لندن

التطورات المتسارعة للأزمة السورية، وإقدام نظام دمشق على تدمير حصون وقلاع ومواقع تاريخية يحتمي بها المتمردون، والحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء رداً على الهجمات التي شنتها جماعات إرهابية متشددة على أحد مواقعه الحدودية، وتدنى مستوى حملتي المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية.

القوة العمياء

quot;أشباح الحرب في سوريا يمكن أن تسكننا في نهاية المطافquot;، هكذا عنون quot;شاشنك جوشيquot; مقاله المنشور بـquot;الديلي تلغرافquot; يوم الاثنين الماضي والذي بدأه بالقول بأنه رغم كون القوى الأجنبية لم تكن هي من أشعل الانتفاضة السورية، فإن الشيء المؤكد أنها هي التي تساعد على استمرارها وذلك من خلال تبنيها لقضية الثائرين، وتقديم المساعدات المادية والتسليحية واللوجستية لقوات المتمردين مما ساعد تلك القوات على اكتساب قوة متزايدة يوماً بعد آخر. والموقف الذي اتخذته القوى الخارجية، ومنها دول عربية، من الأزمة السورية، يرجع لإصرار نظام الأسد على سحق التمرد بالقوة المسلحة العمياء، التي وصلت لحد محاصرة وتدمير أجزاء كاملة من المدن المتمردة. لكن الحرب التي تتم بالوكالة والكثير من سماتها موجود في الحرب الأهلية المندلعة في سوريا حالياً، تحمل في طياتها مخاطر مؤكدة، وهو الشيء الذي يدركه المتعاطفون مع قضية المتمردين. ويرى الكاتب أن شبح ما حدث في أفغانستان عندما قامت الولايات المتحدة وبعض الدول العربية بتقديم الأسلحة والأموال لمقاتلي quot;طالبانquot; لمقاومة الغزو السوفييتي لبلادهم، ثم ما قام به هؤلاء بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي، يلقي بظلال قاتمة على الوضع في سوريا، وينبئ بإمكانية حدوث شيء مماثل لذلك في سوريا، خصوصاً على ضوء اختلاف قوى التمرد وتشظيها وانقسامها فيما بينها حتى في المرحلة الحالية من الحرب الأهلية في سوريا. وفي رأيه أيضاً أن العمليات التي تقوم بها قوات المتمردين، ويطلق عليها quot;حروب الأشباحquot;، يمكن أن تنجح في الإطاحة بالحكومات، لكنها يمكن أن تؤدي لعقود من عدم الاستقرار، وإلى تشجيع الجماعات الإسلامية المتطرفة وتمكينها مع ما قد يترتب على ذلك من أخطار يمكن أن تتجاوز حدود سوريا إلى ما وراءها مثلما حدث في أفغانستان، وما زال العالم كله يعاني من آثاره حتى الآن.

ويرى الكاتب أن هناك ثلاثة أسباب تدعو للانشغال بما يحدث في سوريا حالياً: الأول، أن الانشقاقات والتشظي في قوات المعارضة تلقي بظلال من الشك حول قدرة المجلس الوطني السوري على إنجاز وعده بإقامة دولة تعددية ديمقراطية، خالية من التعصب الطائفي إذا ما استلم المسؤولية عقب سقوط نظام الأسد. السبب الثاني: أن هناك أقليات يتم الربط بينها -بشكل غير عادل- وبين جرائم النظام ولا يقتصر ذلك على الطائفة العلوية التي ينتمي لها الأسد وإنما يشمل أيضاً المسيحيين الذين يخشون من أن يلقوا مصيراً مثل مصير إخوانهم في الدين في العراق. السبب الثالث: أن حروب الوكالة أو حروب الأشباح عادة ما تميل للانتشار فيما وراء الحدود. أما السبب الرابع والأخير فيتعلق بإجابة السؤال : لمن يجب أن نقدم الدعم حيث تفضل كل دولة مساعدة المجموعة أو المجلس أو الجماعة التي تؤيدها أو ترتاح لها من دون أن يكون هناك معيار موحد يمكن على أساسه تقديم الدعم.

