلما بشرنا احد عقداء داخلية السيد المالكي إن الوزارة أعدت خطة للقضاء على ظاهرة الايمو، ولم تصدر فتوى دينية حتى هذه اللحظة بقتل سارق أو مختلس أو ناهب لأموال اليتامى والأرامل، لكن البعض يريد أن يشوه صورة الإسلام السمحة بإجازة قتل هؤلاء الشباب.
ولأننا نؤمن بأن للإسلام رب يحميه من سلوكيات بعض المتحدثين باسمه، فإننا نسأل من يحمي الناس من تسلط البعض الذي يحن إلى أيام الدكتاتور والى فرق quot;فدائيي صدامquot; التي كانت تقطع رؤوس الناس بدم بارد.
ان صمت الحكومة على ما جرى ويجري خلال الأيام الماضية من قتل لعدد من الشباب ومطاردة العديد منهم وإعادة قوانين قائد الحملة الإيمانية يضعها في خانة الشريكة بالجرم إن لم تكن هي التي تدفع باتجاه إثارة مثل هذه الزوابع للتغطية على ملفات كبيرة بدأت الناس تتحدث عنها، وأيضا يقدم الدليل على استهداف واضح لمساحة الحرية في بلد لا يزال يعاني من آثار عقود من الدكتاتورية والاستبداد.
ولو عدنا بالذاكرة إلى ما قبل الانتخابات الأخيرة، سنجد كلاما ورديا عن الحريات التي يحرسها الدستور وعن حق الاختلاف، وعن نبذ التسلط والاستبداد، ولكن ما أن استقر الجميع على كراسيهم الوثيرة حتى استدعوا كل ادوات صدام لممارسة الفساد والخديعة والقمع.
كنا نتمنى أن تعالج مشاكل الشباب من خلال الإعلام والمؤسسات الثقافية والاجتماعية، لاعن طريق مؤسسات أمنية لا تفرق بين الإرهابي وشاب يرتدي بنطالا ضيقا.
لقد انتظر الناس ردا من الحكومة على الخروقات الأمنية والتفجيرات التي حصدت أرواح الأبرياء، فخرج عليهم من يقول لهم إن شباب الايمو أكثر خطرا من الإرهاب، وان العراق لا يتعرض لخطر القاعدة والإرهاب وإنما لخطر جماعات أطلق عليها احد كوميديي الحكومة اسم quot;عبدة الشيطانquot;.
لقد بات واضحا إن حلم العراقيين بالديمقراطية والحريات والدولة المدنية الذي بدأ مع زوال دولة quot;القائد المؤمنquot; قد أجهض والى غير رجعة، والسبب قوى سياسية ضحكت ومازالت تضحك على الناس بشعارات مضللة.
كان العراقيون يأملون من هذه القوى أن تنهض بحياتهم، وتشرع قوانين تمنع سرقة المال العام، وتمنع المسؤولين من تزوير شهاداتهم، تمنع تحويل مؤسسات الدولة إلى ملكية لأحزاب وأشخاص.
الكل يتحدث عن القضاء ودولة القانون والقيم والأخلاق ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلان تنظيم جديد سيطلقون عليه اسم quot;عبدة الدكتاتورquot;، اليوم الناس تشعر بالخجل لأنها صدقت أن زمان الوصل مع الدكتاتورية قد ولى، لان البعض أدمن عادة عبادة الدكتاتور.