عدنان سعد الزعبي

المبادرة العربية كانت قد طرحت انتقالا سلميا للسلطة من بشار لنائبه الشرع والبدء بتشكيل حكومة انتقالية وطنية تقوم على اجراء انتخابات ، وتعديل الدستور السوري والتقاء الناس بعيدا عن إراقة نقطة دم . والمشكلة عند النظام السوري تعويله على الدعم الروسي والإيراني ، والتمسك بمبدأ الإخماد عن طريق القوة واللعب بالوقت ، حتى يتم تصفية أية جماعات عسكرية ، سواء كانوا محليين أم قادمين من الخارج .
لم يع النظام السوري أن هناك فرصة سانحة لتجاوز كل ما وصلت اليه الأمور حاليا ، ونسي ان إرادة الشعب سوف تتضاعف وتشتد ضراوة كلما أُريقت نقطة دم ، حيث دفعت أمريكا وأوروبا ورجالاتها في المنطقة الى الوصول لحالة اللاعودة التي تضع كل من النظام والمعارضة في باب كسر العظم .
نجحت عواصم صنع القرار التقسيمي بالإطاحة بسورية ، والوصول الى مقر الأمن القومي السوري ، وقتل رجالات الأمن السوري الأوائل. فالرئيس الأسد او من يحيطون به لم يتعلموا من درس ليبيا ولا مصر ولا تونس ويلتصقوا بشعبهم ويسارعوا في تحطيم كل ما يعزز الفرقة بين الشعب والنظام ، وتفويت كل الذرائع التي يحاول الغرب فرضها على سورية باعتبار ذلك هو جسر الأمن الحقيقي للنظام والشعب على حد سواء .
نعم ، نحن مع إرادة الشعب السوري وحريته وامنه وسلامته ، مع سورية الموحدة ، والأرض التي لا يطاها الا الشرفاء. وهي مطالب كان من المفروض على النظام السوري ان يدركها ، لأنه في نقيض ذلك الدمار والهلاك كما هو الحال حاليا .
وقت التراجع وإصلاح ما فات يبدو متأخرا جدا ، حيث وصلت الأمور إلى مرحلة النهاية ، وقد فات الأوان وجاء وقت دفع الثمن . ولا نعرف أي ثمن قاسٍ سوف تدفعه سورية اذا استمرت حالة اللاوعي واللا إدراك ، وساهم الشعب نفسه بتحقيق مطامع الغرب والصهيونية في تمزيق سورية وتفتيتها بالصراعات الأهلية .
النظام السوري الآن لا خيار أمامه الا إنهاء حالة العنف ووقف سيل المذابح التي يمكن ان تتطور لتصل إلى حد استخدام الأسلحة الفتاكة انتقاما وتصفية ، وهذا ما لا يستحقه الشعب السوري الذي أعطى وأعطى لسورية والأمة والنظام السوري بطبيعة الحال .
بإمكان النظام السوري الآن التنازل عن الحكم لصالح أية شخصية وطنية ، وكفّ سورية صراعات لن تنتهي ، بل ستودي بالأخضر واليابس .
القتل والدمار في سورية لن يزيد شيئا ، ولن يمنع النتيجة التي أصبحت قاب قوسين من النهاية ، وهي الأخطر في كامل المشهد السوري . مقتل قادة خلية إدارة الأزمة بهذه الدقة من الاستطلاعية والمتابعة والتنفيذ وفي منطقة الروضة المحصنة عسكريا ، يؤكد قدرة الجيش الحر ومَن يقف معهم والتي على ما يبدو بمشاركة استخبارية دولية من الوصول حتى لقعر دار نظام الاسد وسيطرة هذا الجيش على مساحات واسعة من سورية .
ان مثل هذه العملية سوف تعزز وتوسع عملية الانشقاقات ، كونها تمثل حالة دقيقة تكشف عن مدى انهيار الواقع الأمني للنظام و الوصول إلى سور الأمن وهرم القوة فيه .
مَن فجّر مقر الأمن القومي ؟ ومَن خطّط لذلك ؟ وما مدى قرب المنفذين من الاسد ؟ وهل اختُرق النظام الأمني السوري ؟ أم في الخفاء أجوبة غير التي ذكرنا ؟ الأيام والتداعيات ستكشف المستور، وإنّ غداً لناظره قريب .