خسارة فادحة

عن الأزمة السورية أيضاً كتب quot;روبرت فيسكquot; مقالا في quot;الإندبندنتquot; يوم الاثنين الماضي تحت عنوان quot;هجمات الأسد الوحشية تمحو مستقبل بلاده... وماضيها أيضاًquot;، يقول فيه إن الهجمات المدمرة التي تشنها قوات الأسد، لا تؤدي إلى إلحاق خسائر جسيمة بشرية ومادية بهذا البلد وتستنزف موارده في حرب أهلية طاحنة فحسب، وإنما يمكن أن تؤدي إلى خسائر تطال تراثه الثقافي وتاريخاً يمتد لآلاف السنين، حيث لا تتورع تلك القوات عن دك قلاع ذات قيمة تاريخية لا تقدر بثمن، مثل قلعة quot;الحصنquot; التي احتمي بها المتمردون وغيرها من القلاع التي تعود إلى فترة الصليبين وإلى عهود الحكم الروماني لسوريا، والتي تتعرض الآن للسلب والنهب بلا رادع بسبب انعدام الأمن في الكثير من المناطق. ويرى فيسك أن أهمية التراث السوري لا تهم سوريا فقط، وإنما تهم العالم كله، وأن ذلك التراث يفترض أن يكون ملكاً لسكان سوريا في المستقبل بصرف النظر عمن يكسب المعركة البائسة التي تدور رحاها هناك حالياً. ويختتم الكاتب مقالته بالقول إن من ينتصر في هذه الحرب في النهاية- رغم أنه ليس هناك من يمكن أن يطلق عليه منتصر واضح في أي حرب أهلية- يجب أن يعيد قراءة سجلات تلك الحضارة العريقة ليعرف حجم الحماقة البشرية التي ارتكبها نظام الأسد الدموي.

استرداد الهيبة

في تقريره quot;مصر تشن ضربات جوية بعد صدامات في سيناءquot;، والمنشور في عدد quot;الإندبندنتquot; أمس الأربعاء، يقول quot;يسري محمدquot; إن المروحيات الهجومية المصرية أطلقت صواريخ على مواقع المقاتلين الإسلاميين في سيناء بعد هجمات وقعت على نقاط تفتيش أمنية بحسب إفادات بعض المسؤولين والسكان. ونقل المراسل عن مصدر عسكري مصري قوله إن ما لا يقل عن 20 quot;إرهابياquot; قد قتلوا في تلك الهجمات الصاروخية التي تعتبر الأولى من نوعها منذ حرب عام 1973. وأشار المراسل إلى أن القوات المصرية بدأت في شن تلك الهجمات بعد ساعات قليلة على هجمات تعرضت لها ثلاث نقاط تفتيش أمنية تابعة لها من قبل مقاتلين في مدينة العريش الواقعة في شمال سيناء على بعد 30 كيلومترا من الحدود بين غزة وإسرائيل. ومن جانبها رحبت إسرائيل بالعملية المصرية وقالت إنها تعبر عن غضب شديد وعن تصميم النظام والجيش على إعادة فرض النظام في سيناء لأنهما يعرفان جيداً أنهما إذا لم يستأصلا التهديد فسوف يعرضان البلاد للمزيد من التهديدات والمخاطر. وأشار المراسل إلى الحديث الذي أدلى به القائد العسكري الإسرائيلي السابق لقطاع غزة العميد quot;شموئيل زاكايquot;، لراديو إسرائيل وقال فيه quot;إن التصميم المصري كان مفاجئا وإن العمليات التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء غير مسبوقة حيث لم يسبق له منذ حرب أكتوبر أن حشد قوات بهذا الحجم في سيناء. لكن مهمة الجيش المصري لن تكون سهلة ولن تكون قصيرة لأننا نتحدث عن بنى إرهابية رسخت وجودها في المنطقة بدعم من السكانquot;. وكانت الحكومة المصرية، قبل الحادث الأخير الذي أودى بحياة 16 جنديا وضابطا مصريا في نقطة حدودية، قد تعرضت لضغط إسرائيلي وأميركي لشن حملة على نشاط المقاتلين الإسلاميين في سيناء، بعد أن سادت الفوضى والعنف في المنطقة خلال الثمانية عشر شهراً الماضية.

عادة متأصلة

وفي افتتاحيتها الاثنين الماضي تحت عنوان quot;سياسات رخيصةquot;، شنت الـquot;ديلي تلغرافquot; هجوماً لاذعاً على باراك أوباما وميت رومني، بسبب تكتيكاتهما في سياق حملتهما الانتخابية والتي يركز فيها كل طرف على قذف الطرف الآخر بأكبر كم من القاذورات، بدلا من التركيز على نقاطه الإيجابية وعلى برامجه لحل المشكلات العديدة التي تواجه بلاده حالياً. فأوباما، ونتيجة لأنه غير قادر على الدفاع عن سجله غير المتسق في الاقتصاد، يسعى لإقناع الناخبين بأن رومني شخص اعتاد انتزاع الحقوق، والتهرب من الضرائب، والتقلب المستمر في سياساته وتوجهاته.

أما رومني الذي يفتقر إلى الكاريزما الكافية التي تمكنه من إقناع الناخبين بمؤهلاته القيادية، فيسعى للدفع بأن أجندة الرئيس الليبرالية وميوله المضادة لأميركا تمثل تهديداً لكل ما تعتز به الأمة الأميركية وما ترمز إليه.

وتقول الصحيفة إن تلك العادة ترجع إلى سمة متأصلة في السياسات الأميركية حيث يحاول كل مرشح خلال الحملة أظهار قدرته على مهاجمة خصمه، وإعطاء الإيحاء بأنه شخص خشن، لأنه بدون ذلك لن يقتنع الناخبون بجدارته بالمنصب الرئاسي.

إعداد: سعيد كامل