سعيد اسماعيل علي

ربما هذه هى المرة الأولى فى تاريخ مصر، يختار فيها المصريون رئيس دولتهم..صحيح شهدنا بعض ملامح، وخبرات سابقة فى اختيار من يحكمنا، لكنها كانت منقوصة بصورة من الصور، فاختيار محمد على والياً على مصر عام 1805 كان باختيار العلماء، وليس جموع الشعب

، وعدد من تولوا رئاسة الوزارة فى العهد الملكى، كانت هناك قوة القصر، والنفوذ الإنجليزى، تحدان من إرادة من يتولاها. ونحن نعلم كيف كانت انتخابات الرئاسة تتم منذ عام 1956، حتى قيام ثورة يناير 2011، وألا ينبغى أن ننكر أن زعيما مثل جمال عبد الناصر، كان محبوبا بالفعل من الكثرة الغالبة من المصريين، ولم تكن الانتخابات فى عهده إلا مجرد إضفاء الشكلية على ما هو واقع.
وما دام الأمر هذه المرة، حتى الآن، جديا، فسوف أبحث فى أحاديث ولقاءات وبرامج المرشحين، بحيث أختار من تتوافر فيه الجوانب الآتية:
- أن يكون ولاؤه لله، بأن يسعى إلى خدمة العباد وإعمار الأرض، وانتماؤه لمصر، فيعمل على كل ما يرفع من شأنها، ويبث فى عروقها دماء قوة وعافية، وجهده لخدمة شعب مصر، بسد احتياجات أفراده الأساسية، بغير تفرقة بسبب ملة أو مذهب أو طائفة أو عرق.
- أن يسعى، وعلى الفور، فى تنفيذ برنامج لتأكيد هيبة الدولة، فلا دولة بغير هيبة، ولا هيبة بغير سلطة، ولا سلطة بغير إرادة توفر الأمن الذى يؤكد هيبة الدولة، وسيادة المواطن.
- يقدم برنامجا قابلا للتنفيذ للنهوض الاقتصادى القائم على:
أ- البحث العلمى، حيث لا سبيل لإحراز أى صورة من صور التقدم بغير بحث علمى، بينما تحتل مصر الآن مكانة أقل من متواضعة بين دول الإقليم، ودول العالم.
ب- العدل الاجتماعى، فليست المسألة هى مجرد نمو، بل لابد أن يتوزع ناتج النمو على جموع المواطنين، وفق قواعد العدل والكفاءة.
ت -الاقتصاد الإنتاجى، بدلا من الاقتصاد الريعى القائم الآن.
- يؤمن بالنظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى، حيث إن الرئاسى سلطة مطلقة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، والبرلمانى يقتضى أحزابا قوية، وهى ليست متوافرة الآن.
- أن يكون عف اللسان، خاصة فى الآونة الحاضرة، عندما يتحدث عن منافسيه، فمن يذكر منافسا له بسوء، من غير مناقشة علمية نقدية هادئة، لا نأمن أن يكون متقبلا للنقد، مؤمنا حقيقة بالحوار والجدال بالتى هى أحسن.
- يسعى بكل السبل كى تقوم مصر برسالتها الثقافية فى دول المحيط، فمن يطلع على ما كان قبل ما يقرب من نصف قرن، سوف يجد أن مواطنى الدول العربية قد دانوا بالمكانة العالية لمصر، من خلال معلميها، ومجلاتها وصحفها وإذاعتها، وكبار مفكريها وعلمائها، وهو ما يُعرف الآن laquo; بالقوة الناعمةraquo;.
- يقدم برنامجا للإصلاح الإدارى، حيث نلمس بكل وضوح أن صور التعثر فى كثير من المشروعات والبرامج، يعود بدرجة أساسية للفساد الإدارى أو سوء الإدارة، وعلى سبيل المثال، فلدينا موارد مالية كافية، لكن إدارة شأنها سيئ، وهكذا قل فى كثير من الأمور.
- يؤمن إيمانا جادا، مصحوبا بحركة وعمل، بأن لمصر خارج حدودها ثلاثة آفاق، لابد من دوام الحركة العاقلة الرشيدة فى محيط كل منها، دون تصور أن فى ذلك تبديدا للجهد لأن قوة الدول، تقاس، فى جانب من جوانبها، بما يكون لها من مكانة وقوة تأثير على دول المحيط، هذه الآفاق الثلاثة هى: الأفق العربى، والأفق الإفريقى، والأفق الإسلامى، ويكون ذلك، كما تعارف علماء السياسة وخبراؤها، وفقا للمصلحة الوطنية، وليس مجرد تخوفات زرعتها فى حكامنا قوى كبرى لمصلحتها هى، كما هو الشأن بالنسبة لإيران على سبيل المثال، فنحن لا ينبغى أن نخاصم دولة بسبب اختلاف المذهب، فضلا عن أننا ndash; حتى الآن ndash; نفتقد أى دليل مادى يبين أنها تستهدف مصر بسوء، خاصة أن إسرائيل نفسها التى كان لها ما لها بالنسبة لنا، مما هو معروف، وعقدنا معها اتفاقية سلام، ومع ذلك تكشف أجهزة الأمن من حين لآخر تنظيما يعمل لمصلحة إسرائيل ضد مصر، فبأى معيار نسير؟
- أن يملك مشروعا للنهوض بالتعليم، الذى هو مدخل أساسى للنهوض المجتمعى، والعكس أيضا صحيح، بمعنى أن النهوض التعليمى يستحيل أن يتحقق بغير نهوض مجتمعى عام. ولابد لهذا المشروع أن يكون متكاملا شاملا لكافة عناصر المنظومة التعليمية، من معلم، ومنهج وكتاب، وتقويم، ومبان، وأنشطة، وإدارة تعليمية، وتجهيزات، وفى سبيل ذلك، يكون الإعلان فور تسلم السلطة، عن تشكيل مجلس وطنى لسياسات التعليم فى مصر، يكون ملزما لوزارتى التربية والتعليم العالى، مستقلا عنهما، يكون أعضاؤه من بعض المفكرين وأساتذة التربية والاجتماع والاقتصاد والسياسة، والدين، فضلا بطبيعة الحال عن ممثلى التعليم الرسميين.