زهير الدجيلي


وصلت الخصومات بين أجنحة السلطة في العراق الى درجة التهديد بكشف الأسرار، وما جرى في مجالسهم الخاصة ضد بعضهم البعض، وما تم التفاهم عليه خفية بعيدا عن معرفة المواطن ومن دون علم الشعب.

فقد هددت كتلة المالكي الحاكمة بانها ستكشف وثائق تدين القيادة الكردية البرزانية، فيما كشف رئيس الوزراء نوري المالكي لمحطة تلفزيونية كردية سرّاً مفاده: ان البرزاني هدد بسحب وزرائه اذا تم تعيين وزير من كتلة laquo;التغييرraquo; الكردية المعارضة، مما أحرج البرزاني وأثار بلبلة بين الأكراد انفسهم.

فـlaquo;التغييرraquo; لديها 8 مقاعد في البرلمان العراقي، واكثر من 20 نائبا في برلمان كردستان، وكانت تستحق التمثيل في مجلس الوزراء، ولو بوزير واحد، ولكن حسب ما كشف عنه المالكي فانه عزف عنها مداراة لرغبة البرزاني. ولما تبدلت ايام الصفاء بأيام البغضاء الحالية، فكان لزاما على المتخاصمين على السلطة ان يكشفوا عورات بعضهم البعض.

وفي المقابل، ردّ التحالف الكردستاني على المالكي بالقول: ان مساعيه خائبة وسنكشف وثائق عن سوء ادارته وتلاعبه بالسلطة، وما افصح لنا من نوايا ضد الآخرين. وهذا يعني ان مجالس المالكي مع الأكراد لم تخل من مواقف مسيئة للآخرين، وأنها لم تعد بـlaquo;الأماناتraquo;.

والتهديد بكشف الأسرار والفضائح لم يقتصر على محيط العلاقات بين حكومة بغداد وحكومة أربيل، او بين المالكي والبرزاني وعلاوي والصدر والهاشمي وغيرهم، انما بات ظاهرة سياسية من ظواهر النظام، بعد أن فقد القادة فيه الحياء ونزاهة اللسان فيما بينهم ومع بعضهم البعض، ولم يعد احد يتوانى عن الاطاحة بالآخر والكيد له واعتقاله ومحاكمته وكشف خصوصياته.

فكتلة المالكي مثلا كشفت ان ابن البرزاني أنفق في القمار مليون دولار في ليلة واحدة، وردت كتلة البرزاني بان ابن المالكي انفق كذا وكذا وسرق كذا وكذا. فيما باتت وسائل اعلام الفرقاء تزخر بقصص الفساد والفضائح.

وفي جهة اخرى، قال المالكي: ان هناك الكثير من الساسة laquo;المتفرعنينraquo; بالقتل والطغيان، ويجب ان نوقفهم عن حدهم. واستخدم وصف laquo;المتفرعنينraquo; كثيرا في خطاباته الأخيرة، في اشارة للمعارضة التي تطالب بتنحيته، فكأنه يعتقد ان كل معارض له من قادة الكتل الأخرى هو laquo;فرعونraquo; متفرعن عليه!

ومنذ تسع سنوات ولغاية الآن ما زلنا نسمع ونقرأ تصريحات نواب من هذه الكتلة او تلك، وهم يهددون خصومهم ومنافسيهم بانهم سيكشفون الوثائق التي تدينهم بالارهاب والفساد. حتى اصبح المواطن يتساءل: إذا كانت هذه هي اللغة المستخدمة بين قادته والمستمدة من ثقافتهم وأخلاقهم، فهل يستطيع ان يثق بوعودهم له بانهم سيصنعون له مستقبلا زاهرا؟!

لكن الواقع ان آلاف الناس أصبحوا يرفعون ايديهم كل صباح بالدعاء بالموت على من جلب لهم هذه laquo;الشكولاتraquo;، والحليم تكفيه الإشارة.