علي حماده

يتوهم البطريرك بشارة الراعي ان مواقفه المؤيدة ضمنا لنظام بشار الاسد يمكن ان تؤثر في الرأي العام الغربي، او انها مؤثرة في اروقة القرار. ويتوهم بخطاب لا نهنئه عليه، وخصوصا انه يتزامن مع المجزرة الكبيرة التي يرتكبها النظام في حمص، ان كلاماً من نوع ان سوريا بنظامها الحالي هي الاقرب الى الديموقراطية على اساس ان دين الدولة ليس اسلاميا سوف يساهم في منح قتلة الاطفال في سوريا براءة ذمة من حبر كبير كبطريرك الموارنة. هذه اوهام يا صاحب الغبطة، فسجل بشار الاسد في بلاده المثقل بالقتل لا تمسحه حتى تصريحات بطريرك في لبنان مهما غلّفت بحديث عن وضع المسيحيين. فالمطروح اليوم ليس مصير مسيحيين بل مصير الانسان في سوريا. والسؤال كيف يقحم البطريرك الراعي نفسه في موضوع سوريا بهذا الشكل مدافعا عن بشار الاسد قاتل الاطفال في سوريا؟ اكثر من ذلك كيف يغامر بطريرك الموارنة بالحكم على الثورات العربية على اساس عنصري نصرة للنظام في سوريا؟
ان مواقف البطريرك من الثورة السورية تضعه في الموقع المناهض لحرية السوريين وكرامتهم. انها تضعه في موقع مناهض لحمزة الخطيب والمئات من اقرانه اطفال سوريا الشهداء. انها تضعه في موقع مناهض لاطفال درعا، وبابا عمرو، والرستن، وحماه، والزبداني، ومعرة النعمان وغيرها. انها تضعه في موقع مناهض لمنشد الثورة ابرهيم قاشوش الذي اقتلعوا حنجرته، ولرسام الثورة علي فرزات الذي كسروا اصابعه ورموه على قارعة الطريق.
هل هذا ما تبشر به كنيسة اول ثوار الانسانية السيد المسيح الذي سار على درب الجلجلة وآثر ان يصلب؟
كنا فضلنا لو ان البطريرك نأى بنفسه فلم يندفع مرة جديدة في حملة للدفاع عن قتلة الاطفال لأنه لم يخدم قضية المسيحية في الشرق بل حاول ان يربطها بالاستبداد والمستبدين وقتلة الاطفال فأضر بالمسيحيين اكثر مما يتصور، وغاب عنه ان المسيحيين في سوريا لن يعيشوا مع بشار الاسد وعائلته الى الابد بل انهم سيتقاسمون مستقبل سوريا مع مسلميها. وتالياً كان الاحرى برئيس كنيسة كبيرة كالكنيسة المارونية وبوزنها ألا يقصر همومه على حاضر المسيحيين بقراءة عمومية، بل ان يراهن على مستقبلهم لعشرات السنين بل ومئات السنين كقوة دفع نحو التغيير بدل التقوقع في موقف يجافي منطق التاريخ في المنطقة.
في المرة الاولى قيل ان الصحافة حرفت كلام البطريرك، ثم اتهم الاعلام بانعدام الفهم، ثم قيل ان البطريرك مع الثورات ولكنه يخشى ان يدفع المسيحيون ثمن الثورات والاقتتال الداخلي كما حصل في العراق. ثم قيل ان الاسلام السياسي الذي تبلور من خلال صناديق الاقتراع في مصر وتونس مقلق وسيئ. واليوم نسمع الراعي يعبر عن خشيته من ان يتحول ربيع العرب شتاء. اما نحن فنخشى ان تعجًّل مناصرة البطريرك قتلة الاطفال في خريفه